يسجل كتاب "أم كلثوم"، لمؤلفه الأمير أباظة، مسيرة حياة وكفاح ونجاح سيدة الغناء العربي، موثقا انجازاتها وما حققته من شهرة نوعية. ويبين أباظة ان مجلة "صنداي تايمز" اختارت أم كلثوم، مع اربع شخصيات مصرية مؤثرة في الحضارة الانسانية، وهذه الشخصيات هي:

جمال عبد الناصر، أنور السادات، أم كلثوم، أحمد زويل. وينتقل المؤلف الى توضيح محطات حياة أم كلثوم، شارحا انها مطربة مصرية ولدت عام 1899 وتوفيت عام 1975، وهي سيدة الغناء العربي بلا منازع، وعندليب النيل، وأعظم مطربة ظهرت في تاريخ العالم العربي.

ويشير أباظة إلى انه لم يتوقف سيل إطلاق الألقاب والصفات الفريدة عليها، طوال حياتها، وحتى بعد رحيلها، ولا يزال الجميع يحترم فنها، من المغرب إلى إيران. ويبين المؤلف انه في مصر، كانت الحركة تتوقف تماما مساء كل خميس، عندما كانت تشدو كوكب الشرق، بأغنية على أحد مسارح القاهرة .. وحتى انه قيل ان الرئيس عبد الناصر لم يلق مطلقا أي خطاب أو يأخذ أي إجراء ليلة الخميس، لأنه لن يستمع إليه أحد !

ويوضح المؤلف ان سيدة الغناء العربي، بدأت الغناء بالقاهرة، نحو العام 1922، وسجلت أولى أغانيها في عام 1925، بمصاحبة فرقة موسيقية، مؤلفة من 40 عازفا. وفي العام 1926 شكلت أوركسترا، وأصبحت بسرعة، أكثر مطربي المدينة شعبية.

ويؤكد أباظة أن وفاتها أحدثت صدمة كبيرة في العالم، وأدت جنازتها إلى إصابة القاهرة بشلل تام.

ويشير المؤلف إلى انه، ولو كان لنا ملاحظات كثيرة على اختيارات المجلة الإنجليزية: "صنداي تايمز"، من الشخصيات العامة في العالم، فإننا نتوقف فقط أمام اختيارها لأم كلثوم، وهذا الاختيار يأتي من دراسة واعية لحركة المجتمع العربي، خلال العصر الحديث. فصحيح أنه هناك في مجال الموسيقى والغناء، من يمكن أن يقف على مستوى أم كلثوم، مثل سيد درويش أو محمد عبد الوهاب.

ولكن امتداد أثر أم كلثوم، والذي أشارت إليه المجلة، إلى خارج مصر، إلى العالم العربي، بل وقول المجلة الحقيقة التي يدركها كل عربي، من أن أم كلثوم قد وحدت الشعب العربي، بصورة لم يحققها انسان غيرها، وهي صورة واقعية وحقيقية. وقد تغطي الفارق بين أم كلثوم وكل من سيد درويش وعبد الوهاب، وخاصة في حيثية قيامها بالتلحين أولا وبالغناء ثانيا.

ويلفت المؤلف إلى أننا ونحن نحتفل بذكرى أم كلثوم، لا بد وأن نستحضر موقفا متناقضا جرى في مصر مع مواجهة أم كلثوم ولعدة سنوات، تمثل في محاربتها وتكبيل انطلاقتها، إلى أن حسم ذلك تدخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، شخصيا.

ويبين المؤلف انه رشحت أم كلثوم لجائزة الدولة التقديرية للمرة الاولى، في عام 1959، ولكنها لم تحصل عليها إلا في العام 1968. ومن ثم في عام 1958 رشحتها اللجنة الموسيقية العليا، وقالت في مبررات الترشيح، إنها قدمت أعمالا راقية ومتميزة. ولكن اللجنة رفضت منحها جائزة الدولة التقديرية، باعتبار أنها مؤدية وليست مؤلفة، ويبدو أن هذا الرأي كان متداولا ومعروفا مقدما.

. وهي لم تمنح الجائزة إلا في عام 1968، بعد تدخل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر شخصيا، وأعرب حينها عن دهشته الشديدة مما سمعه بشأن رأي المسؤولين حول الموسيقى في المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، من أن أم كلثوم لا تستحق جائزة الدولة التقديرية لأنها مؤدية وليست مؤلفة، على حد قول اللجنة، والتي ترأسها، حينها، الدكتور حسين فوزي. وقد اجتمعت اللجنة برئاسة الكاتب الراحل توفيق الحكيم، ومنحتها الجائزة، عن جدارة واستحقاق.

ويختار المؤلف ان يلمح في الختام، إلى حقيقة ان أم كلثوم بعد رحيلها عن عالمنا، منذ 37 عاما، لا تزال تُدرس أعمالها في معاهد الموسيقى العالمية. وشهدت القاهرة خلال العامين الماضين، وصول شباب وفتيات، الى قرية أم كلثوم، في طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية، للبحث حول حياتها، منذ أن كانت صغيرة، وإلى أن صارت هرما لا يهتز، ليقدموا عن حياتها دراسات علمية لنيل الماجستير والدكتوراه.

ويطلعنا المؤلف على انه نشرت مجلة "لايف" الأميركية، دراسة مطولة عن أم كلثوم، كتبها جوردون جاسكل، بعنوان : أم كلثوم وصوتها الجبار . ويشدد أباظة، على انه ظلت أم كلثوم، على مدى 40 عاما، متعة العالم العربي والإسلامي، وأن لها أثر السحر في القلوب والعقول والمشاعر، لدرجة أنه أثناء الحرب العالمية الثانية، تنافست عليها، دول الحلفاء ودول المحور، لدرجة أن صوتها كان يستغله الإنجليز والألمان دون رضاها، وكانت أغانيها تسبق دائما برامج الدعاية الموجهة إلى الوطن العربي.

 

 

 

 

 

 

 

الكتاب: أم كلثوم

تأليف: الأمير أباظة

الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة وزارة الثقافة القاهرة 2012

الصفحات: 200 صفحة

القطع: المتوسط