قال نائب رئيس وزراء مصر السابق، والفقيه القانوني الدكتور يحيى الجمل، أن المرحلة التي تمر بها مصر الآن هي الأكثر خطورة، محملاً جماعة الإخوان المسلمين جزءاً كبيراً من المسؤولية عن ذلك؛ بسبب محاولاتها للسيطرة على كل شيء في مصر على غرار نظام مبارك السابق.

وتحدّث الجمل، في حواره مع «البيان»، عن العديد من القضايا الدستورية، والتي لا تزال تثير جدلاً في الشارع المصري، في ظل العديد من الأحداث المتتابعة، بينها قانون العزل السياسي، ورأيه في جماعة الإخوان المسلمين، بالإضافة إلى رؤيته التحليلية للانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي قال فيها إنه رفض الترشح بسبب عمره المتقدم.

وهذا نص الحوار

ما تقييمك للأوضاع الحالية التي تمرّ بها مصر حاليًا؟

أعتقد أن المرحلة الحالية التي تمرّ بها مصر هي الأقسى والأكثر غموضًا، وأؤكد أن البدايات الخطأ دائماً تؤدي إلى نتائج خطأ، فكل ما تعانيه مصر الآن؛ سببه الانتخابات البرلمانية التي تمت قبل وضع الدستور.

ألا ترى أن الإخوان المسلمين مسؤولون عن هذا الغموض؟

ما قامت به الجماعة من استحواذ على اللجنة التأسيسية للدستور، هو جزء من محاولات الإخوان للسيطرة على كل شيء في مصر، فالجماعة حاولت إقصاء الأطراف الأخرى في كتابة الدستور، وأؤكد أن مسألة كتابة الدستور يجب ألا تؤخذ بهذا الاستخفاف؛ لأنه دستور ستتبعه دولة بكاملها.

كيف يمكن تحقيق التوافق السياسي حول كتابة الدستور الجديد؟

حضرت أخيراً اجتماعاً ضم فريقاً من القانونيين والفقهاء الدستوريين، كنت واحدًا منهم، واجتمعنا مع الفريق سامي عنان نائب رئيس المجلس العسكري؛ لمناقشة أزمة الدستور وانتخابات الرئاسة، وتضمن الاجتماع اقتراحات عدة، لكنني تقدّمت باقتراح أكدت فيه ضرورة تمثيل كل فئات المجتمع المصري في اللجنة التأسيسية للدستور، مثل المرأة والمسيحيين والعمال وكل الأحزاب السياسية؛ بحيث تكون اللجنة معبرةً عن كل فئات المجتمع المصري، وليست معبرةً فقط عن التيار الإسلامي، وفي الوقت ذاته اقترحت أن تكون هناك لجنة بجانب الجمعية التأسيسية تضم عدداً من الفقهاء لتعرض عليها القوانين لصياغتها.

 

لا لعزل الفلول

كيف تقيّم أداء جماعة الإخوان في الفترة الحالية؟

أرى أنها خسرت جزءاً كبيراً من أرضيتها في الشارع المصري، كما انتهى شهر العسل بينها وبين المجلس العسكري والشارع، وذلك بسبب الاستعلاء والاستكبار والرغبة في الاستئثار بكل شيء، تماماً مثل نظام مبارك الذي انتهى إلى أنه حاول الاستئثار بكل شيء وإقصاء الجميع.

كل ما يحدث لا يتعدى المطالبات العبثية التي تؤدي إلى تعطيل الإنتاج، والإضرار بالاقتصاد المصري، وإن كنت أعتبر ما يحدث هو وسيلة يقوم بها كل طرف للضغط على الآخر. أما قانون عزل الفلول فأنا ضده تماماً، حيث يمنع عدداً من المواطنين من مباشرة حقوقهم السياسية، كما أن القانون يشوبه عدم الدستورية؛ لأن القوانين يجب ألا تطبق أبداً بأثر رجعي، سواء أقرّها المجلس العسكري أو صدّقت عليها المحكمة الدستورية العليا، كما أرى أن قانون العزل السياسي في الحالتين يكون قد قفز على إرادة الشارع المصري الذي له الحق الكامل في اختيار من يمثله.

ما السر وراء حرص الجماعة على الدفع بمرشح للاستحواذ على كرسي الرئاسة؟

مازلت أتعجب من قيام الجماعة بالدفع بمرشح إلى الانتخابات الرئاسة، وخاصة أن عدداً من قياداتها أكد لي سابقاً أن الجماعة ستلتزم بقرارها بعدم الترشح للانتخابات، ولكن ربما يكون هذا الموقف هو رد فعل منهم على رفض المجلس العسكري إقالة حكومة د. الجنزوري.

ما توقعاتك للسباق الرئاسي بعد الاستبعادات التي قامت بها اللجنة العليا للانتخابات أخيراً؟

أرى أن تفتيت أصوات الإسلاميين بين د. عبد المنعم أبوالفتوح ود.محمد مرسي قد يؤدي إلى فوز مرشح آخر، مثل عمرو موسى، الذي أتوقّع أن يدخل مرحلة الإعادة مع أبوالفتوح أو مرسي، وبخاصة أن منافسه الفريق أحمد شفيق يواجه صعوبات في تقبل الشارع المصري له بسبب قربه من النظام السابق.

من وجهة نظرك من هو أقرب المرشحين للفوز بلقب رئيس الجمهورية؟

أعتقد أن د. عبد المنعم أبوالفتوح هو أقرب المرشحين إلى قلوب الشعب المصري، فهو مسلم صادق يؤمن بالدولة المدنية، ويمثل التيار الإسلامي المستنير، وهذا ما يجعله الأقرب إلى الفوز بالمنصب.

 

نزاهة القضاء

ما رأيك في الاتهامات التي وجّهت إلى اللجنة العليا للانتخابات بأنها تعمّدت إقصاء بعض المرشحين لأهداف سياسية؟

اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية تضم كبار الشخصيات القضائية في مصر، ولا يجوز التشكيك في نزاهتها، ويجب علينا بعد ثورة 25 يناير أن نتعود على احترام القضاء وقراراته.

ذكرت في حوار سابق أنك رفضت الترشح لانتخابات الرئاسة، فمن رشحك ولماذا؟

منذ فترة اتصل بي الفريق سامي عنان وطلب مقابلتي، فذهبت إليه وقابلت المشير طنطاوي في بداية اللقاء، إلا أنه انصرف ليتركني أتحدث مع عنان، والذي فاجأني بطلب أن أتقدم للترشح لانتخابات الرئاسة، موضحاً لي أني سأحصد كل أصوات الأقباط؛ نظراً لعلاقتي الطيبة بهم، وبقداسة البابا الراحل شنودة، إلا أنني اعتذرت له لعدم تمكني من الترشح.

ولماذا رفضت؟

لأن عمري تجاوز الثمانين، وأنا دائمًا ما أطالب بأن يكون الرئيس في المرحلة العمرية التي تقع بين 60 و70 عاماً.