نحن لا نربح الحرب في أفغانستان

ت + ت - الحجم الطبيعي

عنوان هذه المقالة مقتبس مما أدلى به وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس بصراحة شديدة أمام لجنة الخدمات المسلحة بمجلس الشيوخ في الثالث عشر من يونيو الجاري بشأن الوضع المتدهور في أفغانستان.

في تلك الجلسة، أكد الوزير بوضوح أنه على الرغم من مرور ست عشرة سنة على الحرب التي تخوضها بلاده في هذا البلد فإن التحالف الأميركي - الأفغاني قد وصل إلى حالة الجمود. فوفق التقييم للموقف العسكري الذي أجري في فبراير المنصرم تبين أن القوات الأفغانية تفرض سيطرتها على 59.7 في المئة فقط من المقاطعات البالغ عددها 407 وهي نسبة تقل بمقدار 11 في المئة عما كانت عليه مساحة سيطرتها في الشهر نفسه من عام 2016، هذا على الرغم من أن الولايات المتحدة قد خصصت أكثر من ثلاثة أرباع تريليون دولار لأفغانستان منذ العام 2001.

الحرب في أفغانستان هي أطول حروب الولايات المتحدة، وقد أصبحت تسمى بالحرب المنسية، فلم يقدم الجمهوري ترامب ولا الديمقراطية كلينتون رؤية لمقاربتها في حملتهما الانتخابية، كما أن الرئيس ترامب لم يتطرق إليها في خطاب تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة.

هذه الحرب لها أهمية خاصة للأمن القومي الأميركي فقد سبق للرئيس السابق أوباما أن وجه العديد من الانتقادات للحرب في العراق إلا أنه لم يفعل الشيء نفسه بالنسبة للحرب في أفغانستان، بل دأب على اعتبارها أمراً حيوياً لأمن الولايات المتحدة؛ والوجود الأميركي في أفغانستان حيوي حسب قناعات قادة عسكريين على رأسهم الجنرال نيكلسون، القائد الأميركي في أفغانستان، لمنع حدوث عملية أخرى في الأراضي الأميركية على غرار 11 سبتمبر.

الوزير لم ينف حالة الوضع المتدهور في أفغانستان، إلا أنه وعد بالإصلاح قريباً فقد منحه الرئيس ترامب السلطات كاملة لتقرير حجم القوات التي سترسل إلى أفغانستان. وتشير الأخبار المتسربة إلى احتمال إرسال ما لا يزيد على خمسة آلاف مقاتل جديد، وهو عدد قد لا يحدث نقلة نوعية في هذه الحرب؛ فالولايات المتحدة لا تواجه مقاتلي حركة طالبان فحسب، بل تواجه تنظيم القاعدة في عدد من المقاطعات، وتواجه تنظيم داعش الذي نجح مؤخراً في الحصول على موطئ قدم هناك، فيما تعاني الولايات المتحدة من تدخلات روسيا وإيران لإفشال مساعيها، ومن الدعم باكستان لحركة طالبان، وكذلك من الفساد المستشري في أوصال القوات المتحالفة معها.

لقد دخل الرئيس أوباما البيت الأبيض عام 2009 بهدف إنهاء هذه الحرب التي بدأت عام 2001. وها قد غادره ليترك لخلفه واحدة من أصعب المهام. الرئيس ترامب وبعد مرور ستة أشهر على وجوده في البيت الأبيض يتعرض لضغوط شديدة تطالبه بوضع إستراتيجية لمواجهة الجمود في هذه الحرب، فهل سيعمد للأخذ بخيار وزير دفاعه بديلاً عن خيار سلفه الذي كان يوازن بين دور كل من وزارتي الخارجية والدفاع؟

Email