"الرماة السنغاليون 1939-1945"، موضوع الأطروحة التي نال عليها جوليان فارجيتاس شهادة الدكتوراه في التاريخ، والتي يتم نشرها اليوم، تحت العنوان نفسه، في كتاب خاص، ومرفقة بعنوان فرعي: "الجنود السود بين الأساطير والوقائع".

ينبه المؤلف القارئ، ومنذ البداية، إلى ان عبارة "الرماة السنغاليون" ليست تعني بالضرورة من هم من السنغاليين. فالمقصود الرماة من بلدان إفريقيا السوداء، جنوب الصحراء. وأما تسمية السنغاليين، فقد أطلقت عليهم، كون الفوج الأول منهم، جرى تأسيسه في السنغال. وهؤلاء الجنود السود هم من الذين ينتمون إلى المستعمرات الفرنسية السابقة في إفريقيا، وشاركوا في مختلف المعارك التي خاضها الجيش الفرنسي. وشاعت عنهم غالباً تسمية "القوة السوداء".

وما يؤكده مؤلف الكتاب، هو أن تاريخهم ملتصق بواقع تشكيلات وصفوف الجيوش الفرنسية السابقة، في إفريقيا، وقد شاركوا في مختلف المعارك التي خاضتها. وشاعت عنهم غالباً تسمية "القوة السوداء".

يقدّم المؤلف، في الصفحات الأولى من الكتاب، لمحة تاريخية عن الرماة السنغاليين. وكان قرار تأسيس تلك القوة السوداء، قد جرى توقيعه من قبل نابليون الثالث، بعد أن كان لويس فيديرب، الحاكم العام لإفريقيا الغربية الفرنسية آنذاك، قد أسس المجموعات الأولى منهم، في السنة ذاتها، ذلك لمواجهة مستلزمات المرحلة الاستعمارية. وكانوا يضمّون حتى عام 1905، العبيد الذين اشتراهم الفرنسيون من أسيادهم المحليين، وسجناء حرب ومتطوعين متنوعين. وفي كل الحالات كانوا يشكلون أحد مكونات ما عُرف بـ"الجيش الاستعماري".

وإذا كان الرماة السنغاليون، قد شاركوا في الحرب العالمية الأولى باسم العلم الفرنسي، فإن مساهمتهم الكبرى كانت في الحرب العالمية الثانية. ويحدد المؤلف القول ان عدد القوات الاستعمارية عند بداية تلك الحرب، بلغ نصف مليون مقاتل. ومن بين مجموع 000 60 جندي فرنسي قتلوا أثناء الاجتياح الألماني لفرنسا، كان ثلثهم من بين جنود الجيش الاستعماري.

ومن الملاحظ أن مؤلف هذا الكتاب، لا يركّز كثيراً في تحليلاته على مواقف القيادات العليا العسكرية والاستعمارية، ولكن يحاول تقديم الرماة السنغاليين، من حيث طريقة تفكيرهم، وكيف كانوا يمارسون "مهنة الحرب"، وطرق عيشهم، وظروف قتلهم وكيف عادوا إلى ديارهم. إنه باختصار يناقش تاريخ الجنود السود، في الحرب العالمية الثانية، ضمن إطار السياق الاستعماري العام.

هذا التاريخ، يقدمه المؤلف من خلال ثلاثة أقسام رئيسية يتألف منها الكتاب. ويحمل الأول منها، عنوان: "الجندي الذي لا بد منه"، حيث تتم مناقشة مسألة الرماة السنغاليين في المجهود الحربي الفرنسي ودورهم. والقسم الثاني مكرس لـ"مسرح العمليات"، ويحمل القسم الثالث عنوان: "بعد الحرب".

ومن المظالم التي تعرّض لها أفراد القوات الفرنسية السوداء، يذكر المؤلف، المعاملة العنصرية التي لاقوها من الألمان. وفضلاً عن أن هتلر اعتبر انخراطهم في الجيش الفرنسي بمثابة خطيئة كبرى ضد الإنسانية البيضاء، فإن جنوده، جنود هتلر، لم يترددوا، عند وقوع أسرى من الجنود الفرنسيين بيدهم، في فرز السود من أجل إعدامهم فوراً. ويعيد المؤلف إلى تلك التجاوزات، بعض العنف المفرط الذي مارسه الرماة السنغاليون ضد الألمان.

 

 

الكتاب: الرماة السنغاليون 1939-1945 الجنود السود بين الأساطير والوقائع

تأليف: جوليان فارجيتاس

الناشر: تالاندييه - باريس - 2012

الصفحات: 380 صفحة

القطع: المتوسط

 

Les tirailleurs sénégalais

Julien FargettasTalandier - Paris- 2012

380.p