أطلبوا العلم ولو باللغة الصينية، حكمة جديدة يبدو أن الحكومة البريطانية باتت مؤمنة بها في الوقت الحالي، وأيضاً من باب من عرف لغة قوم أمن شرهم، بعدما أعلنت اعتزامها إطلاق حملة لتشجيع تعلم لغة العملاق الأصفر في 50 من مدارس العاصمة لندن. والحملة تتضمن منحاً لتدريب معلمين للغة الصينية في تلك المدارس، بما يتيح الفرصة لنحو 3000 من طلاب المرحلة الابتدائية للتعلم وتجويد اللغة، التي يتحدث بها نحو مليار ومئتي مليون نسمة في مختلف أنحاء العالم بالفعل.
وتلك هي المرة الأولى التي تدعم السلطات البريطانية تعليم الصينية في المدارس الابتدائية، وهو ما اعتبرته مصادر مطلعة في لندن مسعى لإعداد الجيل الجديد من مواطني المملكة المتحدة للسير على درب تعزيز الصلات الاقتصادية والثقافية مع الدولة التي تمتلك ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ولم يُعلن بعد عن أسماء المدارس المشمولة بالحملة الجديدة التي يُتوقع إطلاقها قريباً، والتي يأتي الإعلان عنها عقب ثلاث زيارات قام بها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ووزير خزانته جورج أوزبورن إلى بكين وهونغ كونغ خلال الشهور القليلة الماضية.
عملاق العالم
وكان كاميرون قد قال في ختام زيارته للصين، التي استمرت ثلاثة أيام، إنه يرغب في أن تتوطد الصلات بين بلاده "والاقتصادات الأسرع نمواً في العالم، وهذا يتضمن أن يتعلم صغارنا اللغات التي تمكنهم من إبرام الصفقات التجارية في المستقبل". وأردف رئيس الوزراء البريطاني بالقول: "عندما يتخرج طلاب اليوم من المدارس؛ ستكون الصين هي صاحبة الاقتصاد الأكبر في العالم".
المعنى نفسه أكد عليه وزير الخزانة أوزبورن الذي قال في زيارته الأخيرة لهونغ كونغ قبل أسابيع إنه يريد "أن يتعلم آلاف الأطفال البريطانيين لغة الاقتصاد العالمي في المستقبل"، في إشارة إلى اللغة الصينية التي تتعلمها ابنته بالفعل. وتفيد معطيات أطلعت عليها (البيان) بأن بريطانيا صارت تشكل حالياً المقصد الأساسي للاستثمارات الصينية في مجال الخدمات المالية، وكذلك مقصداً رئيسياً للسياح الصينيين.
استثمارات ضخمة
وبحسب أرقام كشفت السفارة الصينية في لندن عنها النقاب؛ فإن حجم استثمارات بكين في المملكة المتحدة بلغت 13 مليار جنيه استرليني خلال العامين الماضيين؛ أي ما يزيد على 21 مليار دولار، وهو ما يفوق إجمالي تلك الاستثمارات على مدار العقود الثلاثة السابقة. وحجم التبادل التجاري بين البلدين فقد تجاوز، وفقاً للأرقام نفسها، 70 مليار جنيه استرليني (116 مليار دولار) خلال عام 2013.
وتتزامن الحملة البريطانية الخاصة بتعليم اللغة الصينية، مع جهود تبذلها متاجر كبرى في لندن لاجتذاب المزيد من السياح القادمين من الصين، عبر السماح لهم بشراء المنتجات من خلال بطاقات ائتمان تستخدم العملة الصينية (اليوان). يأتي ذلك في ضوء أرقام تفيد بأن السياح الصينيين أصبحوا يشكلون السائحين الأكثر إنفاقاً في العالم منذ عام 2012، حيث بلغ حجم إنفاقهم في ذلك العام ما يزيد على 170 مليار دولار. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن عدد السائحين الصينيين سيصل إلى نحو مئة مليون سائح سنوياً بحلول عام 2015.

