لدى المرشح الجمهوري ميت رومني أسباب مقنعة للشعور بالسخط من الطريقة التي قامت الصحافة بتغطية تقدمه البطيء للفوز بالترشح عن الحزب الجمهوري. يفترض انه حقق انتصارات حاسمة في الانتخابات التمهيدية مرارا وتكرارا، إلا أن الصحافة كانت تغير موقفها وتشدد على ان الانتخابات التمهيدية الكبرى التالية هي في الواقع الانتخابات الحاسمة، وهي لحظة الانتصار الساحق أو الهزيمة الشنعاء، وأنها المنافسة التي قد تدفع السباق كله إلى حالة من الفوضى.

 أولا، كانت المنافسة الحاسمة في ولاية فلوريدا، ومن ثم ولاية ميتشغان وبعدها أوهايو، ولقد فاز رومني في الولايات الثلاث، لكن هدف المشاركات ما فتئ يتغير، حتى كانت المنافسة في ولاية إلينوي فجأة هي التي تهدد بإلقاء ظلال من الشك على فوزه بالترشح.

وفاز رومني بولاية إلينوي أيضا بشكل طبيعي، مبحرا نحو تحقيق فوز متوقع أخيرا. ومع كل الحديث حول مدى سوء إدارة حملته الانتخابية، فان أنصاره يمكنهم القول بثقة إنه عانى من إطالة أمد الانتخابات التمهيدية ومن إدمان الصحافة على الدراما اكثر مما عانى من الأخطاء التي ارتكبها.

ولقد أشار الكاتب جاي كوست في النشرة الإخبارية الأسبوعية ويكلي ستاندرد إلى ان النتائج الأولية إذا تمت مقارنتها الواحدة تلو الأخرى، فان رومني بالفعل كان يتقدم بشكل ثابت بنسبة 4-6٪ بالمقارنة مع المرشح عن الحزب الجمهوري جون ماكين خلال حملته عام 2008.

 

الرحى تدور

ومن المؤكد أن فريق رومني كان يفضل تقصير أمد الحملة والفوز بالترشح بشكل كاسح وجليل، بدلا من القيام بذلك على نحو تدريجي وبالقوة. ودوران الرحى لفترة طويلة كان قاسيا على تمويل حملة رومني، وعلى حديث الانتخابات العامة ونسبة التأييد له. وعلى الرغم من أن الصحافة بالغت أحيانا في وصف ضعفه، إلا ان حملته خسرت فرصا عدة لإسكات المشككين وتبكير إنهاء السباق. وعند النظر إلى الأشهر الأخيرة من حملته الانتخابية، فإنه يخيم عليها ثلاثة أخطاء بشكل كبير:

لم يحسن فريق رومني الحديث عن ثروته. في عام 2008، ترشح رومني بصفته الرجل المحافظ، مما بدا زيا غريبا مع الأخذ في الاعتبار تاريخه المعتدل وسلوكه غير الأيديولوجي كثيرا. وفي 2012، ترشح بصفته رجل القطاع الخاص والرجل المصلح والرجل الناجح في إدارة المؤسسات.

وهذه عززت من قوته بصورة أكبر، واستخدمت لصالح التحديات المحددة التي تواجه البلاد. لكن هذا الحديث ضمن مستوى اعلى من التدقيق بماضي الأسهم الخاصة لرومني وثروته الحالية، وفي مواجهة هجمات المرشح نيوت غينغريتش الوصولية، فإن ردود فعل الحملة الانتخابية لرومني كانت متخبطة وصماء بدلا من ان تكون مصقولة وقد جرى التدرب عليها.

ولم تكن المشكلة أن رومني استمر في الارتباك عند الإجابة بتعليقات على مزاج احب ان اطرد الناس من عملهم، لكنه حتى عندما لم يكن يتخبط في كلامه، لم تكن لديه أجوبة واضحة وجاهزة عن أسئلة يمكن توقعها تماما حول أعماله في شركة باين كابيتال وضرائبه واستثماراته وغيرها من المواضيع المتعلقة بثروته.

ثانيا، لعب فريقه بتشكيل دفاعي في كارولينا الجنوبية، وقد مهد تعثره في قضية الثروة الطريق لأول نكسة مهمة له، لكن استراتيجية نقاشاته هي التي فتحت فعلا المسار لتقدم نيوت غينغريتش في كارولينا الجنوبية. وبعد تحقيقه انتصار واضح في ولاية أيوا، وفوز كبير في ولاية نيوهامبشير وتصدره استطلاعات الرأي، فإن المرشح الأوفر حظا تصرف كما لو أن فوزه بالترشح نتيجة متوقعة سلفا، وجعل غينغريتش يتبختر دون منازع على مسرح الأحداث.

وقد تجنب رومني عن عمد مواجهة مباشرة مع خصمه وأعطى أجوبة مراوغة عن قضايا عديدة بدءا من عائداته الضريبية إلى دوره في لجان العمل السياسي المتفوقة المعروفة باسم سوبر باكس، حتى أنه استحضر علنيا فكرة أنه يريد أن يكون حذرا حول إفصاحاته لتقليص احتمال سقوطه في الانتخابات العامة.

ومن الجلي أن فريق رومني كان بإمكانه توقع التفاصيل الدقيقة لمواجهات غنغريتش، لكن مراوغة الفريق، باحتساب اللعب على المضمون، ترك مرشحهم ضعيفا لتحد صارخ من اليمين. وهذه الاستراتيجية ذكرت الناخبين بكل ما كان يشكل مصدر عدم ثقة برومني، مما سهل بشكل كبير أمام رئيس مجلس النواب السابق إثارة تمرد الجناح اليميني ضد وسائل الإعلام والمرشح الأوفر حظا الذي بدا انه ينزلق.

ثالثا، كف فريق رومني بعد ولاية فلوريدا عن العمل وسمح لريك سانتورم بالعودة إلى السباق، وكان تمرد غنغريتش مؤقتا، لكن قمع هذا التمرد كان مكلفا على رومني، وأظهرت استطلاعات الرأي ما قبل المؤتمر الحزبي ان سانتورم كسب شعبية في المنافسات غير الملزمة لولايتي مينيسوتا وميسوري.

 

الحملة والحماس

وهذه النتائج كان يجب ان يقابلها فوز رومني في ولاية كولورادو حيث الديمغرافيات واستطلاعات الرأي الأولية كانت ميالة لصالح المرشح الأوفر حظا. لكن حملة رومني كانت بطيئة لتشكل دفعا لهزيمة غنغريتش ومن ثم التصدي لسانتورم، وقد استطاع السيناتور السابق عن بنسلفانيا ان يحقق مفاجأة في كولورادو أيضا.

وكان هذا الفوز المفاجئ هو الذي رفع أسهم سانتورم في الانتخابات التمهيدية في ولاية ميتشغان والثلاثاء الكبير، وأعطى وسائل الإعلام فرصة أخرى للدعوة لفتح السباق على مصراعيه. لو استمد رومني 3500 صوت إضافي في ولاية فاز بها بسهولة في عام 2008، فإن تقدم سانتورم الكامل كان يمكن تفاديه، وكانت حملة رومني للانتخابات العامة قد بدأت بحماسة منذ فبراير الماضي بدلا من الربيع.