سادت أجواء فرحة مشوبة بالحذر ساحة الاستقلال وسط العاصمة الأوكرانية كييف بعد الإعلان عن توقيع اتفاق بين المعارضة والرئيس فيكتور يانوكوفيتش ينهي الأزمة المستمرة بالبلاد منذ ثلاثة أشهر تقريباً، وسط دعوات دولية للمسارعة إلى تنفيذ البنود المتفق عليها.
وأفادت مصادر أن المتظاهرين عبروا عن فرحتهم بالاتفاق الذي يأملون في أن يضع حداً للصراع الذي خلف حتى الآن أكثر من 77 قتيلاً وعشرات الجرحى، وأكدت أن البرلمان الأوكراني صادق بأغلبية 386 صوتاً بالعودة إلى دستور 2004 الذي يحول البلاد إلى دولة برلمانية رئاسية ويحد من صلاحيات الرئيس.
وصادق البرلمان على تعديلات في القانون الجنائي يمكن أن تسمح بإطلاق سراح رئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكا، وكذلك الذين تم اعتقالهم أثناء الأحداث الدامية التي شهدتها البلاد. كما صوت البرلمان على إعفاء وزير الداخلية فيتالي زخارتشينكو بسبب أعمال العنف.
يأتي ذلك وسط مخاوف من أن يواجه الاتفاق بعراقيل جديدة، حيث أعلنت الجبهة اليمينية - التي توصف بالتشدد- رفضها الاتفاق، مؤكدة أنها ستواصل ما أسمته الثورة.
وينص الاتفاق على ضرورة تسليم المعتصمين المسلحين أسلحتهم أثناء اليوم إلى جانب عودة جميع قوات الأمن إلى مراكزها، إضافة إلى معاقبة من تلطخت أيديهم بالدماء في السلطة، وإقالة النائب العام، وإبعاد وزير الداخلية الحالي من أي تشكيلة حكومية مقبلة.
ووقع ثلاثة من قادة المعارضة الأوكرانية اتفاق إنهاء الأزمة مع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش داخل القصر الرئاسي بحضور وسطاء الاتحاد الأوروبي، فيما غادر ممثل موسكو في المفاوضات أوكرانيا إلى بلاده ولم يحضر حفل توقيع الاتفاق، حيث تم حذف بطاقة التعريف الخاصة به من على الطاولة التي وقع عليها الاتفاق.
في الأثناء، رحب البيت الأبيض بالتوقيع على اتفاق بين السلطة والمعارضة في أوكرانيا لإخراج البلاد من أزمتها، معرباً عن أمله في أن يتم تطبيقه فوراً فيما عبر رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون عن أمله في أن يشكل الاتفاق بادرة لوقف الدماء المسالة.
من جهتها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون إن مستقبل أوكرانيا ينطوي على تحديات كبيرة ويتوقف على كيفية تطبيق الاتفاق الموقع لتسوية الأزمة السياسية.
بدوره، رحب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بالاتفاق داعياً إلى «تطبيقه بحرفيته وفي أسرع وقت».
بالمقابل، نقلت وكالة «انترفاكس» عن الوسيط الروسي فلاديمير لوكين قوله عقب عودته إلى موسكو «لا تزال هناك تساؤلات محددة.. وستتواصل المشاورات.. هذه عملية طبيعية» مؤكداً أنه لم يوقع على الاتفاق.
وجاء التوقيع بعد إعلان وسطاء الاتحاد الأوروبي قبول المعارضة ببنود الاتفاق الذي ينص على إجراء انتخابات رئاسية مبكرة وإجراء تعديلات دستورية، إلى جانب تشكيل حكومة وحدة وطنية.
من جهة أخرى أعلن نائب رئيس الأركان في الجيش يوري دومانسكي استقالته من منصبه معتبرا أن القوات المسلحة «تنجر إلى خلاف مدني». وقال: «سلمت استقالتي من أجل منع المزيد من التصعيد وإراقة الدماء». يأتي ذلك فيما حذر الأمين العام لمنظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» اندرس فوج راسموسين من عواقب وخيمة على الشراكة بين الحلف وأوكرانيا «إذا هاجم الجيش الأوكراني شعبه».
اشتباكات بالأيدي
إلى ذلك، لم تسلم قبة البرلمان من المواجهات، إذ اندلعت في وقت سابق أمس اشتباكات بالأيدي بين نواب عندما أعلن رئيس البرلمان وقفاً مؤقتاً للجلسة، وأجّل نقاشاً حول تشريع محتمل يدعو إلى تقليص صلاحيات الرئيس.
وتبادل الأعضاء اللكمات، وسادت حالة من الفوضى في القاعة لبضع دقائق. ثم غادر فولديمير ريباك حليف يانوكوفيتش القاعة، لكن بعض النواب استمروا في الجدل.
