التوافق العربي وضرورة تعزيزه

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من المبالغة في شيء القول إن عملية التوافق التي تمت بشأن اختيار وزير الخارجية المصرية الدكتور نبيل العربي أميناً عاماً لجامعة الدول العربية تنطوي على العديد من الدلالات شديدة الأهمية، ليس فقط فيما يتصل بطبيعة الظروف الراهنة، ولكن أيضاً فيما يتعلق بمستقبل الأوضاع العربية بوجه عام وجامعة الدول العربية بوجه خاص.

وفي هذا الإطار فإن المناخ العربي العام، وبالرغم مما تمر به أكثر من دولة عربية، بفعل الربيع العربي الذي تنتشر نسماته بامتداد المنطقة، يشير بوضوح إلى وجود رغبة عربية كبيرة وواضحة لاستعادة التضامن والتماسك بين الدول العربية، على كل المستويات، وفي جميع المجالات. صحيح أنه حدثت من قبل فترات وظروف أبدت فيها الدول العربية استعداداً مماثلاً، ولكن ذلك سرعان ما انزوى أو تضاءل بفعل سيطرة الخلافات بين الأشقاء، ولكن الصحيح أيضاً هو أن الظروف الآن مختلفة، والشعوب العربية بوجه عام تشعر بقدرتها على الفعل والعمل وفق ما تراه مناسباً لتحقيق مصالحها الآن وفي المستقبل كذلك، خاصة وأنها تسعى إلى تجاوز أية قيود تحد من انطلاقها لصنع مستقبلها على النحو الذي تريد.

على صعيد آخر فإن جامعة الدول العربية، وهي بيت العرب، الذي يمكنه جمع كل الأشقاء على صعيد واحد من أجل العمل المشترك لتحقيق مصالح الدول والشعوب العربية، الآن وفي المستقبل تحظى الآن باهتمام متزايد، على المستويين الشعبي والرسمي أيضاً. ولم يكن الالتقاء العربي على اختيار وزير الخارجية المصرية الدكتور نبيل العربي، سوى مؤشر له أهميته، خاصة وأن إسهاماً مهماً ومقدراً ساهمت به دولة قطر الشقيقة من خلال مشاركتها الفاعلة في تحقيق ذلك وسحب مرشحها عبدالرحمن بن حمد العطية الأمين العام السابق لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، والتأكيد على أن مرشح قطر هو مرشح مصر ومرشح مصر هو مرشح قطر، ومن ثم أعطت أنموذجاً طيباً في العمل من أجل تحقيق الالتقاء والتوافق العربي في مثل هذه الظروف الدقيقة، وهذه المواقف ليست بغريبة على القيادة القطرية على أي نحو، ومما له دلالة في هذا المجال أن الموقف والإسهام القطري حظي بتقدير مختلف الدول الشقيقة خلال اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية.

جدير بالذكر أن معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية أشار في حديث نشرته صحيفة الشرق الأوسط إلى التوافق والإجماع العربي حول اختيار الدكتور نبيل العربي أميناً عاماً لجامعة الدول العربية، وأوضح في الوقت ذاته أن هناك توافقاً عربياً أيضاً بشأن تدوير منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية بعد السنوات الخمس القادمة، وهي فترة تولي الأمين العام لمنصبه، خاصة وأنه ليس شرطاً أن يكون الأمين العام لجامعة الدول العربية من دولة المقر، وإن كان ذلك حدث بالتوافق على امتداد العقود الماضية، كما أكد معاليه على أهمية وضرورة تعزيز العلاقات العربية على مختلف المستويات، ودعم العمل العربي المشترك كذلك لتحقيق مصالح كل الدول والشعوب العربية وتعزيز الاستقرار في المنطقة في الحاضر والمستقبل أيضاً.

 


 

Email