أجرت مجلة ديرشبيغل الألمانية حوارا مع نك كليغ نائب رئيس الوزراء البريطاني حول الوضع الراهن الذي يواجهه الاتحاد الأوروبي، أكد فيه ضرورة وقوف دول الاتحاد معا لمواجهة الأزمة، وقال إن منطقة اليورو بحاجة إلى رؤية واضحة لمستقبلها، وحذر من أنهم دون مثل هذه الرؤية فإن أوروبا ستشهد موجة جديدة من النزعة القومية المتشددة ومن رهاب الأجانب. وقال إن بريطانيا لن تنسحب من الاتحاد، وإن خروج اليونان منه هو أمر يتعلق باليونانيين وحدهم. وفيما يلي نص الحوار:

من الذي سيخرج أولا، هل ستغادر اليونان منطقة اليورو، أم أن بريطانيا ستترك الاتحاد الأوروبي؟

- بريطانيا لن تترك الاتحاد الأوروبي، فنحن في حالة تداخل لا فكاك منها مع القارة، وفيما يتعلق بالثقافة والتاريخ والجغرافية فنحن أمة أوروبية.

لاللنخبوية

هل يوافق شريكك في الائتلاف الحاكم أي حزب المحافظين على ذلك؟

- بالطبع فالمحافظون لا يفكرون في مغادرة الاتحاد الأوروبي.

ولكن الناخب يفكر في ذلك، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى أن غالبية واضحة سوف تقترع على الموافقة على مغادرة الاتحاد الأوروبي إذا أجري استفتاء على ذلك.

- استطلاعات الرأي على امتداد أوروبا في هولندا وفي جنوب أوروبا تشير إلى استياء متزايد من الاتحاد الأوروبي في مجمله، وبريطانيا ليست وحدها في هذا الصدد، فنحن نفقد ثقتنا بالاتحاد الأوروبي ومؤسساته لأسباب مفهومة إذا أخذنا في الاعتبار المشكلات الاقتصادية التي نواجهها، ولكن ذلك لا يعني أن من المعقول التكهن بتفكك الاتحاد الأوروبي كله.

أليس ذلك طرحا نخبويا تماما؟ هل من المعقول أن نواصل السير في دربنا بغض النظر عما يقوله ناخبونا؟

- كلا على الإطلاق، فالأمر أبعد عما يكون عن ذلك، فلست أعتقد أن الرد على هذا الاستياء هو القول: دعونا نمزق هذا الشيء إربا. إننا لا يمكن أن نعود إلى القرن التاسع عشر ونزيل جسورنا ونقول إننا لا نريد أن يكون لأحدنا صلة بالآخر، وأن ألمانيا لن تعمل مع هولندا، وبريطانيا لن تعمل مع فرنسا، فهذا طرح مثير للسخرية لأننا مقدر لنا أن يعمل بعضنا مع بعضنا الآخر، والعزلة ليست هي الحل. هل ينبغي أن تغادر اليونان منطقة اليورو؟

هذا يتوقف كلية على اليونانيين وحدهم، ربما في انتخاباتهم المقرر إجراؤها في يونيو المقبل. ولكن إذا قدر لهم مغادرة منطقة اليورو فمن المؤكد أنه ستكون هناك تأثيرات بالغة الخطورة في مناطق أخرى في أوروبا لا يمكننا التكهن بها في الوقت الحالي.

هل تعتقد أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ليست نشطة بما فيه الكفاية لمواجهة الأزمة.؟

- الجميع ينبغي أن يكون نشطا في هذه المواجهة، وفي الوقت الحالي تعقد قمة طارئة إثر الأخرى ، وتطلق عملية إنقاذ مالي إثر الأخرى، وتخرج حكومة عقب أخرى من الحكم تحت ضغط الناخبين، وهذا أمر لا يمكن أن يستمر، لقد تعملنا من قارتنا أن الجمع بين الافتقار إلى الأمن اقتصاديا والشلل سياسيا هو الوصفة المثالية للزيادة في نزعة التطرف وإرهاب الأجانب.

وأنا أعتقد باعتباري ليبراليا ومؤيدا متحمسا لأوروبا، أعتقد أن كارثة ستحل إذا ما أفضى الافتقار إلى القبضة القوية وإلى الحل الشامل لإعطاء دفعة قوية لليمين المتطرف أو اليسار المتطرف ولكن هذا هو الاتجاه الذي نمضي فيه.

دعوة للمرونة

لقد عادت بريطانيا إلى الركود، ويرجع ذلك في أحد جوانبه إلى أجندة تقليص العجز الطموحة التي طرحتها، ألست تبالغ في التقشف؟

- كلا فنحن لسنا متعصبين للتقشف وإنما نحن أكثر براغماتية وأكثر مرونة في إنجاز هذه المهمة مما يقر به منتقدونا، ولكن النمو والتمويلات العامة والمستقرة هما وجهان لعملة واحدة وليس بمقدورك أن تحصل على أحدهما دون الآخر، وبالمناسبة فإن الرئيس الفرنسي الجديد فرانسوا هولاند، الذي يستقطب عناوين الصحف بأجنداته الخاصة بالنمو، يتفق مع هذا تماما، وخطته لخفض العجز متطابقة تقريبا مع خطتنا، بل إنه أشد قسوة.

إنك تبذل قصارى جهدك للحيلولة دون الصيغة التي طرحها وزير الخارجية الألماني وولف غانغ شويبله لضريبة الصفقات المالية؟

- النشاط المصرفي صناعة عالمية مندمجة إلى حد كبير، وليس هناك معنى لتطبيق ضريبة الصفقات على جزء صغير من ذلك النظام في الوقت الذي يمكن فيه تجنب هذه الضريبة بالانتقال إلى أجزاء أخرى من النظام، والضريبة على الصفقات المتتالية كما تجري الدعوة إليها حاليا لن يكون لها معنى إلا إذا طبقت على صعيد عالمي، فدعنا ندفع بذلك الاتجاه وسوف يسعدنا أن تتصدى لقيادة هذا التيار.

ولكن إلى أن يحدث ذلك يتعين علينا أن نلتزم جانب الحرص. ودعنا نتذكر أنه عندما قدمت المفوضية الأوروبية اقتراحها الخاص بضريبة الصفقات المالية هذه جاء في تقويمها الخاص بالتأثير أنها ستؤدي إلى فقدان 500 ألف وظيفة، وفي وقت الافتقار الحاد للأمان الاقتصادي، وبينما يجوب الركود أرجاء الاتحاد الأوروبي فإنك تحتاج إلى أن تفكر مرتين قبل أنت تضغط على زر البدء في تنفيذ اقتراح سيؤدي وفقا لما يقوله أنصاره إلى فقدان المئات من الألوف من الناس لعملهم.