يبين كتاب "الإرهاب.. البرامج الوطنية واستراتيجيات مكافحته.. مقاربة إعلامية"، لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد مسعود قيراط، أن الارهاب بات يعد مشكلة الألفية الثالثة التي أقلقت دول العالم قاطبة.

 ويعتني قيراط في هذه الدراسة بتحليل وتقييم التجارب العربية في مكافحة الإرهاب، باعتباره ظاهرة خطيرة تهدد الاستقرار الاجتماعي والسلم المدني، وتعيق عجلة التنمية في الدول الاقل نمواً. كما يقدم المؤلف مقترحات عملية في اطار وضع استراتيجية لتفعيل البرامج الوطنية لمكافحة الارهاب.

ويطرح تساؤلات مهمة ومشروعة وموضوعية، حول أسبابه وأشكاله وسماته واهدافه. وأيضاً موقعه في الخارطة السياسية العالمية وموقف الدول منه، اضافة الى حقيقة وجود دول تمارس الارهاب، أو حكومات تستخدم الجماعات الإرهابية لتحقيق أهدافها، أو دول تحتضن الارهابيين لتستخدمهم كأداة في المعارك السياسة والضغوط الدبلوماسية. وكذلك التحديات التي تواجه المنظومة الدولية في تصديها لهذه الظاهرة.

ويحرص المؤلف، بداية، على التمييز بين الارهاب والمقاومة، مبينا ان ذلك هو انطلاق من واقع وحقيقة ان ظاهرة الارهاب معقدة ومترابطة؛ ولا يمكن فهمها الا من خلال قراءة علمية سليمة للنظم السياسية المهيمنة، وتقويمها وتحليل ظروفها الاجتماعية والاقتصادية؛ ومن ثم فهم البيئة الثقافية المحيطة التي تؤدي إلى ظهور الإرهاب وتطوره.

ويرى ان عدم وجود تعريف موحد للظاهرة الارهابية، أدى الى عدم التمييز والتفريق بينها وبين المقاومة المشروعة المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1942م، والذي أعطى شعوب العالم حق تقرير مصيرها والدفاع عن مصالحها.

ويشير قيراط الى ان المنظمات المشبوهة تتحرك عبر وسائل الاعلام ودوائر اتخاذ القرار، ما يحدث خلطاً بين مفهومي الإرهاب وحق تقرير المصير، فيلحق ضرراً بالقضايا العالمية العادلة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

وتحاول دراسات الكتاب، تحديد أسباب الإرهاب وجذوره والعوامل التي تفرزه. ويوضح المؤلف انها تشمل جملة اسباب، منها ما هو اقتصادي وسياسي، وأخرى وثيقة الارتباط بانعدام العدالة الاجتماعية والتوزيع غير العادل للثروة الوطنية.

وتهميش فئات كبيرة من المجتمع. فالفقر والجهل والظروف المعيشية الصعبة، وغياب ثقافة القانون، كلها عوامل تمهد للارهاب. ويلفت المؤلف الى أنه هكذا اصبحت قضية محاربة الارهاب واجتثاثه من جذوره، أمراً مهماً لعدد كبير من الباحثين.

وانطلاقاً من تلك الخلفية، يصل قيراط إلى نتيجة مؤداها أن الارهاب لا يأتي من عدم. وينتقل المؤلف إلى نقطة حيوية، يوضح معها، ماهية ومفهوم وتطور الارهاب، وأيضا علاقته بطبيعة التحولات التي تشهدها المنطقة العربية في سياقات ومستجدات العولمة.

وكذلك حركات الاصلاح السياسي والديمقراطي والانفتاح الاقتصادي. ويركز قيراط على إيضاح واقع التناقضات التي تحكم تعامل القوي العظمى في العالم مع ظاهرة الارهاب، من منظور حقوق الانسان من جهة، ومعايير تصنيف الارهاب والدول التي ترعاه من جهة اخرى، ووقوعها في مطب الكيل بمكيالين. كما يتطرق المؤلف الى إشكالية الإرهاب والاعلام، وكيفية تعامل وسائل الاعلام مع هذه الظاهرة والعلاقة الحساسة بينهما.

ويخصص قيراط ختام أبحاث كتابه لمحور بحث يتناول موضوع توحيد الجهود وعدم التكافؤ، مقدماً توصيات مهمة تتعلق بضرورة توحيد الجهود العربية في مختلف المجالات والميادين والقطاعات، والقيام بالإصلاحات الأساسية التي تضمن العدالة الاجتماعية وفرص العمل وتحترم حقوق المواطن العربي، بوصفها الكفيلة بقطع الطريق على منابع الارهاب وتجفيفها.

ولذلك يؤكد على ان محاربة الارهاب تتطلب الكثير من التعاون الدولي والتنسيق بين الاجهزة المختلفة، غاية كشف موارد التمويل والتسليح. وأيضا يرى أن المنظومة الدولية مطالبة بمحاربة استغلال الارهاب واستخدامه من قبل بعض الدول للتحقيق اهدافها، مناديا بضرورة وضع حد لما يسمى:

"ارهاب الدولة" الذي تمارسه بعض البلدان. ومن ثم يحذر قيراط من أن ربط الارهاب بالاسلام والمسلمين والعرب لا يخدم ابدا المنظومة الدولية في محاربة الارهاب، والذي أصلاً " لا دين له ولا منطق ولاعقل". ويخلص قيراط إلى التاكيد على أن تهتم المنظومة الدولية بتطهير وتصحيح النظام الاقتصادي العالمي.

وكذلك ضبط وتقويم اتجاهات العلاقات الدولية لتكون بعيدة عن الاستغلال والتناقضات او حصول عدم التكافؤ بين الدول المتقدمة والدول النامية، منبها في هذا الخضم الى انه هناك حاجة ماسة الى اصلاحات هيكلية وبنيوية في المنظمات الدولية والقوانين والمعاهدات التي تحكم دول العالم.

 

 

 

 

الكتاب: الارهاب دراسة في البرامج الوطنية واستراتيجيات مكافحته

تأليف: ا.د. محمد مسعود قيراط

الناشر: ركز الدراسات والبحوث جامعة نايف العربية للعلوم الامنية الرياض 2011

الصفحات: 383 صفحة

القطع: الكبير