يستعرض كتاب" قصة الكفاح الوطني في سورية" للباحث علي رضا، نضال السوريين ومناهضتهم لأي شكل من أشكال الاحتلال والاستعمار والاستبداد. ويبين المؤلف انه في عام 1908 خُلع السلطان عبدالحميد عن عرش الدولة العثمانية، ولكن الذين جاؤوا بعده، لم يكونوا أقل منه عنفاً، في محاربة القوميات التي تريد حرّيتها، فنكلوا بالعرب.

وزجوا بالثوريين في السجون، فتألفت جمعيات عربية، كان غايتها مهمّة التحرير حتى تتخلص البلاد العربية منهم. ولم يجد العرب خلاصاً إلا بإعلان الثورة العربية، فأطلق الحسين بن علي الرصاصة الأولى، عام 1916، في الثاني من يونيو.

وينتقل علي رضا، الى الحديث عن إعلان الأمير فيصل بن الحسين، قيام الدولة العربية في دمشق، نيابة عن والده، ومن ثم مهاجمة الفرنسيين، في العاشر من أكتوبر 1918، المرافئ السورية واحتلالها. وعقبها، أُبلغ الأمير رسمياً، قرار الحلفاء، بجعل مهمّة الانتداب على لبنان وسوريا لفرنسا، إلى أن أرسلت فرنسا إنذار غورو، فرفضه المؤتمر السوري.

ونادى بالدفاع عن استقلال البلاد، واستعدّ وزير الحربية، آنذاك، يوسف العظمة، للمعركة، بما لديه من الرجال، ذلك لإنقاذ البلاد، وخرج ميمماً وجهة جنوب ميسلون، والتي استشهد على أرضها . ويحكي المؤلف، كيف قامت، بعد ذلك، الثورات السورية، فكان منها :

ثورة الشمال والساحل، ثورة دير الزور، ثورة جبل العرب، الثورات في المنطقة الوسطى، ثورات البادية، وثورة دمشق والغوطتين، ثورات في الشوف والحولة وجنوب لبنان. الى ان توج ذلك، بقيام الثورة السورية الكبرى، بقيادة سلطان باشا الأطرش.

ويشير المؤلف إلى أنه، وعلى إثر ذلك، تمزقت البلاد إلى دويلات، وكان موقف المفوض السامي على سوريا، أنه سوّّف وماطل واتهم السوريين بأنهم الذين يعرقلون التفاهم والتصالح والتعايش السليم، إلى أن تشكّل الوفد السوري إلى جنيف، والذي أقر: أن جمعية الأمم تعترف في المادّة 22، بوحدة سوريا، ولا توافق على تجزئتها، وبسط أفعال فرنسا في سوريا، من تغريم الناس وسلب ما يملكون من الذهب، بقوة السلاح .

ويبين المؤلف انه اجتمع المجلس النيابي في 7 يونيو عام 1932، وانتخب محمد العابد رئيساً للجمهورية، وصبحي بركات رئيساً للمجلس، وفي الـ 16 من فبراير عام 1937، اجتمع أعضاء الكتلة الوطنية في مؤتمر عقد في حلب، حضره هاشم الأتاسي وإبراهيم هنانو.

وكثير من الشباب الوطني المثقف. وفي 3 اكتوبر، حضر المفوض السامي إلى دمشق، فأصدر قراراً بإغلاق المجلس النيابي إلى أجل غير مسمّى، وأطلقت يد الشيخ تاج الدين الحسيني رئيس الوزارة، في الحكم، وحمل حملة شعواء على المعارضة الوطنية. وكان الإضراب الذي شمل كل المدن السورية .

وكانت دمشق قد أرسلت برقية احتجاج إلى الملك عبدالعزيز بن سعود، تهيب به أن يتدخل لدى الحكومة الفرنسية، لمنعها من نقل الحجاج بواسطة شركة الملاحة الشرقية، والتي كان معظم مساهميها من الفرنسيين. وأضربت مدن سورية، للمرّة الثانية، احتجاجاً على سوء إدارة المفوض السامي.

وعلى تنفيذه الخطط الاستعمارية في نهب ثروات الشعب ومصادرة حرياته. وتبع ذلك تحرك سياسي ضد الأحوال المعاشة. ومن ثم وقعت المعاهدة بين سوريا وفرنسا في " قصر الساعة " بباريس، وجرت الانتخابات العامّة في سوريا، ففازت قائمة الكتلة الوطنية.

ويوضح رضا أنه، بعد هذه الفترة، أعلنت الحرب العالمية الثانية، في 12 سبتمبر 1939عام ، وفي 13 سبتمبر، دخلت إنجلترا الحرب، إلى جانب فرنسا، ولم تصمد فرنسا طويلاً أمام الزحف الألماني، ففي 5 يونيو من العام 1940، اخترق الألمان خط " ماجينو "، واحتلوا الجهات الشرقية من فرنسا. وفي 25 يونيو عام 1940 استسلمت فرنسا.

وقامت فيها حكومة فيشي، فأرسلت مندوباً جديداً إلى سوريا، هو الجنرال دانتز . وفي أوائل شهر يوليو اغتيل الدكتور عبدالرحمن الشهبندر، الزعيم الوطني الثائر. وفي أوائل شهر يونيو من العام 1941، دخلت الجيوش البريطانية إلى سوريا، ومعها فرقة من قوات فرنسا الحرّة، بقيادة الجنرال كاترو، وطردت قوات " فيشي " منها.

وفي 20 يونيو عام 1941، أعلن الجنرال كاترو استقلال سوريا ولبنان التام. وفي الساعة الخامسة عشرة، يوم 29 مايو عام 1945، وجّه الجنرال أوليفا روجه، الذي تمّ تعيينه مندوباً سامياً، إنذاراً إلى رئيس مجلس النواب، تضمن التهديد والوعيد، وفي الساعة الخامسة والنصف، من اليوم نفسه، بدأ الفرنسيون تطويق المجلس النيابي.

وقاموا بقذفه بقنابل الهاون والدبابات، بوحشية دموية، كما ضربوا بالنيران، المؤسسات الرسمية والمنازل الآمنة، واستعملوا لذلك المدافع والرشاشات والبنادق والطائرات، فسقط ما يزيد على مئة شهيد.وتحرك الرأي العام العالمي ضد الأعمال التي قامت بها فرنسا في سوريا، والتي لا مبرر لها ضد شعب يطالب بحقه المشروع في الحرية والاستقلال، وضيق الوطنيون الحصار على الثكنات الفرنسية، في جميع المحافظات السورية.

وأنزلوا بالفرنسيين خسائر جسيمة، وفي الثالث من شهر يونين، تدخلت القوات الإنجليزية، وتوقف العدوان الفرنسي على مدينة دمشق. وتقدمت سوريا بطلب إلى مجلس الأمن الدولي، تطلب فيه عقد جلسة خاصة لمناقشة قضية الجلاء العاجل عن أراضيها، وبعد مداولات عدّة، تقرر أن يكون الجلاء في 13 ابريل عام 1946، وتمّ جلاء آخر جندي فرنسي وبريطاني، عن سوريا، في الساعة التاسعة من صباح 15 ابريل 1946، بعد احتلال دام ربع قرن.

 

 

 

 

 

الكتاب: قصة الكفاح الوطني في سورية

تأليف: علي رضا

الناشر: دار الحارث دمشق 2011

الصفحات: 396 صفحة

القطع: المتوسط