شكل ارتفاع درجة الحرارة منذ بداية الصيف كابوسا حقيقيا للجزائريين، خاصة بعد إعلان وسائل إعلام أن درجة الحرارة وصلت في بعض المناطق الجنوبية من البلاد 50، وهي الدرجة التي لم تشهدها الجزائر منذ زمن بعيد، وهو ما شكل إرباكاً في حياة الجزائريين، حيث اختار العديد من الموظفين أخذ إجازاتهم السنوية خلال شهر رمضان تجنباً للحرارة واكتظاظ الحافلات، وسط إقبال غير مسبوق على شراء المكيفات الهوائية.

إشغال الوقت

وفي الوقت الذي كنا نشهد تفضيل الموظفين العمل في الشهر الكريم من أجل إشغال وقتهم، اتجه الكثيرون منهم إلى المطالبة بالحصول على إجازتهم السنوية خلال هذا الشهر، وهو ما أربك الحياة العملية في الجزائر، إذ اضطر العديد من مديري الشركات إلى التوقيع على الإجازات والاكتفاء بأقل عدد ممكن من الموظفين.

ويبدو أن المثل القائل «مصائب قوم عند قوم فوائد» يتجلى بوضوح خلال هذه الفترة، حيث عرفت المكيفات الهوائية رواجاً كبيراً في الأسواق، وبات المواطن الجزائري يقتصد في قوت يومه ليشتري على الأقل مكيفاً تجتمع له الأسرة في هذا الحر الشديد.

ويقول عبد الرزاق دريسي (30 عاما)، وهو إعلامي في إذاعة عنابة، إنه بمجرد إعلان الأرصاد الجوية عن ارتفاع الحرارة استبق وطلب إجازته السنوية التي كان من المقرر أن يأخذها بعد نهاية شهر رمضان، غير أن الحرارة الشديدة أجبرته على تغيير موعد طلبه للإجازة

من جانب آخر استغنى الكثير من الشباب الذين يمارسون أعمالا شاقة، منها حمل أكياس الإسمنت والحفر والبناء وغيرها عن الأعمال اليومية، والتي يسترزقون منها عن عملهم في رمضان، نظرا لارتفاع درجة الحرارة، فالكثير منهم لا يقاومون العطش أثناء الصيام.

وفي حين تشهد ارتفاع درجات الحرارة إرباكاً في الحياة العامة، وشوهد في الفترة الأخيرة إقبال مرتفع وغير طبيعي على المكيفات الهوائية التي شهدت موجة تسويق واسعة لم تعرفها من قبل من طرف جميع الفئات الاجتماعية.

رسائل تطمين

وتقول زهية إلياس، وهي ربة بيت، إنها اقتصدت هذا العام حتى تحصل على مكيف هوائي، خاصة لرمضان، الذي تزامن مع ارتفاع درجة الحرارة، وتضيف: «على الأقل نهنأ بإفطار في جو منعش وبارد بدلا من الحرارة داخل البيت وخارجه». أما وردية عثمان شريف فأكدت أن أول ما فكرت به هو تركيب مكيف في بيتها الجديد، حيث ذكرت أنها كانت تعاني من الحرارة في بيت الإيجار الذي لا يوجد به تكييف، معربة أن يمر شهر رمضان في أحسن الظروف هذا العام وفي بيتها الجديد. إلى ذلك سعى مركز الأرصاد الجوية الجزائري إلى إرسال رسائل تطمين للمواطنين في نشرات عديدة، أكد فيها أن موجات الحر التي تشهدها الجزائر خلال هذه الأيام، والتي فاقت في العاصمة 47 درجة، ولم تشهدها منذ العام 2004 هي عادية، لكنها ارتفعت عن المعدل الفصلي بحوالي 5 إلى 10 درجات فقط، وستعود إلى مستواها خلال الأيام المقبلة.

نصائح رمضانية

 

يتغير السلوك الغذائي للصائم من حيث التوقيت وعدد الوجبات ونوعيتها، فتقدر عدد الساعات بحوالي 14 ساعة، إضافة إلى درجة الحرارة المرتفعة، وهو ما يستوجب اتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى لا تكون لهذا الشهر تأثيرات سلبية.

فينجم عن هذه الحرارة الشعور بالعطش الشديد، مما يدفع بعض الصائمين إلى افتتاح افطارهم بالماء البارد لإطفاء لهيب العطش، وهذا السلوك أكد المختصون في التغذية خطورته وتهديده للصحة، فالماء والسوائل ضرورية كي يتجنب الصائم الإصابة بجفاف الجسم، لكن درجة حرارة هذه المواد يجب أن تكون ملائمة لحرارة معدة خاوية لمدة طويلة. وكما ينصحون باعتماد نظام محدد من الغذاء للتحرر من العطش والمساعدة على تحمله وتجنب الإحساس به خلال ساعات اليوم الطويلة في انتظار موعد الإفطار.

ومن بينها تجنب تناول الأكلات والأغذية المحتوية على نسبة كبيرة من البهارات والتوابل، خاصة عند وجبة السحور، لأنها تحتاج إلى شرب كميات كبيرة بعد تناولها، وشرب كميات من المياه في فترات متقطعة من الليل، وتناول الخضراوات والفواكه الطازجة في الليل وعند السحور، لأنها تحتوي على كميات من الألياف والماء، والتي تمكث فترات طويلة في الأمعاء، مما يقلل من الإحساس بالعطش والجوع.