يحدد كتاب "المجتمع الفاضل" ، لمؤلفه الباحث الإماراتي، الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه، ضابطاً ورؤية مفصليين، في مساقات وجوانب موضوع الدراسة، ويشدد المؤلف في هذا الصدد، على رجائه للقارئ الكريم في أن يتفق معه في الأخذ بكل ما يوافق مقاصد هذا الضابط لحياة الناس. وكل ما خالف مقاصد الضابط يجب الوقوف عنده حتى يحصل الاطمئنان. ويبين الحاج سعيد لوتاه أن هذا الضابط، تحدده آيتان كريمتان، تتمثل أولاهما في قوله تعالى، حينما أنزل آدم إلى الجنة:

( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى )طه:123-124.

وأما الأية الثانية فهــي قوله تبـــارك وتعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُـــواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكـــُم لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَـــرْءِ وَقَلْبِـــهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ )الأنفـــال:24.

ثم يطلب الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه، من القارئ، أن يبحث معه لمعرفة الحقيقة، في ديننا الحنيف، وحقيقة تكريم الإنسان وتفضيله في قوله تعالى:

( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهـــُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحـــْرِ وَرَزَقْنَاهُـــم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً ) الإسراء:70. ويقول المؤلف في هذا الخصوص:

( نريد أن نبحث عن حقيقة هذا التفضيل الذي منحنا إياه الخالق سبحانه وتعالى، لنرى كيف ومتى سيحصل عليه الإنسان؟ وكذلك نريد أن نصل إلى هذه الحياة التي ذكرها الله تعالى. ونريد أيضاً أن نوفـــق بين مدة حياتنا القصيرة على هــــذه الأرض، وبين فطرتنــا التي فطرنا الله عليها).

ويورد المؤلف مقدمة يشير فيها إلى آيات الوصايا العشر التي وردت في آخر سورة الأنعام، مبيناً للقارئ أهمية هذه الآيات، لكي يُوليها مزيداً من التدبر، ذلك لأنها ترتبط ارتباطا وثيقاً بحياته الاقتصادية والاجتماعية والتعبدية. . ويتحسر سعيد بن أحمد آل لوتاه في مقدمة كتابه على ما آل إليه حال المسلمين اليوم من فرقة وشتات.

ومن ثم يستعرض المؤلف، صفات أفراد المجتمع الفاضل، موضحاً التزامهم وتمسكهم بالوصايا العشر وتطبيقهم لتعاليم الله تعالى، فهماً منهم لقوله تعالى في آخر آيات هذه الوصايا: ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) الأنعام:153.

كما تناول سعيد بن أحمد آل لوتاه، أيضــاً في مؤلـفه، دور المجتمع الفاضل، طالبــاً من القارئ أن يتخيل معه بأن مجتمعاً بهذه الصفات كيف سيكون تأثيره في حياة الناس؟ وتساءل ايضا: هل من الممكن أن نكون من ضمن أفراده؟ ويستطرد مجيباً عن تساؤلاته، بأن الأمر في غاية البساطة، لكنه يحتاج إلى قليل من الشجاعـــة والإرادة والتـــدريب على ذلك، والصبر. وأن نكون صادقين .. فلا نطبــق كل ما نسمعه أو يفعله غيرنا إلا بعد التأكد من صحته وأنه من مقاصد الدين.

ويلفت سعيد بن أحمد آل لوتاه، انتباه القارئ إلى موضوعٍ مهم يستحق التفكر، وهو ســـورة الفاتحـــة التي نقرأها في الفروض في اليوم الواحـــد سبع عشرة مرة، ومثلها في النوافل نسأل الله فيها أن يهدينا الصراط المستقيم، ونلح في السؤال، والله تعالى يقـــول: ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِـــي مُسْتَقِيمـــاً فَاتَّبِعـــُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُـــلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِـــهِ ذَلِكـــُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) الأنعام:153.

وتساءل المؤلف أليس هذا موضوعاً يستحق التفكر والتدبر؟ ثم ذكر المعاني التي وردت في سورة الفاتحة، مبيناً أهميتها والحكمة من وضعها قبل سورة البقرة.

ويتعرض سعيد بن أحمد آل لوتاه، لموضوع الكذب، مبيناً مدى تأثيره الضار والخطير في حياة الناس.. كما يحث القارئ على ضرورة العمل الجاد والمثابرة لاقتحام العقبة من أجل الوصول إلى معرفة الحقيقة.

ويذكر المؤلف، أيضا، متطلبـــات الإنســـان وما يحتاجـــــه في هذه الأرض، من أجـــل حيـــاة سعيـــدة، لافتا إلى أن الإنسان يحتاج إلى الإطعـــــام من الجــوع والأمــــن من الخـــوف.. حتى يستطيـــع أن يحقـــق الحكمة من خلقه.

ويوضــــح المؤلف أن القرآن الكريم، لم يترك كـــبيرة ولا صغيرة، إلا وأحصـــــاها ووضـــع لها نظامــاً، لذلك إذا حدث قصـــورٌ أو خلل ما، فإن العيب يكون فينـــا نحن، وحاشا لله، أن يكون في كتابه الكريم. ثم يستعرض المؤلف آيـــات الوصايا العشـــر التي بينـــت عدم الشرك بالله والإحسان للوالديــن وعــدم قتــــل الأولاد، وكــذلك تجنب الفواحش وعدم قتل النفس وكفالة اليتيم ورعايته والكيل والميزان، والكـــذب والوفــــاء بالعهد واخُتُتِمت بصراط الله المستقيم.

كما يوضّح المردود المنتظــــر من المجتمع الفاضل، ويذكر أن هنالك مردودا ماديا في هذه الحياة تنعم به الشعوب وتزدهر به البلاد، ويرتاح فيه العباد. فالجميع يبحثون ويتمنون أن يجدوا المجتـــمع الراقي والاقتصاد القوي والسياسة المستقرة (أي الإدارة). وعرف المجتمع الراقي بأنه الراقي في مبادئه والمترفع عن الرذائل والدونية .. مجتمــع الكفاية والعدل.

وفي حساب المردود، يقــول سعيد بن أحمد آل لوتاه، إن وقت الإنسان له قيمة وثمن، ولكن الامر يختلف من شخص لآخر. ويبين أنه بالنسبـــة لأفــــراد المجتمـــع الفاضــــــل الملتزميــن بالوصايا العشر، فإنهم يتعاملون مع الوقت بتطبيقهم لقول الله تعالى: ( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاساً * وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشاً ).

 

 

 

الكتاب: المجتمع الفاضل

تأليف: الحاج سعيد بن أحمد آل لوتاه

الناشر: دار لوتاه للطباعة والنشر والتوزيع-2011

الصفحات: 250 صفحة

القطع: المتوسط