سيشهد أكبر اقتصادين في العالم، وهما الولايات المتحدة والصين، تغييرات في القيادة في أواخر العام الجاري. ستكون قوة منهما ديمقراطية، في حين ستكون الأخرى كذلك بالكاد.
في الصين، تقرر النخبة من الشيوعيين فقط فحسب من الذي يمكن أن يشغل المناصب التسعة العليا في الحزب الحاكم. إلا أنه من بين هذين الاقتصادين، أيهما سيعتبر في نهاية المطاف في غضون عشر سنوات الأكثر تاريخية؟
ربما يكون اقتصاد الصين. و بحلول ذلك الوقت، يتجاوز اقتصادها نظيره في الولايات المتحدة، بل الأكثر من ذلك، من المرجح أن يضطر الحزب إلى القيام بإصلاحات سياسية مؤلمة وآن أوانها منذ وقت طويل .
إصلاح من أي نوع؟
بعد 30 عاما من النمو المضطرب و غير المتكافئ، يعترف العديد من القادة الصينيين أن الوقت قد حان للإصلاح. ولكن إصلاح من أي نوع؟ أخيراً، اندلع صراع داخل الحزب الشيوعي بشأن هذه المسألة فيما اعتبر بالنسبة للصينيين ما يرقى إلى مناوشات حملة انتخابية على الطريقة الأميركية.
تمت إقالة أحد كبار المتنافسين على العضوية الدائمة للمكتب السياسي، وهو بو زيلاي، من منصبه رئيساً للحزب في مدينة تشونغتشينغ. مثل هذه الصفعة الموجّهة إلى شخصية بارزة في الحزب فضلاً عن كونه ابن أحد أبطال ثورة عام 1949، لم تتخذ على امتداد أكثر من عقد من الزمان. وهذه الخطوة تحطم أسطورة أن الحزب يمكن أن يحقق تحولات متناغمة.
اتخذ زيلاي، انطلاقاً من منصبه عمدة لمدينة كبيرة، موقفاً مناهضاً ضد إعادة الصين مرة أخرى إلى سيطرة الدولة الماوية على الاقتصاد وحياة الصينيين. وتعتبر مسألة استبعاده بشير خير بالنسبة للإصلاحيين الآن. فهم يسعون ليس لمزيد من الانفتاح في الاقتصاد على قوى السوق فحسب، ولكن للتسامح مع المنافسة السياسية لتنفيس حالة الإحباط العام حول المشكلات مثل المساواة في الدخل والفساد والضرر البيئي. أو على حد تعبير المثل الصيني: «إذا لم نغير اتجاهنا، فسينتهي بنا الحال على الأرجح إلى حيث نتجه».
قال ون جيا باو، رئيس مجلس الدولة الصيني المنتهية ولايته وأحد قادة الإصلاح البارزين، أخيراً، في إشارة غير مباشرة إلى إقالة زيلاي: إنه «من دون إصلاح سياسي ناجح، فإنه من المستحيل بالنسبة للصين تحقيق إصلاح اقتصادي بشكل كامل، ويمكن أن تضيع المكاسب التي حققناها في هذه المجالات».
و حذّر من عودة ممكنة إلى «المأساة التاريخية» للثورة الثقافية التي حدثت بين عامي 1966-1976، فيما اعتبر طعنة موجّهة إلى برنامج زيلاي السياسي. وأشاد بالربيع العربي، قائلاً: «لا يمكن لهذا التوجه نحو الديمقراطية أن يتم كبحه بأي قوة».
وعلى الرغم من كلمات ون جيا باو، قام الحزب بتمرير قانون جديد، أخيراً، في المجلس التشريعي الدمية من خلال السماح بالاحتجاز لمدة ستة أشهر للمعارضين السياسيين دون توجيه اتهامات رسمية. فالحزب متضارب بشكل واضح.
تقرير دال
وقد انعكس الصراع في القيادة العليا على تحديد الصين الجديدة في تقرير البنك الدولي حول الإصلاحات الاقتصادية الضرورية. فقد اشترك في كتابة التقرير المؤلف من 468 صفحة هيئة استشارية حكومية عليا، وربما تكون علامة على الحرب الأيديولوجية داخل مجمعات بكين القوية.
يتوقع التقرير «مطلباً شعبياً بحكم أفضل وفرص أكبر للمشاركة في مناقشة السياسات العامة وتنفيذها»، ودعوات إلى المزيد من الحقوق للأفراد وضوابط أقل من جانب الدولة.
ففي الوقت الذي يناضل الحزب في الأشهر المقبلة لاختيار أعضاء لجنته الدائمة، فلن يكون هناك نقاشات على الطريقة الأميركية أو دعاية سياسية منافسة. إلا أن نتيجة الصراع يمكن أن تحدّد مستقبل أكثر دول العالم من حيث عدد السكان على مدى عقود. الأمر السيئ للغاية أن ترى الصحافة وبقية العالم القدر القليل جداً من هذا الصراع.
