في الوقت الذي ظهرت فيه المطالبة بـ«الديمقراطية» كقاسم مشترك بين ثورات الربيع العربي، والحركات الاحتجاجية والانتفاضات بمختلف أرجاء العالم، فضلاً على التحرّر من قيود الديكتاتوريات، والأنظمة الاستبدادية، وكافة أشكال الظلم بمختلف المؤسسات، وكافة الأرجاء، تطفو للسطح مشكلات متجددة بشأن «الديمقراطية» نفسها..

ففي الوقت الذي يؤكد فيه فريق من المراقبين والمحللين بأن الديمقراطية لم تعد هي «العصا السحرية» التي تخرج الشعوب من وحول القمع والطغيان إلى نيران الحرية والرخاء، وخاصة أن الديمقراطية ـ كما وصفها الزعيم المصري الراحل محمد أنور السادات في واحدة من كلماته ـ لها أنياب، وأنياب شرسة.

ويرى فريق آخر أن بعض الشعوب العربية غير مهيأة أو غير معدة لممارسة الديمقراطية الحقة، وخاصة أن بعضها قد قبع في ظلام الديكتاتوريات لفترة طويلة «مثل مصر»، ويحتاج إلى فترة أطول لتفهم سبل الديمقراطية التي تُمارس في الولايات المتحدة وغيرها من الدول الديمقراطية الأخرى.

الجزائر.. النخب الحاكمة لا تؤمن بالشيخوخة والزمن

 

 

أرجع خبراء وسياسيون وعلماء اجتماع، الطبيعة الديكتاتورية للنظام الجزائري الذي يحكم البلاد منذ نصف قرن، إلى ظروف نشأته التي تعود إلى السنوات الأولى لاندلاع ثورة التحرير سنة 1954، حيث شهدت نزاعات دامية بين الإخوة الفرقاء حتى داخل صفوف الثورة، وصلت إلى درجة تصفية الكثير من قادة الثورة تحت مسميات متنوعة.

 ويقول علي ذراع، الباحث السياسي، ان الوضعية الحالية تشير إلى أن الذين يحكمون البلاد لا يريدون حقيقة مصلحة الشعب، وإلا لما تجاهلوا خطورة الوضع الذي يستدعي حوارا وطنيا شاملا يعالج أهم أمراض الدولة، وعلى رأسها دور المؤسسة العسكرية وجهاز المخابرات ودور البرلمان وموضوع الحقوق الفردية والجماعية والاقتصاد، وليس انتهاج أساليب تقليدية بالية في تعيين البرلمان وتقديم "وثيقة" يعدها الرئيس أو حاشيته للمصادقة بدون نقاش عام، بشكل لا يختلف عن الاستهتار بالجزائريين على حساب مستقبل بلدهم.

ولا توجد بوادر أمل حقيقية، لأن الرئيس الحالي للبلاد هو واحد من الذين أسسوا بالفعل للنظام الحالي منذ السنوات الأولى للاستقلال سنة 1962، والنخب الحاكمة بجميع أطيافها لا تؤمن بأنها شاخت وأن الزمن تجاوزها، وهو ما يدفعها دائما للبحث عن فرص للصدام مع المجتمع من اجل إيجاد مبررات للجوء إلى القمع، وبالتالي الاستمرار في الحكم".

ويشدد على أن طبيعة النظام الجزائري تعود إلى العهد الاستعماري الذي نجح في الإيقاع بين قادة الثورة ودفع ببعضهم إلى تصفية البعض الآخر تحت مسميات عديدة، ومنها تهم العمالة، وهنا نجحت فرنسا في ترسيخ قاعدة "من ليس معي فهو ضدي" لدى قادة الثورة، وهي القاعدة التي استمرت حتى اليوم من طرف النظام، وخاصة في الصراع الذي نشب بين جماعة الداخل والخارج في قيادة الثورة وبين جيش الحدود والثوار، الذين كانوا في الداخل طيلة 7 سنوات من الحرب مع فرنسا.

أزمة

والصراع بلغ أشده يوم 27 يونيو 1962 خلال انعقاد مؤتمر طرابلس في ليبيا لقادة ثورة التحرير، حيث تم اشهار السلاح لتتوقف المناقشات ولم ترفع جلسة المؤتمر إلى اليوم بعد 50 سنة، وهي الأزمة التي أعقبتها أزمة صيف 1962 بين جيش الحدود بقيادة احمد بن بلة والعقيد هواري بومدين وجيش الداخل بقيادة الدكتور يوسف الخطيب وصالح بوبنيدر وفرحات عباس أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة.

وكانت الغلبة لأحمد بن بلة الذي كان أول رئيس يسجن رفاقه في السلاح، قبل أن ينقلب عليه وزير دفاعه هواري بومدين في يونيو 1965 ويضعه في السجن هو الآخر. ومن المفارقات التاريخية الغريبة، أن الاتحاد السوفييتي وفرنسا سارعا إلى مباركة الحكم الفردي المطلق الذي أسس له الرئيس احمد بن بلة سنة 1963 من خلال دستور على المقاس، تم تحضيره في قاعدة سينما ماجيستيك بالعاصمة الجزائر.

والرئيس بومدين عمل على تثبيت أركان الحكم العسكري المطلق، حيث ابلغ قادة الجيش الجزائري سنة 1967 خلال محاولة الانقلاب التي قادها رئيس الأركان الطاهر الزبيري في السنة ذاتها، والتي قمعت بالطائرات الروسية، أنه ـ أي بومدين ـ "يحاول وضع الحكم بين أيديهم إلى الأبد"، وهذا في إشارة إلى أن العقيد الطاهر الزبيري حاول تمرير الحكم إلى المدنيين الذين لا نعرف من أين جاؤوا ليعبثوا بالبلاد، يقول بومدين الذي خلفه العقيد الشاذلي.

وهو أيضا عسكري، ثم الجنرال اليمين زروال سنة 1995، بعد اغتيال محمد بوضياف في يوم 29 يونيو 1992، والذي حاول حكم البلاد في ظروف صعبة للغاية قبل تقديم استقالته سنة 1998 ليتم اللجوء إلى "خزَان الجمهورية" واستخراج عبد العزيز بوتفليقة لانقاذ النظام الذي شارك هو شخصيا في التأسيس له، ولفكرة الحكم الفردي المطلق.

مخرج هادئ

ويرى عالم الاجتماع البروفسور ناصر جابي، أن الطريق الوحيد لخروج البلاد من عتمة الظلم والديكتاتورية المسلطة على الشعب تحقيق الانتقال السلمي والهادئ للسلطة في الجزائر من جيل الثورة الذي يحكم الجزائر بالحديد والنار، إلى جيل الاستقلال الذي لم يشارك في المؤامرات والدسائس المتعلقة بالاستحواذ على السلطة.

وقال ، إن جيل الاستقلال يحلم بانسحاب جيل الثورة بطريقة محترمة من المشهد، تجبنا لصدام حتمي مع الجيل الثالث الذي لا يراعي الاعتبارات نفسها، التي حملت الجيل الثاني على تحمل تسلط وديكتاتورية جيل الثورة، ولو على مضض، محذرا من أن سيناريو من هذا القبيل، سيقذف بالجيش إلى مسرح الأحداث مجددا كما حدث سنة 1992، في مشهد قد يعيد البلاد إلى أتون حرب أهلية مشابهة للتي أعقبت تدخل الجيش في السياسة بعد انقلاب 1992 على الرئيس الشاذلي بن جديد.

وانتقد ما يسمى بالمعارضة الجزائرية، مشيرا إلى أن النظام السياسي أعاد إنتاج نفسه، والمشكلة ليست في النظام وحده، بل في المعارضة التي تحولت إلى مجرد واجهة ناعمة للنظام التسلطي ذاته.

الديمقراطية والحرية ودولة القانون العراقية تعانق المجهول

 

يلاحظ المراقبون أن الإقرار بفشل الديمقراطية التوافقية في العراق، يعني إقرارا بالجملة، بفشل العملية السياسية، التي بنيت على أساس المحاصصة، كما هو في الوقت نفسه مبرر جاهز لرئيس الوزراء نوري المالكي، لتعليق فشله السياسي والخدمي والأمني، على شمّاعة المحاصصة، التي جعلت حكومته عاجزة عن التحرك في أي اتجاه يمكن إن يقدم ولو خدمة بسيطة للمواطنين.

إلا إن المالكي أو أي احد من السياسيين المتنفذين لم يجرؤ على القول إن تعبير الديمقراطية التوافقية، يكاد يكون مشابها إلى حد كبير لتعبير التحرير الكولونيالي، الذي هو أيضا أساس بناء العملية السياسية في العراق، وهما حالة واحدة على ارض الواقع، أدت إلى تولي الحكام الحاليين مسؤولية الحكم، ووصول بعضهم إلى مراكز ما كانوا يحلمون بها في يوم من الأيام.

وحسب احد المحللين السياسيين، فإن الديمقراطية المستوردة، كانت تعني في البداية "قل ما تشاء، ونحن نفعل ما نشاء"، أما الآن فتحولت إلى "قل ما نشاء، وافعل ونفعل ما نشاء".

ويوضح: ما معنى أن تكون الديمقراطية توافقية، أو تفاعلية، أو تكاثرية، أو أية تسميات أخرى، ما دامت هناك قوة أعلى هي التي تضع الخطوط العامة لأية قضية، وترسم حتى سيناريوهات الاختلاف والتفاهم حولها، لتصل في النتيجة إلى ما تريد.

وعلى ارض الواقع أيضا.. تتجسد "الديمقراطية"، وكذلك "الحرية" و" دولة القانون"، وغيرها من المسميات، بمسمى رئيسي، هو "مجهول"، الذي نسبت إليه مسؤولية قتل أكثر من 300 صحافي وإعلامي، إضافة إلى آلاف من العلماء والمثقفين والأساتذة الجامعيين والضباط، وغيرهم، وقد تكون "الديمقراطية الجديدة"، من مبتكرات ذلك المجهول.

وتثير الأزمة السياسية الحالية في ارض الرافدين الكثير من التساؤلات لدى العراقيين عن جدوى "الديمقراطية التوافقية"، وآخرها التساؤلات حول ما طرحه رئيس الوزراء نوري المالكي، الذي اقر بعدم جدوى هذا النوع من الديمقراطية، التي خلقت الكثير من المشاكل، وكانت رديفا لمفهوم "المحاصصة الطائفية والعرقية والسياسية"، في الوقت الذي يؤكد الرئيس جلال الطالباني أن العراق، بتركيبته الديموغرافية، لا يمكن أن يدار إلا بالطريقة التوافقية.

 

 

 

مصر.. الوعي الجماهيري أبرز عوامل تحديد مسار الأنظمة

 

"المستبد يمارس استبداده من خلال تقاعس الطبقة المحكومة، وتكاسلها عن طلب حقوقها، وتسليمها بالأمر الواقع، إلى أن يعتادوا على الاستبداد والاستعباد، وما ان تحرك الأجيال الجديدة المياه الراكدة، بعنفوان الشباب، وحماسته، وتطالب بالتغيير، وبالحرية، وينالوها، حتى تبدأ خطايا الماضي تظهر بقوة، والمتمثلة في الاعتياد على الهرج والمرج والعشوائية والانسياق.

وهي السمات التي ظهرت بسبب الاعتياد على الديكتاتورية"، ذلك ما يقوله أستاذ علم النفس الدكتور محمد حسن، مؤكدا في السياق ذاته على أن أنياب الديمقراطية لا تشعر بها سوى الشعوب التي اعتادت على الخنوع والخضوع للحكم الديكتاتوري القمعي، ولذلك يتخوّف منها البعض، ولا يجيد التعامل معها بصورة مباشرة.

ويشير إلى أن الوعي الجماهيري يعد أبرز العوامل التي تحدّد ماهية الديكتاتوريات والديمقراطيات، وتأثيرهما، ومدى قبول الشعب ووضعه، فكلما زاد وعي وثقافة الجماهير تولد لديهم رفض للديكتاتورية، وتأييد للديمقراطية بشكلها الحقيقي، دون أن يعانوا من براثنها أو أنيابها، فالاطلاع على ثقافات الدول المتقدمة الديمقراطية الأخرى يؤهل الطبقة المثقفة والمطلعة للاستعداد لتطبيق تلك الديمقراطية وتقبلها بدولهم،.

للهروب من ظلام الطغيان الدامس، فعلى سبيل المثال، فإن الثورة الفرنسية قامت في عهد الملك لويس الـ16 ولم تقم في عهود سابقيه، على الرغم أن الـملوك الخمسة الذين سبقوه كانوا أكثر طغيانا منه، لكن خلال عهودهم لم يكن هناك أحد من العلماء الذين ظهروا في عهد لويس السادس عشر مثل فولتير، وبالتالي فإن زيادة وعي الجماهير ووجود علماء وأدباء مثقفين هو أمر يسهم في تنمية المجتمع والتصدي لأي محاولات للطغيان، وهو ما يؤكده أيضا أساتذة التاريخ الاجتماعي في مصر.

الاستقواء السياسي

ويقول الناشط السياسي والمرشح السابق للانتخابات الرئاسية خالد علي، إن شعور أي فصيل بـ"الاستقواء السياسي" يجعله يمارس سبلاً ديكتاتورية بصورة معينة، حتى لو كان الفصيل ذاته كان ينشد الديمقراطية من قبل، وأضاف قائلاً: ان جماعة الإخوان المسلمين في مصر على سبيل المثال شعرت بالاستقواء السياسي عقب سقوط النظام السابق، فراحت تمارس الديكتاتورية السياسية والضغط على الشارع، ومحاولة الاستحواذ على كافة مؤسسات الدولة، والنفراد بالسطلة المطلقة.

وعلى الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، لفرض رؤيتهم واستراتيجياتهم بشكل عام، وهو الاستقواء الذي ينذر بإعادة منظومة ديكتاتورية لكن بشكل جديد. والغريب ان الجماعة نفسها وقبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية كانت تتشدق بانتمائها للشارع وتمسكها بمسار الشباب والثوار والتحالف مع كافة القوى السياسية التي تواجدت في الميدان حتى رحل النظام السابق.

وتناول المحامي وائل حمدي شكلاً آخر من أشكال الديكتاتوريات، وهي الديكتاتورية الدينية، مؤكدا أنه من الممكن أن تنشد فصائل الإسلام السياسي الديمقراطية، وتكافح من أجل التخلص من أعباء وضغوطات الديكتاتور المستبد.

وفور أن تنجح في إسقاطه، فإن الشارع يفاجأ بمولد ديكتاتور جديد يمارس سلطاته تحت عباءة الدين، بحيث يكون المعارض للسلطة موصوفا بالكفر أو الإثم، في حين أن معارض الأنظمة الديكتاتورية السابق كان يتم وصفه بـ"المعارض" فقط، وليس خارجا عن الدين، وبذلك تتولد إشكالية أخرى لممارسة ديمقراطية غير حقيقية، تدفع ثمنها الشعوب.

صعوبة

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور حسن نافعة، إلى أن الدول حديثة العهد بالديمقراطية تجد صعوبة في تقبل نتائجها، مثل صعوبة تقبل صعود قوى سياسية على أخرى، وصعوبة تقبل نتيجة الانتخابات المختلفة، وظهور شخصيات بعينها كانت دفينة أو مندثرة خلال العهد السابق، قائلاً:

في مصر هناك أنصار النظام السابق الذين يرفضون تقبل الوضع الحالي، ويجدون غضاضة في رؤية الإخوان المسلمين، والتيار الإسلامي بشكل عام وهو يظهر، وتقوى شوكته بصفة عامة، مضيفا أن الديمقراطية الحقيقية تتمثل في اتاحة الفرصة لكل تلك التيارات وشباب الثورة أيضا لإثبات أنفسهم وقوتهم في الشارع المصري، ولم شملهم، وحشد أكبر عدد من المؤيدين من ارجاء الوطن المختلفة.

العراق.. مهد «الربيع العربي» 2003

 

يرى العديد من الساسة العراقيين، أن ما اصطلح عليه بـ "الربيع العربي"، كانت بداياته في العراق، في ربيع 2003، من خلال الغزو والاحتلال الأميركي، الذي أطاح حكم الرئيس السابق صدام حسين، تحت ذريعة نشر الديمقراطية، التي أثارت استغراب التاريخ، حيث لا يمكن تفسير ما يقال عن ديمقراطية تفرضها دبابات واساطيل الاحتلال.

إلا أن الحق كما يراه آخرون، هو أن الغرب، استفاد من التجربة العراقية، لدعم تحركات مقاربة، من دون ارتكاب إثم الاحتلال، ولكن بنفس الاتجاه، الذي يبدو غامضا في رؤية المقبل من افتراضات الحكم وطبيعته، والإرباكات التي يمكن أن تحصل جراء التغيير، على أن هذا لا ينفي ضرورة تغيير المناهج الديكتاتورية القاسية، ومعاناة الشعوب المنتفضة من جرائها، مع ضرورة وجود رؤية واضحة مسبقة للتغيير المنشود.

في العراق، كانت قوة الاحتلال ابتكرت فكرة الجمع بين النقيضين، الديمقراطية والتوافق، تحت مسمى "الديمقراطية التوافقية"، ولم تكن هناك ديمقراطية بالمعنى الحقيقي، لأن معظم الانتخابات التي جرت كانت تحت حراب الاحتلال، أو الميليشيات المسيطرة على الشارع العراقي، ولم يكن هناك توافق، لأن الأطراف الحاكمة التي أتت من الخارج، ودعم من الخارج، لا تمثل المجتمع العراقي، الذي شهد انقساما حقيقيا بين عراقيي الخارج والداخل.

وبعد الفشل الذريع في تحقيق أي شيء يذكر للشعب العراقي، طوال السنوات الماضية، اضطرت الحكومة الحالية التي يرأسها نوري المالكي، للاعتراف بفشل الطريقة التوافقية التي بنيت عليها الحكومة، ما أدى إلى عرقلة أعمال السلطات التنفيذية، والإعلان في مناسبات عدة عن فشل ما اصطلح عليه "الديمقراطية التوافقية".

وضرورة تبديلها بصيغة أخرى، هي "حكم الأغلبية"، ما أثار تساؤلات كبيرة حول هذا المفهوم، وماذا يعني!؟، هل الأغلبية الطائفية، أم الأغلبية السياسية، المبنية أصلا على الأساس الطائفي!؟، وكيف تتحقق هذه الأغلبية بدون وجود وضوح فكري لدى معظم النخب السياسية، ما دفع القائد العسكري الأميركي السابق في العراق، الجنرال ريموند اوديرنو إلى إطلاق تسمية "العرقراطية" على العملية السياسية في العراق.

ويلاحظ المراقبون السياسيون، أن المالكي، الذي ينتقد "الديمقراطية التوافقية"، من دون الإشارة طبعا إلى أن الاحتلال هو الذي اخترع هذه "الديمقراطية"، ما كان يمكن أن يصبح رئيسا للوزراء لولاها، بل انه، ومعه حزب الدعوة ككل، قدم أقصى التنازلات لشغل هذا المنصب، الذي اختاره له مديره السابق إبراهيم الجعفري، كمرشح تسوية، داخل الائتلاف العراقي الموحد.

ويؤكد المراقبون أن المالكي اعتمد في "إدارة الدولة" على مجموعة مستشارين لا خبرة لهم، ما أدى إلى انتشار أوسع فساد إداري ومالي وسياسي، وتدهور البنية التحتية، وتخريب ما كانت متبقية من خدمات، إضافة إلى تدهور علاقات الحكومة العراقية مع معظم الدول العربية "التي تخشى الديمقراطية العراقية"، كما يقول مستشارو المالكي، ناهيك عن الإنهاء التام لكل الجهود التي بذلت، من أطراف شتى، لتحقيق الحد الأدنى من "المصالحة الوطنية".

وفي حوار تلفزيوني، بين القيادي في القائمة العراقية حيدر الملا، والقيادي في ائتلاف دولة القانون خالد الاسدي، سأل الملا: "خلال السنوات الماضية كانت ميزانية العراق أكثر من 300 مليار دولار.. أين ذهبت!؟"، فأجاب الأسدي: "حاربنا بها البعثيين"، ثم تساءل الملاّ باستغراب: "ومازالوا موجودين؟!".