روايات خالدة

الفتاة ذات القرط اللؤلؤي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

حققت الروائية الأميركية تريسي شيفالييه شهرتها العالمية ومكانتها الأدبية من خلال روايتها «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» التي نشرتها عام 1999. ويرتبط اسم روايتها بلوحة تحمل الاسم ذاته للفنان الهولندي العالمي جوهانس فيرميير التي بدأ برسمها عام 1665.

استلهمت شيفالييه من غموض تلك اللوحة التي سميت بموناليزا الشمال موضوع روايتها. وتقول أن التعبير الغامض لوجه الفتاة أوحى لها بالعديد من الحالات والاحتمالات، وبصلة أعمق بين الرسام وصاحبة الصورة وحينما لم تجد في التاريخ أي مرجع أو ذكر لصاحبة الصورة، كان عليها كتابة تاريخ وقصة الفتاة ذات الوجه الغامض. وقد حول المخرج البريطاني بيتر ويبر روايتها إلى فيلم سينمائي حمل الاسم ذاته. وقد حقق الفيلم لدى عرضه عام 2003 نجاحا كبيرا واعتبر من الأفلام الكلاسيكية الرائدة ولدت شيفالييه في 19 أكتوبر عام 1962 في واشنطن ودرست فيها حتى البكالوريوس. وساهم عملها في إحدى دور النشر في تدقيق الكتب، في معرفة مفاتيح البحوث وتجويد جملها في الكتابة. وهذا الأمر دفعها إلى متابعة دراستها فسافرت إلى انجلترا عام 1994 للحصول على الماجستير واستقرت فيها حتى يومنا هذا.

أحبت شيفالييه الكتابة منذ طفولتها ونشرت في العشرينات من عمرها عددا من القصص القصيرة في الصحف، أما أول رواية لها فنشرتها حينما كانت تدرس الماجستير، وهي بعنوان «البتول الزرقاء». ولم تتفرغ للكتابة إلا بعد روايتها الثانية «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي».

وتحكي في روايتها الأولى «البتول الزرقاء»، عن سفر إيلا ترنر وزوجها الأميركيين في جنوب غرب فرنسا لبناء حياتهما العائلية. تفاجأ إيلا بغموض سكان القرية وغرابة سلوكهم، وتراودها أحلاما غريبة لها لون أزرق، فتبدأ بالبحث عن تاريخ أسلافها الفرنسيين سكان بيتها. ومن المكتبة تعود لتاريخ العائلة في القرن السادس عشر والصراع الطائفي.

وقد حققت روايتها الأخيرة «الاحتراق الوضاء» التي نشرت عام 2007 نجاحا جديدا وتحكي عن دوافع كتابة الفنان ويليام بليك لرائعته الأدبية «أغاني البراءة والتجربة» من خلال أعين فتى وفتاة في نهاية القرن الثامن عشر.

وتدور أحداث روايتها «الفتاة ذات القرط اللؤلؤي» في القرن السابع عشر في هولندا حيث يتجلى الفن الباروكي المستلهم من الديانة المسيحية. ويحكي العمل عن فتاة فقيرة ريفية تجبرها الظروف بعد مرض والدها على العمل كخادمة لدى إحدى العائلات من الطبقة الوسطى. وكانت أوروبا آنذاك تواجه الكثير من الاضطرابات والحروب الأهلية بسبب النزاعات الطائفية بين الكاثوليك والبروتستانت.

تلتحق الفتاة الفقيرة غريت بطلة الرواية بالخدمة في بيت العائلة فيرميير المتوسطة الحال، وبالتدريج تتحول من شيء لا مرئي إلى موضوع مستقل ثم كائن له خصوصيته. ويتجلى ذلك من خلال سرد البطلة لأحداث الرواية، التي تذكر أن وجودها في البداية انحصر في أعمال الخدمة المنزلية.

إلا أن دقتها وإتقانها لعملها أتاحت لها الفرصة لدخول أستوديو أو مرسم رب العائلة الفنان جوهانس فيرميير الذي كان ممنوعا على الجميع. ومن الطبيعي أن هذا الاستثناء أثار حفيظة العائلة تجاه تلك الخادمة الشابة والجميلة، لاسيما من قبل كاثرينا زوجة جوهانس.

لم يكن فيرميير باستطاعته الرسم منذ مدة على الرغم من أن فنه يشكل المورد الوحيد للعائلة. وكان الجميع يعيش حالة من القلق والتوتر. وفي أحد الأيام استوقف فيرميير لدى دخوله الصالة، مشهد انعكاس أشعة الشمس على وجه غريت التي كانت تقوم بعملها المنزلي قرب النافذة. ساهم هذا المشهد في استعادة الفنان لإلهامه وحماسه وعودته لفنه.

وسرعان ما تبين لفيرميير أن غريت تملك موهبة الرسم، ولم يتردد في تسليمها بعض المهام مثل طحن الألوان وتركيبها وشرائها إلى إعداد وتلوين خلفيات بعض اللوحات. أثار هذا التحول غيرة العائلة، وإن التزمت والدة كاثرينيا التي يعيشون في بيتها بالموضوعية.

وتسرد غريت مراحل تحول حياتها من كائن لا مرئي إلى إنسان له وجوده، وكيف أحبت حياتها الجديدة وإعجابها بسيدها الفنان الذي كان يهيمن حضوره عليها، وإن لم يتجاوز التواصل الحدود التي تفرضها الفروقات الطبقية على كلا الطرفين. وكانت تتغاضى عن إساءة معاملة السيدة لها التي كانت حاملا بالطفل الخامس أو السادس وكذلك الابنة الكبرى كورنيليا التي كانت غريت هاجسها الدائم.

وتصل الأحداث إلى الذروة حينما يكلفه وكيل أعماله برسم لوحة بورتريه له وأخرى للخادمة غريت التي أعجب بملامحها وهدوئها. وهكذا تبدأ غريت بالجلوس أمام سيدها لساعات طويله وبصورة سرية، وإن كانت الجدة تعلم بالأمر ولا تعارض لكونه تكليف من صاحب المال.

تصف غريت مشاعرها في تلك الساعات والسعادة التي كانت تعيشها، والمواقف المربكة بينهما، إذ طلب منها أن تظهر بعضا من شعرها، فكان رفضها قاطعا نظرا لكون شعرها يمثل خصوصيتها وكيف شعرت بالعار حينما تمكن من لمحه خلال تبديلها للمنديل الذي كانت تضعه، وحيرتها وخجلها حينما كان يطلب منها أن تدع فمها مفتوحا قليلا.

وبعد جلسات عديدة سرعان ما أدركت أن لوحته غير مكتملة وبحاجة لما يخرجها من جمودها. ولم يخف هذا الأمر على جوهانس الذي أدرك أن قرط اللؤلؤ الخاص بزوجته كفيل وحده بمد اللوحة بالحياة. ساعدت الجدة جوهانس في الحصول على القرط سرا أيضا، كما وافقت غريت على ثقب أذنها قبل زواجها وتحمل الألم لإنجاز اللوحة كما تراها في مخيلتها.

ووافقت على طلبه الأخير ذاك، وهي تدرك أن في هذا الأمر نهايتها المتمثلة بطردها من قبل سيدة المنزل. وسرعان ما اكتشفت الزوجة الأمر وأصيبت بهستيريا من غيرتها وكانت تلوم زوجها على رسمه خادمة بدلا من رسم زوجته. ينجز فيرميير اللوحة وترحل غريت لتتزوج ابن اللحام الذي أحبها منذ البداية، وكان من الواضح أن قلبها بقي مع جوهانس واللوحة. وبعد مضي عشر سنوات تطلب زوجته رؤية غريت وتعطيها قرط اللؤلؤ تبعا لوصية جوهانس الذي توفي.

الكتاب : الفتاة ذات القرط اللؤلؤي

تأليف: تريسي شيفالييه

الناشر: بنغوين 2001

الصفحات: 240 صفحة

القطع: المتوسط

Girl with a pear earring

Tracy Chevalier

Penguin Group 2001

P.240

Email