تقديرات تعتبرها سراباً في الصحراء المترامية

التنافس بين الحزبيين والمستقلين في انتخابات ليبيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس ما يجري في ليبيا الآن بالأمر الجديد، وذلك لأن الليبيين الذين يسود الشك في بعض الأحيان ، من خلال لون بشرتهم فحسب ، في أنهم موالون للقذافي ، كانوا يتعرضون للتعذيب ويتم إعدامهم على وجه السرعة في غمار الثورة الليبية. وقبل أسبوع واحد من العثور على القذافي وقتله، أصدرت منظمة العفو الدولية تقريراً مفاده أن الانتهاكات في السجون تلطخ ليبيا الجديدة. وبالنسبة لأي شخص يكترث بإلقاء نظرة، فإن بلدة بكاملها تعرف باسم طوارقة قد أخليت من سكانها، وهم من الليبيين ذوي البشرة السمراء الذين يتعرضون للخطر بصفة خاصة ، حيث يتم الانتقام منهم لأن منطقتهم قد استخدمت كقاعدة للقوات التي حاصرت مصراتة.

واقع قاس

لم يقدر لوصمة العار هذه أن يتم محوها قط، وعندما أبلغ إيان مارتن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا مجلس الأمن بأن الواقع القاسي هو أن الليبيين يواصلون العيش بالإرث الذي خلفه النظام الجديد- مؤسسات دولة غائبة أو ضعيفة وعدم وجود أحزاب سياسية أو مؤسسات للمجتمع المدني- كان يشير بشكل خاص إلى سلوك الميليشيات التي تتجاوز سيطرة المجلس الوطني الانتقالي. وعبر نافي بيلاي، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الانسان، عن الأمر بصراحة أكبر: لقد أوجد الافتقار إلى الإشراف من جانب السلطة المركزية بيئة تفضي إلى التعذيب وإساءة المعاملة.

ووفقا لسكان بني وليد ، فإن عمليات الاعتقال والسجن والتعذيب كانت وراء حدوث انتفاضة محلية.

وقد قام مقاتلون من قبيلة ورفلة، وهي من أكثر القبائل انتشارا في ليبيا، بمهاجمة الثكنات التابعة لقوة المجلس الوطني الانتقالي في بني وليد وقتلوا أربعة أشخاص وحرروا مسؤولين ينتمون إلى نظام القذافي كان قد تم إلقاء القبض عليهم بتهم ارتكاب جرائم حرب، وقال مجلس حكماء قبيلة ورفلة إنه قد عين مجلسا محليا جديدا. وزعموا أن وزير الدفاع في طرابلس أسامة الجوالي قد اعترف بهذا المجلس. ولكن خارج المدينة تجمع مقاتلون من وحدات من طرابلس ومصراتة وبنغازي وطبرق وبني وليد نفسها من جديد استعداداً لشن هجوم شامل إذا لم تقم المدينة بتسليم المشتبه بارتكابهم جرائم قتل، والذين تم تحريرهم في غمار الانتفاضة. ولا حاجة للقول بأن الجيش الوطني وهو كيان يتسم بالضعف قد بقي بعيداً عن هذا القتال بالتحديد.

هذا ليس العراق في عام 2003، حيث انهارت الخدمات الأساسية جنباً إلى جنب مع النظام القديم، لكنه ليس أيضاً تونس أو مصر، حيث استهلت المؤسسات المنتخبة ديمقراطياً مسيراتها بالفعل.

سراب في الصحراء

ويعد المجلس الوطني الانتقالي كياناً غير مؤثر في أماكن مثل بني وليد، وإنما يعتبر العدو أيضاً. ولا يرجع ذلك إلى أن بني وليد كانت واحدة من آخر المدن استسلاماً للثورة الليبية في العام الماضي، وقد استخدمت كقاعدة لسيف الإسلام القذافي فحسب، وإنما يرجع إلى أن الميليشيات، التي تسير نفسها، تواصل السيطرة حيثما تصادف وجودها. لقد أعلن المجلس الوطني الانتقالي الليبي بالفعل خطته التي تتضمن إجراءات الانتخابات الليبية الوطنية في السابع من يوليو لانتخاب برلمان جديد، ولكن ذلك يعطي الشعور بأنهم سراب في الصحراء الآن ، وهذا هو الموقف الذي تتحمل المسؤولية عنه فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والدول الأخرى التي تدخلت في ليبيا العام الماضي. وإذا كان الغرب قد جعل من ليبيا صراعه، فإن مرحلة ما بعد الصراع تعد مسؤولية الغرب أيضاً.

استعدادات مكثفة

 

عبر محمد عبد العزيز، نائب وزير الخارجية الليبي ، عن كثير من مشاعر مواطنيه حيال الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في ليبيا في 7 يوليو، مشيراً إلى أن الحملات الانتخابية التي انطلقت بالفعل تتيح الفرصة للمواطنين الليبيين لمعرفة الخيارات المتاحة أمامهم ، والتي تشكل البديل الحر والديمقراطي لنظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي.

ويتوقف الكثير من المراقبين عند ما أعلنته اللجنة الانتخابية الوطنية من أن المرشحين تتاح أمامهم الفرصة فيما بين 18 يونيو إلى 5 يوليو للانطلاق قدماً بحملاتهم الانتخابية لخوض المنافسة المحتدمة التي يشارك فيها 2501 مرشح مستقل، بالإضافة إلى 1206 مرشحين حزبيين. وينتمي هؤلاء المرشحون إلى 142 كيانا واتحادا وتيارا سياسيا حسبما أوضحت اللجنة. ويتعين على المرشحين خوض الانتخابات المحتدمة التي تأجلت في المقام الأول بفعل ما وصفته اللجنة بمشكلات لوجستية في بلاد لا تزال تعاني من تأثيرات الصراعات التي واكبت الثورة.

وأوضحت اللجنة الانتخابية أيضاً أن 80 مقعداً في البرلمان الذي يضم 200 مقعد سوف تذهب للأحزاب السياسية، في حين تذهب باقي المقاعد إلى المرشحين المستقلين. وفي مقدمة المهام التي ستناط بالبرلمان الإشراف على الحكومة، ووضع مسودة دستور جديد، وتحديد الموعد الزمني للانتخابات الجديدة.

وكان الليبيون قد بدأوا في تسجيل أسمائهم للانتخاب في مايو الماضي وسجل 2.7 مليون شخص أو حوالي 80% من الناخبين أسماءهم في القوائم الانتخابية حتى الآن.

Email