لم تنجح محاولتا الاغتيال تعرض لهما رئيس الوزراء الروســي فلاديمير بوتين الملقب بـ«قيصر سانت بطــــرسبورغ» كــــما يحلو للبعض أن يلقبه في ثنيه عن طموحاته التي لا تعرف حدودا، والعودة مجددا إلى رئاسة الكرملين كي يعيد بلاده إلى قوتها وهيبتها، على حد تعبيره، معتبرا ذلك يحتاج إلى وقت طويل.

ورغم أن بوتين البالغ من العمر 59 عاما، قال لدى تسلمه نائب الرئيس بالإنابة في العام 1999 من سابقه بوريس يلتسين «نحن جنود»، إلا أن القيادة غدت ذات طعم خاص لدى الرجل، فلم يكتف منها بثمانية أعوام قضاها في سدة الحكم، خلال فترتي الرئاسة من العام 2000 وحتى العام 2008، أعقبهما بتوليه رئاسة الحكومة منذ ذلك الحين، ليغدو المرشح الأوفر حظا بالجلوس على كرسي الكرملين، في ظل انتـــخابات تقاطعه المعارضة وتعتبرها «صورية».

ورغم أن بوتـــين تعهد في مهد طريقه للحكم أن تعود بلاده إلى قوتها وهيبتها، مشددا أن الطريق للوصول إلى هذا الهدف سيكون «ديمقراطيا» لكن وسائل الانتقال إليه «يمكن» ان لا تكون كذلك!، ما جعل الخصم التقليدي لبلاده الــــولايات المتــــحدة الأميركية، تشكك في نزاهــــة الانتخابات البرلمانية الأخيرة والتي أجريت مؤخرا، بأنها «غير نزيهة».

وللرجل رغم المآخذ، حسنات في عيني مؤيديه، ليس أقلها تخليه عن مظهره العسكري الجامد، وثمة تواضع يبديه في المتعاملين معه في الكرملين، لكن كذلك، حرصه على ما ســماه به المؤيدون له بـ«المصالح الوطنية» لروسيا الاتحادية. ولم يخف قيصر سانت بطرسبورغ في هذا المجال في وقت سابق أن بلاده «غنية لكن اهلها فقراء»، لذا، سيبني دولة قوية، مهددا بأن من «يهين روســــــيا لن يعـــيش اكثر من ثلاثة أيام».

والاسم الكامل لقيصر سانت بطرسبورغ هو فلاديمير وفييتش بوتين، ولد في سانت بطرسبورغ (التي كانت تعرف أثناء الحقبة السوفييتية البلشفية بلينينغراد) في السابع من أكتوبر العام 1952. وتخرج من كلية الحقوق في جامعة لينينغراد في العام 1975، وقام بتأدية الخدمة العسكرية بجهاز أمن الدولة كما حصل على درجة الدكتوراة في فلسفة الاقتصاد. وشغل بوتين العديد من المناصب والتي تدرج فيها حتى أصبح على عرش الكرملين، حيث عمل في لجنة أمن الدولة في الاتحاد السوفييتي سابقاً، وتولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينغراد للشؤون الخارجية، وأصبح مستشاراً لرئيس مجلس لينينغراد، وغدا النائب الأول لرئيس حكومة مدينة سانت بطرسبورغ في العام 1994.

عرف بوتين كبطل رياضي، واشتهر عنه شغفه برياضيات الدفاع عن النفس، والتي شغلت حيزا من اهتمامه إبان فترة شبابه، حتى أنه في العام 1973 صار أستاذاً في لعبة السامبو، والتي تحول منها إلى لعبة الجودو، حيث تألق بها حاصلا على الحزام الأسود. وكثيراً ما استعرض قدراته في الجودو خلال جولاته الداخلية والخارجية.

وانتخب رئيساً لروسيا الاتحادية في السادس والعشرين من مارس 2000، وتولى المنصب في السابع من مايو من نفس العام، وأعيد انتخابه رئيساً لروسيا مرة أخرى في الرابع عشر من مارس 2004 واكتسح الانتخابات بغالبية الأصوات.

وخلال فترة رئاسته عمل بوتين، الذي يجيد اللغتين الألمانية والإنجليزية، على تعزيز السلطة المركزية، وبلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي حوالي سبعة في المئة سنوياً، هذا بالإضافة للانخفاض الملحوظ لكل من التضخم والبطالة، وارتفع الدخل الحقيقي للسكان بنسبة 50 في المئة، كما عملت الحكومة على تسديد ديون خارجية تبلغ قيمتها 50 مليار دولار.

لكن السؤال الذي سيجيب عنه المستقبل، هل سيظل القيصر متربعا على العرش بعيدا عن عواصف الخريف التي تهب من حين لآخر على بلاده عبر تظاهرات رافضة عودته إلى عرش الكرملين؟.