إتصالات..هل تعرف الأدب؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلما فكّرت في مشروع أدبي أو ثقافي بالأحرى، وأهتم به اهتمامي بشرب كأس الشاي الذي أمامي، وأجلس أضع له الخطة، ويذهب خيالي بعيدا حتى يصل إلى يوم افتتاحه وجني الفوائد الكثيرة منه، إلا ويصطدم خيالي بجبل عظيم لا يزول ولا يتزحزح هل تعرفون ما هو؟ إنه التمويل!! ويا له من جبل شاهق لا يصل إلى علوّه فكر، وينكسر النظر عنه خاسئا وهو حسير.

 

كلّ منْ لاقيتُ يشكو دهرهُ

ليتَ شعري هذهِ الدنيا لمنْ

 

نعم كل من ألاقيه من أهل الثقافة في بلادي أو من خارجها، عربيها وأجنبيها يشكو نفس الشكوى ويتوجع نفس أوجاعي، عندما يأتي موضوع التمويل وهمومه، وإن كان الأمر يختلف قليلا أو كثيرا من دولة إلى أخرى ومن هيئة إلى منظمة، ولكنها شكوى امتلأت منها النفوس، وسئم من وطئتها المسؤولون، ويقولون متى تُحلّ معضلتكم وتنتجون مثل ما ينتج غيركم؟ متى تصل ثقافتكم إلى مستوى الصناعة المنتجة والأسهم المربحة والزراعة المطعمة؟! إذا لم تستطيعوا أن تكونوا كذلك فانظروا كيف صنع أصحاب هوليوود، حيث جعلوا من الصور الجامدة والروايات التي لا تشترى مركزا عظيما لجني الأموال الطائلة، وسبيلا لرواج الروايات الفاشلة حتى بيع منها ملايين النسخ، أفلا تتعلمون من هؤلاء دروسا تساعدون بها أنفسكم وثقافتكم، وترتقون بها أيها الشعراء والأدباء المفلسون؟

قلت: لو أنّ الأمر بيدي لأمرت الشركات الكبرى في الدول أن تساهم من أرباحها السنوية في دعم الثقافة والآداب، ولجعلتها تساهم في رفع مستوى الشباب الثقافي بتسهيل وصول الكتب لهم بأرخص الأسعار، و برعاية المهرجانات الثقافية وإرسال البعثات للمشاركة في كبرى الملتقيات الأدبية في العالم، ولجعلت من شركات الاتصلات ترسل الأشعار الجميلة والكلمات المفيدة إلى الناس، ولصنعت جوائز لأفضل بيت شعري أو قصيدة أو عمل فكري كما تفعل بعض شركات الاتصلات في بريطانيا خدمة للمجتمع وشهرة لها في آن واحد. ولا أذهب بعيدا، فهذه طيران الإمارات وهي ناقلة من أروع الناقلات الجوية في العالم بشهادة الجميع تسهم بقوة في دعم مهرجان الإمارات للآداب، الذي تشرف عليه السيدة ايزبل بالهول، وهو من أنجح المهرجانات الأدبية في العالم.

»إتصالات« شركة قديمة جدا في هذا البلد الطيب المعطاء، كانت تسمى »إميرتس«، ثم غيرت بأمر من المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه إلى هذا الاسم الجديد، بهدف تعريبها وتجنبيها الاسم الأجنبي، وقد قامت بجهود كبيرة في تحسين الشبكة الأرضية والهوائية، حتى بلغت أفضل المستويات العالمية مع غلاء في الأسعار غير مقبول، إذا قورنت بأسعارها خارج الدولة، ولكنها تواكب كل جديد في مجال الاتصالات، ولم تستطع شركة »دو« منافستها حتى الآن، لأن الأرض وما حوت من أسلاكٍ هو ملكها وكما قالوا:

 

أتاني هواها قبلَ أنْ أعرفَ الهوى

فصادفَ قلباً خالياً فتمكّنا

 

ومع هذه السيادة الكاملة لماذا لا تقوم »إتصالات« برعاية المهرجانات الثقافية؟ وبدعم الكتاب المقروء والمسموع للشباب، وبتفعيل جوائز أدبية للناشئة، وهو أفضل لها من رعاية كرة القدم فقط، وستساهم في تقدم هذا البلد وليس فقط في شفط الدراهم من جيوبنا كل شهر وقطعها، ونحن في أمس الحاجة للاتصال بسبب فاتورة ببضع مئات، كما فعلت معي أثناء مهرجان البابطين الأدبي في الأيام الماضية، حتى ظن المنظمون أني سافرت عنهم وتركتهم!!

Email