خطا الليبيون خطوة تاريخية نحو التحول الديمقراطي في بلادهم أخيراً، فللمرة الأولى في غضون 60 عاماً، وبعد تسعة أشهر من مصرع الرئيس الليبي السابق معمر القذافي على يد الثوار، أدلى الليبيون بأصواتهم في انتخابات حرة ونزيهة لاختيار أعضاء الجمعية الوطنية العامة التي سترسم ملامح مستقبل البلاد. تنافس 3700 مرشح على 200 مقعد في الجمعية التي ستكون أول مجلس تشريعي منتخب ديمقراطياً في ليبيا، والتي ستقوم بتعيين رئيس الوزراء المقبل.
أجريت هذه الانتخابات بصورة سلمية ولم توجه اتهامات بالتزوير، وكذلك لم توجه اتهامات بأي مخالفة للقواعد المعمول بها في الانتخابات الحرة، والتي يمكن أن تفسد اي انتخابات. ويبدو ذلك أمراً مهماً إذا تذكرنا أن الأحزاب الليبية لم تترك أثراً قوياً في الشارع السياسي بعد، كما أن الميليشيات لا تزال تجوب شوارع المدن الليبية.
ويتعين على الأحزاب السياسية والحكومة المؤقتة في طرابلس البناء على نجاح هذه الانتخابات للتأكد من أن الانتقال للديمقراطية سيكون سلساً. وتدور أسئلة عديدة حول الكيفية التي سيمارس بها أعضاء الجمعية الوطنية مهامهم، ودور الجماعات الإسلامية ومدى أهميتها، ومدى تزايد المطالبات بالحكم الذاتي في شرقي البلاد، والكيفية التي يمكن بها معالجة هذه الأمور كلها.
ويجمع المراقبون على أن بروز الليبراليين بهذه الانتخابات يشير إلى تغيير يعتد به في الربيع العربي. وهذا التطور يحظى بترحيب كبير في دول الغرب، التي تابعت بمزيد من القلق بروز الأحزاب الإسلامية في مصر وتونس. ويلفت النظر الدور الكبير الذي قام به التحالف الذي يضم 65 حزباً ليبرالياً بقيادة محمد جبريل.
