تعدد ثقافات الجنسيات المختلفة في الدولة يؤثر سلبا على الهوية الوطنية

تعدد ثقافات الجنسيات المختلفة في الدولة يؤثر سلبا على الهوية الوطنية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كان التعليم هو اللبنة الأولى في بناء شخصية الإنسان وصقلها ووضعها على الطريق الصحيح لتخريج أجيال متمكنة من العمل والمساهمة في عملية التنمية المنشودة في الدولة، فإن ذلك يبقى من دون قيمة وبلا أهمية ما لم تحدد معالم وملامح الهوية الوطنية، ودعمها وتعزيزها وترسخيها في نفوس وعقول وقلوب أبناء الوطن، أجيال الحاضر ورجال المستقبل الأمر الذي يؤكد أهمية وضرورة الثقافة ودورها المحوري في تحقيق ذلك لتشكل مع التعليم جناحي الدعم والتعزيز للهوية الوطنية التي ننشدها جميعا.

الدكتور محمد الرميثي أستاذ الاقتصاد بجامعة الإمارات يقول: على الرغم من أهمية التعليم في بناء وتعزيز الهوية الوطنية، لكن لا يجب أن نحمل وزارة التربية والتعليم المسؤولية كلها، بل تتحمل ذلك كل المؤسسات بما فيها الإعلامية والتعليمية والتربوية، وبرامج التلفزيون والانترنت وغيرها من المكونات التي تبني ثقافة الإنسان وتؤثر فيه. وأضاف: نحن في دولة الإمارات ودول الخليج وبسبب اعتمادنا على الخدم والمربيات الأجنبيات ووجود الطباخين والمزارعين وغيرهم داخل بيوتنا، فإن لذلك تأثيرا كبيرا في شخصية الأطفال لبقائهم فترات طويلة مع هذه العمالة، وانشغال الأب والأم بأعمالهما الوظيفية بعيدا عنهم، وبالتالي فإن المدرسة وفي ظل هذه الأجواء لن تستطيع بناء هوية الطفل حتى لو تم تطبيق أحدث المناهج وبأفضل المعلمين، فإنها لن تجدي نفعا لأن الأساس في العملية هو التربية.

وأوضح أن تعدد الثقافات في الدولة والجنسيات ذات العادات والتقاليد المختلفة جذريا عن عاداتنا وتراثنا وقيمنا النابعة من الدين والتراث، و المتأصلة عبر أجيال فبالضرورة أن تؤثر تلك العادات سلبا على هويتنا الوطنية، مشيرا أن كثيرا من دول الخليج فتحت المجال لحرية الأديان الأخرى فسمحت بفتح الكنائس والمعابد حتى لغير الأديان السماوية ليحتفلوا بأعيادهم ومناسباتهم، الأمر الذي أثر على شخصية الإنسان في هذه الدول وبالتالي هويته.

وأشار الدكتور الرميثي الى أن الجامعات تلعب دورا بالتأثير السلبي على الهوية وذلك باشتراط اللغة الانجليزية للالتحاق بها بغض النظر عن تخصص الطالب ودراسته، وكذلك الأمر بالنسبة للرياضيات، رغم وجود تخصصات كاللغة العربية والشريعة على سبيل المثال لا تحيد الطالب لدراسة الانجليزية والرياضيات وهذه تعطى لهما أهمية كبيرة ويحجم ويهمش الاهتمام باللغة العربية.

من جانبه قال محمد عبد الله الزعابي عضو المجلس الوطني الاتحادي أن تنمية وتعزيز الهوية الوطنية مسؤولية الجميع، وليست مسؤولية مؤسسة واحدة، وتتحملها الأسرة والمجتمع ووزارة التربية والتعليم ووزارة الثقافة ضمن برامجها وأنشطتها مؤكدا أن المدرسة هي الأساس في هذا الموضوع لأنها المسؤولة عن تعزيز الهوية منذ أن يلتحق الطفل بها في سن مبكرة في الروضة، وإذا تم خلالها تنشئة الطفل بشكل صحيح اجتماعيا، فإن لذلك انعكاسات ايجابية على هويته الوطنية وتزيد من انتمائه لوطنه.

مضيفا أن مقومات ومكونات الهوية موجودة، ويتحدث الشباب عن الإمارات والحكام وتاريخ البلاد، ولكن المشكلة في وجود الثقافات الأخرى المتنوعة التي تؤثر عليها وتحجب الثقافة الإسلامية والهوية العربية، وهذا يتطلب تعزيزا اكبر وتفعيلا أكثر لبرامج التوعية بالهوية الوطنية ضد هذه الثقافات التي يمكن الاستفادة بايجابياتها دون أن تنال من هويتنا أو تؤثر عليها، مشيرا أن الهوية الوطنية وقبل هذا الانفتاح الكبير على الثقافات غير الإسلامية لم تتأثر سلبيا كما هو حاصل اليوم بسبب الانفتاح على العالم الخارجي وتعدد وتنوع وتخالط الجنسيات والثقافات داخل المجتمع.

كما أشار إلى مؤثرات أخرى بعيدة عن هذا الكم الهائل من الجنسيات وهي الانفتاح الإعلامي وكثرة القنوات الفضائية التي جعلت من العالم قرية متناهية في الصغر، مشددا على ضرورة وضع خطط وبرامج مدروسة والتنسيق بين الجهات المعنية بشكل أفضل لتحسين وتعزيز هوية أبناء الإمارات.

من جانب آخر قالت الدكتورة أمل عبد الله القبيسي عضو المجلس الوطني رئيسة لجنة التربية والتعليم بالمجلس الوطني ان الهوية الوطنية جزء لا يتجزأ من الشخصية الوطنية.

ومن المهم أن ترسخ في نفوس أبنائنا من خلال الأسرة وفي جميع مراحل التعليم، خاصة في ظل تحديات العصر والانفتاح الاقتصادي والثقافي على العالم، موضحة أن تعزيزها أصبح مطلبا ملحا في ظل الضعف الذي يعانيه أبناؤنا الطلبة في مختلف مراحلهم التعليمية بتاريخ وتراث بلادهم، وأهم المواقع والمعلومات حولها، وأنهم على معرفة بشؤون الرياضة ومجالات الفنون أكثر مما يعرفون عن دولتهم.

وأضافت أن الهوية هي جوهر الإنسان المواطن، وأنها ترتبط بالدين واللغة والعادات والتقاليد، وهناك جهات عديدة تساهم في تكوين هذه الهوية تبدأ بالأسرة.

ومن ثم التعليم في المدرسة، لأنها تلمس بشكل كبير الحاجة الماسة لنشر الوعي بالهوية وترسيخها في نفوس الطلبة الذين يجهلون الكثير عن وطنهم.

وأشارت الى أنهم حاليا يعملون على الاهتمام بالمناهج لتشمل خطة متكاملة لغرس الهوية الوطنية في جميع المراحل الدراسية وحتى التعليم الجامعي، إضافة إلى الاهتمام بتطوير التربية الوطنية والتربية البيئية والعسكرية ورفع توصيات لوزارة التربية والتعليم في هذا الشأن، كذلك نوهت بأهمية الحوارات المفتوحة مع الطلبة والتي تخلق الكثير من الوعي وتنمي المعارف وأساليب الحوار وتعزز ترابط الطلبة معا.

رؤية

إن إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بجعل 2008 م عاما للهوية الوطنية، لهو إدراك بضرورة تضافر جهود كل قطاعات المجتمع للحفاظ على الهوية الوطنية انطلاقا من إيمان القيادة الحكيمة بأن المجتمع الذي لا هوية له لا وجود له.

ولكن كيف يمكن توعية المجتمع بأهمية الهوية الوطنية ودور كل من وزارتي التربية والتعليم والثقافة وغيرهما من مؤسسات المجتمع في تحقيق ذلك.

وما هي سبل الحفاظ عليها وتعزيزها وترسيخها وتعريفها بالشكل الصحيح، وتوضيح مكوناتها وعناصرها، وكيفية الحفاظ على كل من عناصرها؟

تعداد

إحصائية بعدد سكان الدولة لعام 2007

الدولة عدد السكان

المواطنون 617 .875

الهند 732 .367 .2

العرب 633 .823

باكستان 914 .822

بنغلاديش 545 .589

الفلبين 602 .279

دول آسيوية أخرى 234 .151

أوروبا وأستراليا 630 .134

سريلانكا 623 .104

إيران 309 .100

نيبال 469 .93

دول إفريقية 453 .72

أميركا الشمالية 354 .41

الصين 637 .32

أميركا الجنوبية 177 .4

الإجمالي 929 .493 .6

الهوية الوطنية جزء لا يتجزأ من الشخصية الوطنية

شددت الدكتورة القبيسي على أهمية تعزيز الهوية الوطنية باعتبارها الركيزة الأساسية للحفاظ على المجتمع وتماسكه لمواجهة المخاطر والتحديات، خاصة في ظل الإشكاليات التي تتعلق بالخلل في التركيبة السكانية وتداعيات العولمة الثقافية.

وقال الدكتور عبد الخالق عبد الله أستاذ السياسة بجامعة الإمارات إن الهوية الوطنية المقصودة هي الارتباط بالكيان الاتحادي وليس بالهويات المحلية وأن يكون الولاء والانتماء في السراء والضراء لوطن واحد وليس لمجموعة من الإمارات المكونة لاتحاد، مشيرا أن هناك تحديين رئيسيين وخطيرين يواجهان الهوية الوطنية، وهما من صنعنا وليس من صنع غيرنا الأول الاتجاه نحو المحلي على حساب الاتحادي ويتضخم الشق المحلي يوما بعد يوم، ولابد من تجاوز الهوية المحلية إلى الاتحادية لأن هذا التنافس يؤثر عليها سلبا ويضعفها.

وأضاف أن التحدي ر الثاني الخطير هو الاتجاه نحو العالمية والانفتاح على العالم وتناول الحضور العالمي والجودة العالمية وكل شيء له علاقة بالعالمية يتغلغل في ثقافتنا ويزاحم الوطني، مؤكدا أن المكون العالمي الجديد يزاحمنا ويفرض نفسه علينا، مما يجعل الإمارات اليوم اكبر مجتمع عربي «يتعولم» وينفتح والرغبة والطموح في الاندماج مع العالم تسير في هذا الاتجاه أكثر من أي دولة أخرى.

وذكر أن الفعل الثقافي الوطني غائب رغم الدور الذي تقوم به وزارة الثقافة، ولا يزال الفعل الثقافي الاتحادي أضعف من الفعل المحلي، والمفروض على الجيل المقبل أن يكون قلقا عندما يتعرض الكيان الاتحادي للضعف مشيرا الى أنه إذا لم تقم وزارة الثقافة بهذا الدور في الوقت الحالي ستظل هناك أزمة في الهوية الوطنية.

خطة

برنامج لتعزيز الهوية

أطلقت وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع برنامج تعزيز الهوية الوطنية الذي يأتي ضمن أهداف الخطة الاستراتيجية للوزارة للمحافظة على الهوية الوطنية وتعزيز الانتماء والاستثمار الدائم لطاقات الشباب، ورعاية المبدعين واحتضان الموهوبين، وتوجيههم نحو التنمية المجتمعية الشاملة. وكانت الوزارة وقعت في مرحلة سابقة مذكرة تفاهم للشراكة مع هيئة الإمارات للهوية ضمن هذا الإطار.

ويترجم هذا البرنامج سعي الوزارة في الحفاظ على الهوية الوطنية الإماراتية لدى الشباب وتأكيد روح الانتماء والمواطنة، انطلاقاً من التوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة في جعل 2008 عاماً للهوية الوطنية.

ويتضمن البرنامج عددا من المطبوعات المقروءة والأفلام المعروضة واللوحات المصورة والملصقات المعبرة عن الانتماء للوطن، والفخر بالموروث الثقافي للإمارات والتي سوف ترسل مع بطاقات الهوية الشخصية وسوف يتم توزيعها عبر شركة بريد خاصة على كل أسرة وكل شخص يقوم بإنجاز إجراءاته لاستلام بطاقة الهوية الشخصية.

أبوظبي ـ ممدوح عبد الحميد

Email