غداة يوم دامٍ راح ضحيته 26 قتيلاً وأكثر من ألف جريح، تواصلت المواجهات أمس بين محتجين أوكرانيين في ساحة الاستقلال وسط العاصمة كييف، فيما هدد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش باستخدام القوة وملاحقة قادة المعارضة، واصفاً ما يجري بأنه محاولة «انقلاب»، ومعلنا في الوقت ذاته اليوم (الخميس) يوم حداد وطني.
وبعد فشل محادثات بين الرئيس الأوكراني وزعيم المعارضة فيتالي كليتشكو لإنهاء العنف، تدفق المتظاهرون الأوكرانيون على ميدان الاستقلال وسط كييف، بعد أدمى يوم منذ نالت الجمهورية السوفييتية السابقة استقلالها، سقط فيه 26 قتيلاً، بينهم تسعة من رجال الأمن وصحافي، وأكثر من ألف جريح بينهم 25 صحافياً.
وأكدت وزارة الصحة الأوكرانية هذه الحصيلة، مشيرة إلى سقوط مئات الجرحى أيضاً، موضحة أن ثمانية أشخاص توفوا بعد نقلهم الى المستشفيات. واستولى محتجون أول من أمس على مبان حكومية في العاصمة، فيما بدأت القوات الخاصة (بيركوت) فجر أمس تشديد حصارها على ميدان الاستقلال حيث الاعتصام. كما سيطر متظاهرون على اسلحة تابعة لوحدة عسكرية في مدينة لفيف (غرب) كانوا سيطروا عليها ليل الثلاثاء - الأربعاء.
يانوكوفيتش يهدد
وهدد الرئيس الأوكراني بملاحقة زعماء المعارضة «الذين تخطوا الحدود»، متهما اياهم بالسعي من خلال العنف «للاستيلاء على السلطة».
وقال يانوكوفيتش، في كلمة الى الامة في وقت كانت قوات مكافحة الشغب تشن هجوما فجر أمس ضد المتظاهرين في ساحة الميدان، إن «زعماء المعارضة تجاهلوا مبدأ الديموقراطية الذي يقوم على الوصول الى السلطة من خلال انتخابات وليس في الشارع.. لقد تخطوا الحدود بدعوتهم الناس الى حمل السلاح». واضاف انه «انتهاك فاضح للقانون وان المذنبين سوف يمثلون امام القضاء».
هجوم جديد
وشنت قوات مكافحة الشغب الاوكرانية هجوما جديدا على الميدان، الساحة الرئيسية في كييف، بعد اطلاقها قنابل صوتية واخرى مسيلة للدموع بشكل كثيف، معلنة أنها بدأت حملة لـ «مكافحة الإرهاب».
وتقدم رجال الشرطة وتمركزوا حول النصب القائم وسط الساحة صباح امس، واندلعت النيران بالخيم المحيطة بالنصب الواحدة تلو الاخرى. فيما رد المتظاهرون برشق رجال الشرطة بحجارة الارصفة.
تحقيق أمني
وأعلنت اجهزة الامن انها فتحت تحقيقا في «محاولة الاستيلاء على السلطة بشكل غير مشروع». وذكرت وكالة الامن، في بيان، ان «اجهزة الامن الاوكرانية بدأت تحقيقا في الاعمال غير المشروعة التي قام بها بعض السياسيين، والهادفة للاستيلاء على السلطة».
روسيا تندد بـ «محاولة الانقلاب» وأوروبا تلوّح بعقوبات
فيما أعلن الاتحاد الأوروبي أمس، أنه يدرس فرض عقوبات على المسؤولين عن القمع في أوكرانيا، واصلت روسيا دفاعها عن النظام الحاكم، واصفة ما يجري في البلاد بأنه محاولة «انقلاب».
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، إن الاتحاد سيدرس فرض عقوبات على المسؤولين عن القمع، مشيرة إلى عقد اجتماع طارئ اليوم لوزراء خارجية الاتحاد في بروكسل لبحث تطورات الأوضاع. ودعت آشتون إلى اجتماع لسفراء دول الاتحاد الأوروبي المكلفين الشؤون الأمنية، سيجري خلاله «بحث كل الخيارات بما يشمل فرض عقوبات على المسؤولين عن القمع، وانتهاكات حقوق الإنسان»، كما قالت في بيان. من جهته، قال رئيس المفوضية الأوروبية جوزيه مانويل باروزو «نأمل في أن تتمكن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي من الاتفاق بشكل عاجل على إجراءات محددة الأهداف ضد المسؤولين عن العنف والاستخدام المفرط للقوة».
دعم ألماني فرنسي
من جانبه، تعهد الرئيس الفرنسى فرانسوا هولاند، خلال مؤتمر صحافى مشترك مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بفرض عقوبات على الذين يقفون وراء أعمال العنف. كما ناشد وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير «التقاط الأنفاس»، وطالب بالتخلي عن العنف. وذكر شتاينماير أن أوكرانيا تدفع ثمن «سياسة المماطلة»، التي ينتهجها الرئيس الأوكراني غالباً، مضيفاً أن فرض عقوبات على أفراد في القيادة الأوكرانية أصبح مطروحاً الآن، للرد على تطورات الأوضاع هناك. فيما أعلن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك، أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على «الأشخاص المسؤولين» عن الاضطرابات.
تنديد روسي
وفي خضم كافة محاولات التهدئة ووقف إراقة الدماء، واصلت موسكو أمس تنديدها بالاحتجاجات، معتبرة إياها «محاولة انقلاب»، معلنة أنها طلبت من قادة المعارضة في هذا البلد العمل على وقف العنف. وذكرت وزارة الخارجية الروسية في بيان أنها «محاولة انقلاب»، مضيفة أن «الجانب الروسي يطالب بأن يعمل القادة (المعارضة) على وقف إراقة الدماء في بلادهم، وأن يستأنفوا بسرعة الحوار مع السلطة الشرعية، بدون تهديدات ولا إنذارات».
فيما قال الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بحث الأحداث في كييف مع الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عبر الهاتف الليلة قبل الماضية. وأكد بيسكوف أن بوتين، الذي حمّل ما أسماهم بـ «متطرفين» في أوكرانيا مسؤولية العنف، لا يعطي نصائح لنظيره الأوكراني في تلك الأزمة.
دعوة أميركية
وفيما حضت الولايات المتحدة يانوكوفيتش على سحب قوات الأمن من شوارع كييف، أصدرت تحذيراً جديداً بشأن السفر إلى أوكرانيا. بينما دعت الصين جميع الأطراف إلى الحوار. وحضّ الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني، الرئيس يانوكوفيتش على التهدئة فوراً، وإنهاء المواجهة في ميدان الاستقلال، مكرراً دعوات الولايات المتحدة إلى الحوار مع زعماء المعارضة، وطالب وضع حد لاستخدام القوة المفرطة من قبل أي من الجانبين.
إغلاق طريق
أعلن حرس الحدود البولندي ان عشرات الاوكرانيين سدوا طريقا مؤديا الى معبر حدودي متجه الى الاراضي البولندية، لكن المعابر الحدودية الاخرى لم تتأثر. وقال ناطق باسم حرس الحدود: «تلقينا معلومات من اناس تمكنوا من عبور الحدود ان نحو 200 اوكراني سدوا الطريق المؤدي الى معبر كورتشوفا الحدودي. يمكن ان يكون عددهم الان وصل الى 300 فرد». د.ب.أ

