أخي الشيخ عايض القرني..أنتَ في مأزق تاريخي!!

ت + ت - الحجم الطبيعي

أردتُ أن أتابع معكم موضوع التبرع بالأعضاء الذي بدأته أمس، ولكن للأسف صدمت بخبر تغريم أخي الشيخ عايض القرني في قضية كتابه " لا تيأس" الذي نازعته فيه الأستاذة سلوى العضيدان، وذكرت أنه كتابها لكنه غيره وقد تابعت تفاصيلها منذ بدايتها ولم أكن أتوقع أنها ستنتهي لصالح الأستاذة سلوى، لأن الشيخ لا يحتاج أن يأخذ من مؤلفين آخرين فهو موسوعة متنقلة ما شاء الله، ولكنه خبرٌ يقين أكدته الصحف وأصبح حديث المجالس، والسؤال ما الذي يدعو شخصية مثل القرني أن يأخذ من مؤلف آخر بغير عزو؟ وما الذي يحثه أصلا على هذا الأمر والمؤلفات في مثل الموضوع كثيرة ويستطيع الوصول إليها بسهولة من خلال المكتبات العامة المنتشرة أو من خلال شبكة الإنترنت؟ لعله استسهل النقل كما عُرف به مجموعة من العلماء القدامى، أو لأنه نسي العزو للمؤلفة العضيدان في كتابها كيف تقهر اليأس؟ أو لأن الشيخ أوكل أحدهم بمتابعة فصول كتابه فأضاف إليه 90% من كتاب سلوى وهو لا يدري؟ أو أنّ القرني لم يدرك أنّ هذه سرقة؟ كلها تساؤلات جوابها أن السرقة الأدبية وقعت وأصبحت حقيقة لا يمكن أن نغض الطرف عنها.

 

إذا علمنا أنّ سرقة الأدب لا تجوز كما لا تجوز سرقة الأموال فهل لها ضوابط عملية؟ وهل وضعت لها قوانين يحكم بها القضاة؟ والجواب نعم وهذا ما يسمى بالملكية الفكرية، وقد أصبحت المحاكم في كل العالم تقريبا تعاقب كل من ينتهك حقوقها بأنواعها المعروفة، ولا داعي لتفصيل القوانين وأكتفي بالقول هنا محذراً بأن العالم لم يعد كما كان سابقاً فيجب علينا أخذ الحيطة والحذر ونحن ننقل من الآخرين فالشريعة والأعراف والأخلاق والقانون كلها تحثنا على العزو لمالك هذه الأفكار وعدم التخاذل كما يصنع بعض الناس بقصدٍ وبغير قصد.

 

في التاريخ القديم الإسلامي اتهم بعض المؤلفين بالسطو على مصنفات الناس ونسبتها إليهم حتى بلغت مصنفاتهم المئات بل لم يكن بعضهم لها بأهل، ومن الطرائف ما هُجي به ابن دريد :

ابنُ دريـدٍ بـقرهْ

               وفيهِ عـيٌّ وشـرهْ

قد ادّعى من جهـلهِ

            وضعَ كتابِ الجمهرهْ

وهو كتـابُ العينِ

                إلا أنّـه قـد غيرهْ

ويقول ابن حجر في كتابه "إنباء الغمر" عندما ذكر سيرة الإمام ابن الملقن(723-804هـ) حيث قال : اشتهر (ابن الملقن) بكثرة التصانيف حتى كان يقول إنها بلغت ثلاثمائة تصنيفاً واشتهر اسمه وطار صيته، وكانت كتابته أكثر من استحضاره فلهذا كثر القول فيه من علماء الشام ومصر حتى قرأت بخط ابن حجي كان ينسب إلى سرقة التصانيف فإنه ما كان يستحضر شيئاً ولا يحقق علماً ويؤلف المؤلفات الكثيرة على معنى النسخ من كتب الناس، ولما قدم دمشق نوه بقدره تاج الدين السبكي سنة سبعين وكتب له تقريظاً على كتابه تخريج أحاديث الرافعي وألزم عماد الدين ابن كثير فكتب له أيضاً، وقد كان المتقدمون يعظمونه كالعلائي وأبي البقاء ونحوهما فلعله كان في أول أمره حاذقاً، وأما الذين قرؤوا عليه ورأوه من سنة سبعين فما بعدها فقالوا: لم يكن بالماهر في الفتوى ولا التدريس وإنما كان يقرأ عليه مصنفاته غالباً فيقرر على ما فيها.

 

في تاريخنا المعاصر كذلك قصص السرقات الفكرية حاضرة بكل تفاصيلها في الغرب والشرق وفي كل مكان وكل يوم نصدم بحقيقة جديدة وقد أخصص بعض المقالات عن أشهر هذه السرقات، ولكن هل الشيخ القرني من هؤلاء؟ أو أن هذا يقلل من قدره عندي ؟ الجواب لا وبيني وبينه مودة وأحب برامجه وأتمنى منه أن يخرج على الملأ ويعتذر عن الخطأ والتائب من الذنب كمن لا ذنب له.

Email