تمر تونس بتحوّلات حاسمة في كل المجالات منذ ثورة 14 يناير 2011 ما ولد ضغوطاً على الكثيرين بسبب تردي الحالة الاقتصادية وتراجع الحياة المعيشية وارتفاع الأسعار، وكلها عوامل أدت إلى ارتفاع نسبة المصابين بالأمراض النفسية والعصبية بشكل غير مسبوق.
الاختصاصي في الطب النفسي والعصبي عماد الرقيق يشير إلى أن أعراض الاكتئاب والتوتر قد تصل إلى 90٪ بين المواطنين، في حين أكدت دراسة علمية حديثة أن أكثر من 40 بالمائة يعانون من مرض الاكتئاب في حالاته المتقدمة التي تستوجب التدخل العلاجي.
وبيّنت إحصائيات رسمية أن مستشفى الرازي للأمراض العقلية والعصبية في العاصمة استقبل 146 ألف حالة خلال العام المنقضي، في الوقت الذي أكّدت فيه جهات مختصة أن عدد المصابين الذي يزورون الأخصائيين النفسيين لا يتجاوز 3 بالمائة من جملة من يحتاجون للعلاج، وأكثر من 80٪ يعانون ضغوطاً نفسية، وشريحة كبيرة باتت تعيش بالأقراص المهدئة ومضادات الاكتئاب أخيراً.
وأرجعت دراسة اتساع ظاهرة الاكتئاب في مرحلة ما بعد الثورة إلى احتدام الصراعات السياسية، والتشنج الناتج من متابعة الأخبار واتساع دائرة البطالة والفقر والتضخم والغلاء والخطاب الديني المتشدد.
ولفت الباحث شمس الدين باشا إلى أن معدل الاكتئاب بلغ 40 في المئة، ويرجح أن تكون النسبة ارتفعت بعد الثورة. وما أبرزته من أوضاع بعضها بات من عوامل المرض، ومن علاماته ارتفاع نسبة حوادث السير وتصاعد معدّلات الانتحار والطلاق والإدمان على الكحول والمخدرات.
ونجد أن الاكتئاب والتوتر والخوف واضطراب المزاج وحالات الانفصام هي أبرز ما يعاني منه الشباب، ولتفشي القلق والاضطرابات الذهنية دور كبير في ظهور مرض الفصام وأعراضه قد تتطور وتصل إلى مرحلة الانتحار.
وأكد مدير إدارة التفقدية الطبية فاضل الصغيّر أن عدد المقبلين على تعاطي الحبوب المهدئة في نسق تصاعدي، وغالبية مستهلكيها من ميسوري الحال، وخاصة من الناشطين السياسيين أو الاقتصاديين، والشريحة العمرية الأكثر تعرّضاً للأزمات النفسية هي فئة الشباب.
