في الوقت الذي يقدم لنا تصور حول ما يجري على أرض الواقع لشعب سوريا، يبدو أن الباب موصد أمام آخرين. إننا نبحث عن أصوات يمكننا الوثوق بها، وهي أصوات تؤشر إلى حل سلمي ودائم للصراع. إننا نبحث عن الحقيقة لأن الحقيقة هي التي سوف تحرر الشعب السوري. فالحقيقة من الصعب العثور عليها، لذلك ففي غمار ضباب الروايات المتضاربة يجب علينا أن نستمع لا محالة للأصوات والحكمة من الرجال والنساء من أجل السلام في سوريا.

احترام متساوٍ

قد يعتقد الكثيرون أن هناك معركة تجري في سوريا من أجل "الديمقراطية" و "الحرية". ويمكن أن نخدع بالاعتقاد بأن هناك عصا سحرية أو صيغة فورية يمكن مزجهما لتحقيق بلد ديموقراطي، ولكن لا يوجد أي من ذلك. فلو أن هناك ديمقراطية يريدها الشعب فلا بد أن يسعوا إلى تحقيقها على طريقته.

يقال إن الفكرة الإغريقية بشأن الديمقراطية تمثلت في أن الناس لهم قيمتهم بقدر متساوٍ. و هذا شيء يتعين على المجتمع كله السعي إليه في كل مرحلة من تاريخه، فهو في حد ذاته مفهوم "ثوري"، و عمل ثوري لا يتسم بالعنف.

 فلنسع جاهدين لتقدير كل شخص بقدر متساوٍ. فهي فكرة و دافع من أجل عالم أفضل لا يتطلب إراقة الدم، بل يتطلب العمل الجاد من جانب الناس، وتغذية روح الجماعة، و تنمية مستمرة للسلام وهو يبدأ من أعماق كل إنسان.

فمن هم أصحاب أصوات السلام فيما يتعلق بالأزمة في سوريا؟ الكثير منهم لا يمكننا أن نسمعهم من حيث نقف. فهم الآباء والأمهات والأطفال الذين يرغبون في مغادرة منازلهم للمضي إلى السوق أو إلى المدرسة دون خوف. هؤلاء هم الاشخاص الذين كانوا يعملون باجتهاد من أجل سوريا، من أجل فكرة سوريا كدولة علمانية وحديثة.

أصوات للسلام

هناك بعض الأصوات السورية التي تم الاستماع إليها باستمرار منذ بداية الأزمة. الكثير منهم مجهولون ويتحدثون إلينا عن الظلم والوحشية. يتم تقديم الأرقام و إطلاق الاتهامات. ويمكن تقسيم اللوم بشكل صحيح أو ربما لا يمكن ذلك. كل شيء يحدث بسرعة كبيرة للغاية، فالمعلقون والسياسيون يتخذون القرارات بتسرع ويبحث في زاوية واحدة فقط للحصول على تأييد لقناعتهم.

لكن في خضم هذا الجنون من الصراع العرقي/ السياسي المتسم بالعنف، يجب علينا الإصغاء وطرح الأسئلة والتحدث ببعض الحذر لأن اليقين هو الذي يمكن أن يأخذ الشعب و البلاد في غمار الاندفاع الى الحرب.

لا أحد في العالم الغربي يعرف وجه مفتي سوريا، ولكن إذا كنا تعلمنا شيئاً عن صراع الماضي، فهو أهمية إجراء حوار شامل للجميع.

ينبغي عليه هو و الكثير من السوريين الذين يقدرون السلام في قلوبهم أن تتم دعوتهم للجلوس مع مجلس الشيوخ من بلدان أخرى، لكي يطرحوا أفكارهم ومقترحاتهم بشأن سبل المضي قدما بالنسبة للشعب السوري.

فلم يكن الهدف من إنشاء الأمم المتحدة هو توفير ساحة للأصوات وألعاب الأقوياء، بل ينبغي أن تكون منبراً لمثل هذه الأصوات السورية لكي يتم الاستماع إليها.

إننا بحاجة إلى أن نضع أنفسنا محلّ الشعب السوري، وأن نجد السبل السلمية لتحقيق التقدم من أجل وقف هذا الاندفاع الطائش نحو شن حرب لا يريدها الأمهات والآباء والأطفال في سوريا لا يريدونها ولا يستحقونها.

نعلم جميعاً أن هناك أئمة و كهنة و راهبات وآباء و أمهات و شباب على امتداد سوريا يصرخون طلباً للسلام، وعندما تصرخ النساء المتحجبات متوجهات بحديثهن إلى العالم بعد تفجير أو مذبحة في سوريا: "حرام، حرام" فلنستمع و لننصت إليهن. كلنا يعلم أن هناك الكثير من الأبطال في سوريا، ومنهم بطاركة و قسيسون و كهنة و رجال دين.

 

كلمات المواجهة

 

هناك بطلة حديثة تسعى لإحلال السلام في سوريا نعرف جميعاً اسمها وسمعنا صوتها وهي الأم مريم أغنيس. ففي مجتمعها كان صوتها مرتفعا وواضحا. وينبغي أن يكون كذلك في الغرب. وشأن كثير من الناس في سوريا، فقد واجهت مواقف تهدد حياتها، لكنها اختارت من أجل السلام أن تخاطر بوجودها لضمان سلامة وأمن الآخرين.

و قد تحدثت علنا عن غياب الحقيقة في وسائل الإعلام الغربية بشأن سوريا و الارهاب والفوضى التي تشكل "قوة ثالثة"، والتي يبدو أنها تنتشر في جميع أنحاء البلاد.

كلماتها تشكل مواجهة و تحدياً للغرب لأنها لا تعكس صورة الأحداث التي بنيناها في عقولنا بشأن سوريا على مدى شهور عديدة من قراءة صحف ومشاهدة الأخبار على تلفزيوناتنا.

لقد تم استيراد الكثير من الإرهاب، ويمكنها أن تسهب في حديثها عن آلاف اللاجئين الذين أرغموا على الفرار من ديارهم بسبب الهجمات الإرهابية.