لم تكفِ العراقيين كوارث الهزات والزلازل الأمنية والسياسية، لتفاجئهم الهزات والزلازل الأرضية الطبيعية، التي لم يعتادوا عليها، ولم يتحسبوا لوقوعها، وكانت ردود أفعالهم متباينة، فبعضهم ارتعب وخشي من هجمة الكوارث الطبيعية على العراق، بعد أن عانى أهله الكثير من ويلات الحروب والتفجيرات وأحداث العنف، والبعض الآخر تساوت عنده الأمور بعد كل ما عاناه ويعانيه من صعوبة العيش، في بلد ما زال يرزح تحت تأثيرات الاحتلال، وما نتج عنه من أزمات سياسية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية أيضاً.
وبحسب الوكالة الوطنية العراقية «لم يجد البعض في الأمر ما يثير الاهتمام، فمن يرى الموت لا تهمه الكوارث، وربما فيها خلاص إلهي من الوضع الحالي»، لكن البعض الآخر، مثل الحاج خلف، وهو صاحب مقهى قديم في إحدى المناطق الشعبية، يعترض بشدة على وجود مثل هذه الأخطار، التي قد تهدد أمن وسلامة العراق، وان ما حدث ويحدث هو امتحان لأهلها الطيبين.
وبعيداً عن «فلسفة» الحاج خلف، كان يجب الوقوف على رأي علمي يحلل ما جرى في السنوات الأخيرة في عدد من مدن العراق، ومنها السليمانية والموصل ثم الكوت ومنطقة علي الغربي في ميسان، التي تعرضت لعدد من الهزات الأرضية مؤخرا، وأخيراً كركوك التي تعرضت لهزة أرضية بقوة 4.6 درجة على مقياس ريختر، ضربت قضاء الحويجة ومناطق متفرقة من المحافظة، وكانت نتيجتها سقوط ثلاثة بيوت طينية من دون حدوث أضرار بشرية. وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها الحويجة مثل هذه الظاهرة، لكنها قد لا تكون الأخيرة حسب تحذيرات دائرة الأنواء الجوية في كركوك، التي حذرت مواطنيها من احتمال حدوث زلازل أخرى أشد، وأوصتهم بضرورة اتخاذ الحيطة والحذر.
وتؤكد مديرة الرصد الزلزالي في الهيئة العامة للأنواء الجوية بوزارة النقل سميرة عبدالرضا عدم قدرة الهيئة على التنبؤ بقدوم الزلزال، كما يحدث مع العواصف والأمطار، لأن الزلازل تحدث نتيجة اصطدام الصفيحة العربية التي يقع العراق على حدودها الشمالية الشرقية، مع الصفيحة الأوراسية التابعة لجبال إيران وتركيا. وتقول إنه «رغم أن الاصطدام خفيف وحركة الصفيحة العربية نسبية، لكنها تسبب مع ذلك هذه الهزات الأرضية التي انسحب تأثيرها على الأراضي العراقية في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى إثارة قلق البعض وخشيتهم من تعرض العاصمة بغداد لمثل هذا الخطر». وتستبعد عبد الرضا تعرض بغداد لخطر الزلازل بسبب موقعها ضمن السهل الرسوبي، وابتعادها عن حدود العراق التي يمكن أن تتعرض لخطر الهزات أكثر من غيرها.
وكان فريق متخصص من هيئة الرصد الزلزالي في بغداد زار المناطق التي تعرضت لهزات أرضية، ومنها منطقة علي الغربي في أبريل الماضي واطلع على الأضرار وتم نصب وتشغيل محطة زلزالية وتدريب الكادر الموجود في المنطقة على كيفية تشغيلها وتحليل المعلومات الزلزالية، ورفد قسم الرصد الزلزالي في بغداد بالتقارير الزلزالية، فضلاً عن إقامة الندوات للمواطنين لامتصاص حالة الهلع التي أصابتهم وتعريفهم بأضرار الزلازل وكيفية حماية أنفسهم منها.
