الولد الشقي النووي

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل العالم على شفا كارثة كونية مدمرة؟ الإجابة «نعم». فمن يتحكم في مزاج الأحداث اثنان مزاجهما أشبه بمزاج ذاك الطفل الذي ورث سيارة أبيه فراح يلعب بها في الشوارع، يقتل من يقتل، ويكسر من يكسر، ويواصل السير بأعلى ضحكاته الهستيرية .

كلاهما، غير متزنين. واحد حوّل بلده إلى ثور هائج والآخر يمسك بالزر النووي. كلاهما قد يفعلها ويدمر العالم .

كيم جون أون، زعيم كوريا الشمالية، أثار جدلاً كبيراً حوله، لما قام به من تصرفات غريبة جذبت انتباه العالم إليه. هذا الشاب لم يتجاوز الـ 30 عاماً من عمره، تولى الزعامة بعد وفاة والده كيم جونغ، أعدم وزير دفاعه رمياً بطلقات مدفع مضاد للطائرات، بعد انتهاء عرض عسكري لأنه ضبطه متلبساً مع غفوة تعب في حضرة «الزعيم».

لقب كيم جون أون نفسه بالزعيم العزيز، وهذه محاولة من الديكتاتور الشاب لسيطرته على الحكم، وقال إن هذا اللقب علامة مسجلة باسم والده.

أراد إعادة كتابة تاريخ بلاده السياسي كما يتفق مع أهوائه الشخصية، وقام بإزالة 99% من أرشيف تقارير وكالة أنباء بيونج يانج حتى التي تتعلق بوالده الزعيم السابق للبلد «المزرعة»- خضع لعدة جراحات تجميلية، حتى يستطيع الوصول لأكبر شبه بينه وبين جده الأكبر كيم آل سونج، وهو أول زعيم لكوريا الشمالية .

يخشي من الحلاقة بشدة، وكان هذا سبب حلاقته لنفسه، واختار قصة شعر غريبة إلى أعلى، تجعله يبدو أطول سنتيمترات قليلة من طوله، ولم ينس حاجبيه بل جعلهما أقصر من السابق، وأصدر مرسومًا رسميًا يفرض على الرجال أن يسيروا على غرار تسريحة الزعيم الجديدة، وأطلق على القصة «قصة شعر الطموح»، وحدد للمواطنين 28 قصة شعر مسموح لهم بالاختيار بينها وعدم الخروج عنها.

أيضاً أعدم زوج عمته بطريقة خاصة، حيث ألقاه عاريًا في قفص مع 5 مسؤولين آخرين وأطلق 120 كلبًا، تنهش في أجسادهم، بعد تجويعهم، فأكلوا لحمهم إلى عظامهم، واستمر الإعدام ساعة كاملة، في حضور 300 من كبار المسؤولين، بتهمة محاولة الانقلاب عليه مع العسكريين.

كما أعدم عمه الآخر بسبب العداء الشخصي، ولأنه لم يصفق له بحماسه خلال اختياره في وظيفة نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية للبلاد، وقال إن هناك عقوبات في كوريا الشمالية تصدر ضد كل من يتوقف عن التصفيق أولًا، وتم بالفعل تطبيق العقوبات، والحكم على أحد العمال بالسجن 10 أعوام بسبب توقفه عن التصفيق.

هذه هي كوريا الشمالية التي تصدرت اخبارها نشرات الأخبار في الآونة الأخيرة. يبلغ عدد سكانها أربعة وعشرين مليون نسمة، وغالبيّة سكانها ملحدون؛ لأن الدستور هناك ينص على عدم السماح بالحريّة الدينيّة، لكن التراث الذي يسودها هو مزيجٌ من الكونفوشيوسيّة والبوذيّة، إضافةً لبعض الحركات المسيحيّة.

ومن غرائب كوريا الشماليّة الدولة الأكثر عزلة عن العالم انه يمنع فيها مشاهدة قنوات التلفزة الخارجيّة، حيث إنّ هذا الأمر يعتبر من المحرمات على المواطن الكوري، ولا يسمح له بمتابعة أو تلقي أية معلومة إلّا عبر القنوات المحليّة التابعة للدولة، ووفق بروباغندا النظام الكوري الشيوعي، من يخالف هذا الأمر فإن مصيره الإعدام.

مؤخراً اطلق كيم جون أون صاروخاً فوق اليابان و»بشر» أن بلاده ستمتلك السلاح النووي وأن «الهدف النهائي هو تحقيق توازن قوى حقيقي مع الولايات المتحدة وجعل القادة الأميركيين لا يتجرؤون حتى على التفكير بعد اليوم بخيار عسكري ضد جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية» على حد تعبيره.

الآخر، دونالد ترامب يهدد من على منبر الأمم المتحدة بتدمير كوريا الشمالية مكرراً تهديداً سابقاً بان الولايات المتحدة تمتلك خيارات عسكرية «قوية» للرد على بيونغ يانغ اذا ما واصلت تجاربها النووية والصاروخية الباليستية قائلا في خطاب القاه في قاعدة اندروز الجوية العسكرية وقد وقفت خلفه ثلة من العسكريين ووراؤهم قاذفة شبح من طراز بي-2 «بعدما رأيت قدراتكم، أنا اليوم واثق اكثر من أي وقت مضى من أن خياراتنا المختلفة ليست فعالة فحسب وإنما أيضا قوية».

فهل تصدق تحذيرات هيلاري كلنتون أثناء حملتها الانتخابية في المنافسة مع ترامب «كيف تأتمنون هذا الرجل على الزر النووي»؟!

* كاتب أردني

Email