فن

معرض «فن أبوظبي» يكرس لاتجاهات معاصرة عبر 300 فنان

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

قال الشاعر الأميركي روبرت فروست: «إن كنت تبحث عن شيء تبدي فيه بسالة، فتأمل الفنون الجميلة». فالرائعة الفنية تعكس المشيئة الحرة لصانعها. تخرج من الروح الساكنة نحو العالم الخارجي لتحاكي المتلقي، كل حسب ثقافته، ورؤيته لكنه قادر في النهاية أن يذهب إلى مناطق قد لا يقصدها الفنان وهذا ما جعل من بعض النقاد يقولون أن المشاهد شريك في العملية الفنية.

وفي المعارض الجماعية تختلف الأعمال لتناسب جميع الأذواق، لأنها وجدت أصلاً منتمية إلى اتجاهات فنية متعددة قد تستهوي البعض، وقد يذهب منها إلى أعمال أخرى يراها تحاكي روحه ومشاعره.العمل الفني كان على مدار التاريخ مثار جدل لا يمكن لأي ناقد وضع أسس أو ثوابت مستمرة فيه فهو متحرك تحرك حركة الفرشاة، ومتدرج إلى ما لانهاية كتدرج الألوان اللامحدود، بل ذهب الفنانون إلى أبعد من ذلك باتجاه وسائل تعبير حديثة كالبوب آرت والفيديو آرت وغيرها من حالات يرفض الكثير من النقاد بتصنيفها فنيا، ويبقى هذا رأي ليس إلا، فالاتجاهات المعروضة في مكان واحد تكرس التناقض والانسجام. اللون وغيابه، اللوحة والتحرر منها.

وما إلى ذلك من حالات اجتمعت في معرض «فن أبوظبي» ليبرهن في دورته الأولى على عالميته، فهو يعرض مجموعة حصرية ومختارة لـ 50 صالة عرض عالمية، من 19 دولة من مختلف أنحاء قارات العالم، مستعرضا أعمال أكثر من 300 فنان كل عبر على طريقته.وبأدواته الخاصة، فهنا تعرض اللوحات بما فيها الزيتي والمائي، والكولاج، وغيرها، إلى جانب المنحوتات بكل ما تحتمله من خامات، وأعمال أخرى صور فوتوغرافية، وورقية والاختلاف بالفن وبتوقيع الفنان يقود بالتالي إلى الاختلاف بأسعار اللوحات التي تراوحت من آلاف إلى عشرات الملايين، من الدولارات، للأعمال الفنية الأصلية.

معارض متخصصة «فن أبوظبي» الذي نظمته شركة التطوير والاستثمار السياحي، وهيئة أبوظبي للثقافة والفنون، قدم ثلاثة معارض متخصصة بالتزامن معه وهي «جوجنهايم مسيرة متحف». الذي نظم بالتعاون مع مؤسسة «جوجنهايم» لغاية 4 فبراير المقبل، ومعرض «جنازات الموناليزا» بالتعاون مع متحف اللوفر، وهو عبارة عن سلسلة من اللوحات التذكارية التي رسمها الفنان الصيني المولد «يان باي مينغ» ونصبت اللوحات الجدارية في مدخل فندق قصر الإمارات مما يشعر الزائر للفندق لأي غرض برهبة الفن وعظمته، من خلال رؤية جديدة للفنان عبر عنها بالألوان البيضاء.

والسوداء وما نتج عنها من تدرجات، مما يدل على أهمية هذه اللوحة التي رسمها «ليوناردو دافنشي» والتي داعبت على مر العصور خيال وريشة الفنانين، إذ تندرج مجموعة «جنازات الموناليزا» ضمن مبادرة متحف اللوفر التي تضمنت دعوة فنان معاصر لتقديم رؤيته الخاصة لأحد أبرز الأعمال الفنية في المتحف، فاختار «بي يان» المعروف برسمه لشخصيات شهيرة أمثال «ماوتسي تونج، بورس لي.

ومارلين مونرو» لوحة الموناليزا، لمجموعة من الأسباب لعل أهمها تأثره بهذه اللوحة، إلى جانب أهمية هذه اللوحة كرمز لمتحف «اللوفر» فرى الفنان أن السبيل الوحيد لبعث حياة جديدة في اللوحة وجعلها أكثر جاذبية هو تأبينها ودفنها، فاختار الأبيض باعتباره اللون الجنائزي في الصين، وهو اللون الغالب على «جنازات موناليزا» ويظهر في خلفية المشهد لوحتين تتناثر عليها جماجم، تمثل بصورة شخصية الوالد والابن والفنان نفسه، إحداهما قد مات.

ورغم ذلك ما زال حاضرا، بينما الآخر حي ولكن تم تقديمه في دار الجثث، لتتضح الصورة العامة للوحات الزيتية الخمس قصة ذات أبعاد زمنية مختلفة تختلط بأجواء اللوحة الأصلية الشهيرة، ولقطات من حياة الرسام، أي دور الحياة والموت، والقوة، مما جعله يبعث عبر ألوانه الجنائزية الحياة القوية من جديد.

أما المعرض الثالث فهو «الاغتراب الثاني ـ نهوض وتداعي المدن العربية» وأقيم بالتعاون مع مؤسسة الشارقة للفنون. بطريقة تذكر المشاهد بنظرية ابن خلدون عن حركة التاريخ التي أشار إليها في مقدمته.

ويشارك في المعرض على الجابري، أيرين أنستاس، رينيه غابري، ديانا الحديد، هالة القوصي، هراير سركسيان، قادر عطية، مروان رشماوي، منى حاطوم، مونيكا بورغمان، سماح حجاوي، طارق الغصين، وائل شوقي، وفا حوراني، وإطو برادة.

من الفن إلى حركة الفكرة:

بعنوان «سجنيتشر» تطل من بين أروقة المعرض مختارات ثنائية لأعمال فنانين ناشئين، من العرب والأجانب، تجاورها في أجنحة أخرى أعمال لفنانين محليين بعنوان «تعابير إماراتية» للعام 2009 بإشراف آن بالداساري مديرة متحف بيكاسو الوطني في باريس، شارك في هذا المعرض الذي يعكس التجربة الإماراتية جلال لقمان، سمية السويدي، عبد الرحيم سالم، فايزة المبارك، الشيخ سالم القاسمي، لميا قرقاش، فاطمة المزروعي، علياء السند، وريم الغيث، وعبير تهلك. ومن خلال أعمالهم يمكن التقاط ما وصفته «بالداساري» بحركة الفكرة التي تحرك الآلية السماوية والنثرية.

ومنها إلى النحت وهو جانب آخر من التعبير الفني، وفي هذا السياق عرضت مجموعة من المنحوتات بالحجم الكبير، منها رأس البوليستر المطلي، للفنان رافيندر ريدي، مع وجوه السيدات الملونة بألوان زاهية، و21 منحوتة للفنان رشيد خيمون بعنوان «أطفال العالم» و«إغلاق الذهن» للفنان سوبود غوبتا، إلى جانب مقعدين من الغرانيت على شكل عين ومن هنا أخذت تسمية «مقاعد العيون»، ويُعرض للفنان نديم كرم منحوتة «رياح الصحراء» وغيرها من أعمال موزعة في حدائق القصر، لتصبح جزءا متكاملا مع مشهد الخضرة والبحر.

كما اهتم «فن أبوظبي» بالتعاون مع المؤسسات الغير ربحية وقدم في هذا المجال عرضا لمؤسسات ثقافية ذات أهمية وتأثير في العالم العربي، وهي مؤسسة المعمل للفن المعاصر من القدس، وتاونهاوس غاليري من القاهرة ودارة الفنون- مؤسسة خالد شومان من عمان.

وعبر المشاركون في حفل الأجنحة عن مزيج تجريبي من العروض الفنية، والنقاشات.

وعروض الشرائح، والأفلام والترفيه، وهو ما ترجم فكرة «فابرس بوستيو» أمين الفنون ومحرر مجلة الفنون الجميلة «بوزارت» الذي قدم فكرته بعنوان عرض «فن أبوظبي، أحاديث ومشاعر: حفل الأجنحة» وشارك في الحفل المصممون والممثلون، والشعراء والمفكرون القادمون من دول العالم المختلفة مما جعله حفلا يترجم الثقافات إلى لغة واحدة هي الفن.

إبداعات الرواد:

لا بد أن تحضر في مثل هكذا معرض أعمال أصلية لرواد الفن المعاصر بكل ما تحمله من خصوصية وإبداع مثل لوحة الفنان «خوان ميرو» والتي جاءت بعنوان «سعادة فتاة صغيرة أمام الشمس» وكانت قد اشترت هذا العمل عائلة ميغت مباشرة من الفنان ويعرض في صالة «ميغت» في باريس.

بينما عرضت صالة «تاديوس روباك» من باريس أيضاً مجموعة من أعمال الفنان الإيراني «رامين حايرزاده» واستعرضت صالة «بارادايس رو» من لندن مجموعة من أعمال الفنان «شيزاد داوود» بينما مثلت لوحة الفنان التجريدي «شون سكالي» المسماة «هيلين» إحدى اللوحتين التي تعرضهما صالة «كيرلين» من دبلن.

ومن الأعمال القيمة عرضت صالة «باتريس تريغانو» من باريس لوحة لرائد التكعيبية الفنان بابلو بيكاسو بعنوان «منزل في فالوريس» وكان قد رسمها في العام 1953 ويمثل فيها منظر طبيعي بكل ما يملكه من إنسجام وتباين لوني متميزة باختلافها عن اللوحات التي كان يرسمها عادة، حيث الأحمر والأخضر بدرجاته المختلفة.

فعاليات متنوعة

عرض الأعمال الفنية لم يكن كل شيء في «فن أبوظبي» الذي أقيم من 19 إلى 22 نوفمبر بل نظمت عددا من حفلات توقيع الكتب إلى جانب العديد من ورشات العمل، أشرف عليها مصممون عالميون بالتعاون مع متحف فيترا للتصميم، ولحظة التصاميم التي تعتبر أول ورشة تصميم محترفة للمصممين الواعدين، كما أقيمت عروض أداء وحلقات نقاش، ومجموعة من المحاضرات تستهدف طلاب الجامعات، حول معاني وتقنيات الفن الحديث والمعاصر.

عبير يونس

Email