يُعدّ التعليم، الركيزة الأساسية لبناء مستقبل واعد ومشرق، وتبذل الدولة جهداً كبيراً للارتقاء بمستوى تحصيل أبنائها من كافة العلوم، وفق أحدث النظريات، ولكن سير العملية التعليمية يحتاج إلى بعض المبادرات لخلق بيئة صحيحة وصحية تنمو في وسطها ينابيع الخير من شبابنا.

دائماً نجد الحديث عن تطوير المناهج التعليمية، وعن الأسلوب التعليمي الأفضل للطلاب، ولكن لم نرَ من يتحدث عن الآثار المترتبة على نمطية المنظومة التعليمية الإدارية، فالدراسة تسير على نمط واحد لا يتغير. ألم نتساءل يوماً عن الآثار المترتبة على ذلك النظام الصارم، والتي تظهر في عدة صور لا يغفل عنها أحد.

الصورة الأولى، وتظهر فيها معاناة الأفراد مع بداية العام الدراسي. فشبح الزحام يسيطر على فكر الجميع، الارتباك المروري والانتظار لساعات للوصول إلى العمل، وهو ما يؤثر بالسلب في الجميع.

الصورة الثانية، وتظهر فيها المحال التجارية شبه الخاوية عند نهاية العام الدراسي، فالجميع تقريباً يقضون إجازاتهم في الخارج، أو يسافرون إلى أوطانهم لزيارة ذويهم، وهو ما يحدث نوعاً من الركود التجاري.

الصورة الثالثة، وتظهر فيها شركات الطيران، ولعلها تعد هي الفئة المستفيدة من هذا الأمر، فيبدأ الارتفاع الجنوني في أسعار التذاكر، لا لشيء إلا للازدحام على مكاتبها للسفر خلال الإجازة.

لا أظن أن هناك من لم يشعر أو يرَ هذه الصور الثلاث، فمن منا لم يتأثر بذلك الاختناق المروري والازدحام الشديد، ومن منا أراد السفر خلال هذين الشهرين، ولم يفاجأ أن أسعار التذاكر قد تضاعفت.

لا بد من العمل على حل تلك الأزمات بأسلوب متطور ومتقدم، وأخاطب هنا القائمين على المؤسسة التعليمية. فلا بد من بحث هذه المسألة، وإيجاد الحلول المناسبة، وهو ليس بالشيء المستحيل، ففي جميع الدروب، نثبت أننا الأفضل، وقد تكون لنا الأفضلية والسبق في هذا الدرب بين دول المنطقة، من خلال طرح مقترحات جديدة ونافعة.

ليس هناك ما يمنع من الاطلاع على المنظومة الإدارية التعليمية في دول أخرى، وبحث مدى ملاءمتها لظروفنا، أو خلق منظومةٍ جديدة خاصة بنا، فالمهم أن نبدأ. وهناك نماذج تعليمية أوروبية أثبتت نجاحها، ويمكن توظيفها وفق حاجتنا، بما يحقق الهدف المرجو.

لا بد من تقسيم التعليم إلى عدة قطاعات، لكل قطاع منها موعد لبدء الدراسة، وفق خطة مسبقة، تشمل عدد طلاب كل قطاع، وعدد المدارس، وطبيعة الحركة المرورية في المنطقة. كما يمكن تغيير مواعيد الدراسة، فعلى سبيل المثال، تبدأ إحدى المدارس من الساعة السابعة، بينما تبدأ مدرسة أخرى من الساعة السابعة والنصف، وأخرى من الساعة الثامنة، وهكذا.

إن هذا المنهج سيخدم الدولة والطلاب على حدٍ سواء، فهو من شأنه أن يحسن نفسية الطالب أثناء توجهه إلى المدرسة دون معاناة، وفي طقس صحي وسلس، بالإضافة إلى تخفيف أعباء الازدحام على الموظفين، ما يساعد على زيادة الإنتاج والنمو الاقتصادي في الدولة.

ومن أجل تحقيق ما تقدم، فليس هناك ما يمنع من وجود حوار مجتمعي، من خلال الوسائل التقنية الحديثة، يتم من خلاله الاستعلام عن أنسب الأوقات الخاصة بكل أسرة داخل كل قطاع.

وبهذا، يشعر كل فرد في الدولة أنه مشارك في اتخاذ القرار، بما يمكننا من تفادي السلبيات آنفة الذكر، حيث سنكون أمام فترات مختلفة للإجازات ومواعيد الدراسة، تختلف من منطقة لأخرى، بما يتلاءم مع ظروف سكانها، وبما لا يؤدي إلى خلل في المنظومة التعليمية ذاتها، والسياسة العامة للتعليم في الدولة.

أتمنى أن يأتي اليوم الذي لا يحمل فيه الفرد همّ ازدحام المرور، وألا يعاني من ارتفاع أسعار تذاكر الطيران، وألا يخشى القطاع التجاري من الركود.

لقد اعتدنا دائماً أن نكون نبراساً للحضارة والإبداع الفكري في شتى المجالات، لأننا نتطلع دوماً إلى تعزيز الأفكار الهادفة إلى النمو الاقتصادي والحضاري، لذا، لا بد أن نتكاتف لطرح حلول لما قد نتصور أنه صعب المنال ويفوق الأحلام والآمال.

 فدولة الإمارات العربية المتحدة، سبّاقة في مواجهة أي معضلة، مهما صغرت أو كبرت، بل إنها توظف وتطبق كافة الخطط الداعمة لحلّها، بما يعود على المجتمع بالنفع والخير، ويعزز فرص شبابنا الطامح بمستقبل باهر ومشرق.