يوحي الإخوان المسلمون إلى المجلس العسكري الأعلى الذي يمتلك السلطة العليا في مصر الآن بتعيينهم خيرت الشاطر مرشحا للرئاسة في مصر وكأنهم مستعدون للنضال عن مواقفهم ودفع ثمن عن ذلك.

بعد انتصارات لم يسبق لها مثيل للإخوان المسلمين في نطاق الانتخابات لمجلسي الشعب في مصر، زاد التوتر بينهم وبين المجلس العسكري الأعلى. فالأولون يطلبون تمكينهم من تحقيق إرادة الشعب ونقل السلطات التنفيذية إلى جهات انتخبها في حين يتأخر المجلس العسكري عن إطلاق الصلاحيات التي أخذها لنفسه بعد تنحية مبارك.

 

إشعال الشارع

برغم أن الإخوان يتصرفون بضبط للنفس وتفكير متزن في مواجهة المجلس العسكري، تُسمع من قبلهم في المدة الأخيرة تحذيرات. يشمل واحد منها تهديدا فحواه انه إذا لم يستمر ضباط الجيش في نقل السلطات إلى المؤسسات المنتخبة فلن يحجم الإخوان عن إشعال الشارع. وان انتخاب المهندس ورجل الأعمال خيرت الشاطر مرشحهم لانتخابات الرئاسة في الشهر القادم استمرار لتهديدات من هذا النوع، فالشاطر هو رمز الإخوان إلى ثمن التضحية الذي هم مستعدون لدفعه في مكافحة النظام للتمكين من احترام إرادة الشعب وتحقيق مسارات ديمقراطية.

 

اعتقال وتعذيب

قضى الشاطر طوال سنين فترات سجن وأصبح الزعيم الأكبر للإخوان. وزيادة على العمل الميداني المختص الذي قام به الإخوان في العقود الأخيرة والسلوك الذي لم تكن فيه أية أخطاء في السنة الأخيرة، فإنهم يحظون بتزكية عظيمة بسبب الكلفة التي دفعوها. فقد جرب نشطاؤهم الاعتقالات والتحقيقات والتعذيب، بل أُعدم بعض منهم.

ويُنظر إلى الشاطر باعتباره واحدا دفع ثمنا باهظا يضاف إلى مشكلاته الصحية في نضال عادل مبدئي لاستبداد النظام وبلادة حسه. ويأمل الإخوان أن يجزيه الشعب عن ذلك في الانتخابات. وقد خسرت عائلته الكبيرة عائلها الرئيس على اثر اعتقاله واضطرت إلى أن تجابه مثل كثيرين آخرين الواقع الاقتصادي الاجتماعي الصعب. وحظيت مجابهة زوجته بتغطية إعلامية واسعة من الإخوان واهتموا بنشر ذلك.

 

اتهام العسكر

ويُرى الشاطر في مصر إنساناً متديناً مثقفاً في مجالات شتى وقوي الحضور ونشيطا وصاحب مبادئ وواحداً تسلق إلى القمة بأصابعه العشرة.

هذه هي الصورة التي يروجها الإخوان للشعب المصري في مواجهة فريق من ضباط الجيش يُصنفون على أنهم بقايا النظام السابق «الكريه». وقد استنتج الإخوان ان ترشيح مرشح للرئاسة لا يمكن إلا أن يكون في مصلحتهم ويضمن الاستمرار في نقل الصلاحيات. وهذا إجراء محسوب جيداً قد يمهد الطريق لهم للسيطرة على السلطة في مصر.

يتهم الإخوان المجلس العسكري بأنه يؤخر تعيين لجنة تأسيسية لصياغة الدستور، ويزعمون أيضاً أن الضباط لا يُمكّنون من انتخاب حكومة ائتلاف.

وهذان الأمران من صلاحية مجلس الشعب، وتعلمون أن للإخوان أكثرية في مجلس الشعب وأن رئاسة المجلس لهم: فسعد الكتاتني (ابن الستين) وهو مختص بعلم الأحياء الدقيقة، وأمين سر حزب الإخوان في السابق، انتُخب في يناير هذا العام ليكون رئيس مجلس الشعب.

 

الكتاتني

يشتهر الكتاتني بلغته اللاذعة وأسهم الانتقاد التي يوجهها إلى النظام. وهو يبرهن في عمله الحالي إلى الآن على مثابرة مدهشة على النضال السياسي الإعلامي في مواجهة المجلس العسكري.

ولا يقل الشاطر عن الكتاتني في سجل نضال «بقايا النظام السابق»، بل يفوقه في هذه المعايير ولأنه مرشح للرئاسة أيضا.

ان الإخوان يوحون بترشيحه إلى ضباط الجيش في واقع الأمر بأنهم مستعدون لتجديد النضال إذا تأخر إجراء نقل الصلاحيات وأن يدفعوا ثمنا عن ذلك.

وفي السياق نفسه ينبغي أن نذكر انه بخلاف التحليلات التي تُسمع في وسائل الإعلام في الأيام الأخيرة والمتعلقة بطابع الشاطر البراغماتي، تكشف نظرة أخرى إلى أعماله على مر السنين عن استنتاج آخر وهو انه مقاتل ذو آراء صلبة. والدليل على ذلك انه تعدى القانون أكثر من مرة في نضاله من اجل الدفع قُدما بأهداف الإخوان وهي إسقاط نظام مبارك وإنشاء دولة مدنية تخضع لسلطة تشريع إسلامي.

 

الشاطر

 

محمد خيرت سعد عبداللطيف الشاطر (ولد في 4 مايو 1950) مهندس ورجل أعمال مصري، والنائب الثاني للمرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في عهد المرشد السابق محمد مهدي عاكف والنائب الأول للمرشد العام الحالي محمد بديع. قرر مجلس شورى الجماعة ترشيحه لرئاسة الجمهورية 2012 عقب خلافات سياسية بينها وبين المجلس العسكري، حول إقالة وزارة الجنزوري وذلك يوم 31 مارس 2012، فقدم استقالته عن منصبه في الجماعة من أجل الترشح للرئاسة. وقد جاء هذا القرار مخالفا لما قيل من قبل جميع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين قبل فتح باب الترشح، بأنهم لن يخوضوا سباق الرئاسة.