يؤكد واقع الأحداث أنه لولا ثورات الربيع العربي، ما تجدّد الحديث عن الحقوق الحياتية للمرأة في وطننا العربي الكبير من الخليج إلى المحيط، فالنساء لعبن دورًا فعالاً وكبيراً في قيام تلك الثورات، فضلاً عن تنامي مساهمتهن في مختلف ميادين المجتمع، الأمر الذي دفع المنظمات الدولية إلى الاعتراف بهن والتنافس على تقديم الجوائز لهن بعد أن كانت النظرة السابقة يشوبها الكثير من التهميش والتنكر لحقوقها.
وعلى الرغم مما يحمله الاعتراف الدولي بمكانة المرأة والقناعة بدورها، إلا أن حقوقها الحياتية لا تزال محل تجاهل؛ نظرًا إلى وجود قوى سياسية واجتماعية تعمل باتجاه عدم نيلها لحقوقها التي تتأرجح بين الممنوح والممنوع. ففي دول القارة الآسيوية نجد المرأة قد تبوأت مكانة رفيعة وتقلدت مناصب مهمة، وفي مقدمتها رئاسة الدولة ورئاسة الوزارة، والشيء نفسه في أوروبا وأميركا اللاتينية، بينما في أكبر الدول ديمقراطية وهي الولايات المتحدة نجد حالها حال العربية؛ لم يحن الوقت بعد لتصل إلى سدة الرئاسة، على الرغم من المحاولات المتكررة للترشح للمنصب.
وهيلاري كلينتون مثال، وهي تصارع أوباما على رئاسة الولايات المتحدة فغلبها بمساندة ذكورية قوية. ويبقى السؤال هل ذكورية الكراسي تلعب دوراً في قهر وقبر طموحات نساء العرب وتقيد تحركاتهن وتعيق تطلعهن للمنصب الرئاسي؟
بحيث لا تصل إلى أبعد من كرسي الوزارة أو قاعة البرلمان. أم تكون سلبية الناس أحياناً سبباً لتحجيم الطموحات؟ هي قضية بحاجة إلى نقاش. وهناك تباين في الآراء، واختلاف في الرؤى، بينما يستمر الاختلال في موازين التقييم؛ بين نساء يعانين التهميش، ورجال متخمين بالتكويش على المناصب من كرسي الرئاسة وحتى مقعد البرلمان.
الجزائر.. الطريق ممهدة لحضور سياسي أكثرايجابية
تمكنت المرأة في الجزائر من تحقيق مكاسب جمة في المجالات الاجتماعية والثقافية وحتى الاقتصادية خلال نصف قرن منذ الاستقلال سنة 1962.
فما كان ينقص النساء في السابق أصبح متاحا اليوم بعد تعديل الدستور ليتضمن توثيق الحقوق السياسية وفق حصة تصاعدية تتراوح بين 20 و50 بالمائة في جميع المجالس المنتخبة من البلدية إلى البرلمان، ما جعل الكرة الآن في ملعب النساء، رغم تأخرهن كثيرا في الحصول على حقوقهن السياسية بالشكل الذي يليق بمشاركتهن في معركة التحرير وبالطريقة نفسها التي شارك بها الرجل وربما أكثر.
وتشير المجاهدة والوزيرة السابقة ونائب رئيس مجلس الأمة حاليا ليلى الطيب، والتي التحقت بصفوف ثورة التحرير المجيدة وعمرها 17 عاما، إلى أن سياسة التعليم الإجباري والمجاني للبنات والأولاد بعد الاستقلال، سمحت للجزائرية بالوصول الى مراتب عليا في مختلف أجهزة الدولة، إلا أن ما تحقق لا يتناسب وحجم التضحيات.
وتحققت بعض الخطوات المهمة بفضل الإرادة السياسية القوية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ومنها قانون ترقية الحقوق السياسية للمرأة وكذا قانون الجنسية الذي يسمح للمرأة الجزائرية بمنح جنسيتها إلى أولادها، كما لم يعد هاجس الشارع يطارد المرأة المطلقة بعد تعديل قانون الأسرة سنة 2005، حيث أصبح من حق المرأة المطلقة الحاضنة الاحتفاظ ببيت الزوجية.
وتعتبر منظمة "فريدوم هاوس" أن أزمة السكن في الجزائر أهم عائق يمنع المرأة من التحرر والاستقلالية وخاصة الأمهات المطلقات. والطريقة الأمثل لضمان الحقوق الأساسية هي تشجيعها على خوض معترك السياسة بدون عقدة، ووصولها إلى رتبة جنرال في الجيش ، وكولونيل في القوات الجوية، فضلاً عن وجود وزراء منهن في الحكومة، نتيجة غير كافية بالنظر إلى تضحياتها منذ عقود طويلة.
الدستور والواقع
وبرأي العضو القيادي في جبهة التحرير الوطني المحامية حبيبة بهلول، فإن التواجد السياسي للجزائرية في مراكز القرار لا يعكس على الإطلاق النتائج الاجتماعية التي حققها نضالها خلال الـسنوات الستين الأخيرة على الأقل، أي منذ اندلاع ثورة التحرير، فالمساواة الكاملة في الحقوق والواجبات التي نصت عليها الدساتير منذ صدور الأول سنة 1963، ولا النتائج التي تحققت في مجالات التعليم والصحة والتربية، لم تسمح بالبروز في المجال السياسي، وهدفها نيل الحقوق في التواجد السياسي والاجتماعي على المستويات كافة، واقتحام دوائر صنع القرار بعدما تسلحها بأعلى الدراجات العلمية في التخصصات المختلفة حتى تلك الأكثر دقة.
ولا يعقل أن تمارس الجزائرية مهنة القضاء على جميع مستويات التقاضي في جهاز العدالة، ثم يتم رفضها بل وتهميشها مع اقصائها عندما يتعلق الأمر بالمناصب القيادية العليا في المجتمع أوالسياسة وحتى في قطاع الأعمال.
ديكور للزينة
ورفضت الناشطة الحقوقية والوزيرة السابقة لقضايا المرأة والأسرة سعيدة بن حبيلس، جعل المرأة مجرد ديكور للزينة في المواقع السياسية والمراكز القيادية التي يغلب عليها الطابع الرجالي عربيا. والأشواط التي قطعتها الجزائرية منذ الاستقلال لا تتناسب مع حجم التضحيات التي قدمتها عبر تاريخها النضالي ابان حرب التحرير أو السنوات التي أعقبت الاستقلال وخاصة سياسيا.
واختصار حقوقها في الجوانب الاجتماعية من صحة وتعليم وشغل أو استعمالها كوعاء انتخابي عند الحاجة للدفع بالرجل الى واجهة الأحداث والسيطرة على مراكز صنع القرار، وإنجازاتها كافة تسمح لها المطالبة بالمشاركة في صنع القرار بمختلف جوانبه وبالثقل نفسه الذي يمثله الرجل. ومسؤولية الوضع الحالي محليا وعربيا تتحملها المرأة لأنها لم تدرك الأهمية الحقيقية لثقلها الاجتماعي والحضاري في المجتمع وقبولها أداء دور أشبه بالديكور في مجتمعات ذكورية ترفض التنازل بسهولة.
وتخالف رئيسة الاتحاد الوطني لنساء الجزائر نورية حفصي زميلتها بن حبليس الرأي، اذ تحمل الأحزاب السياسية والنظم القائمة عربيا ومحليا، مسؤولية الإقصاء والتهميش الذي تعانيه النساء في المجالات السياسية، فنظام الكوتة الطريق الوحيد في المنطقة لإخراج المرأة من النفق المظلم وتمكينها من المشاركة السياسية التي ظلت حكرا على الرجال في ظل استثناءات قليلة جدا. ورغم حقها في الانتخاب والترشح فذلك لا يكفي، لأن وصولها الى مراكز صنع القرار هو الأهم.
تونس.. مطالب بضرورة التأكيد على المساواة بين الجنسين
اوضح اخر استطلاع للرأي تم انجازه ان 70.4 بالمائة من التونسيين ، أكدوا عزم المرأة على الحفاظ على مكاسبها الاقتصادية بغض النظر عن النظام السياسي القائم.
وقد أثبتت النتائج تفاؤل 53.7 بالمائة تطور مكانة المرأة في صلب العائلة ونجاحها ثقافيا وقدرتها على التوفيق بين القيم المحلية والعالمية ،فضلا عن التجانس .
وفي الجانب الآخر تعكس النتائج قناعة واضحة لدى81.9 بالمئة بأن المشاركة السياسية لها في ظل النظام السابق كانت بهدف تقديم انطباع جيد عن تقدم البلاد وحداثيتها.
النائب الأول لرئيس المجلس الوطني التأسيسي محرزية العبيدي أشارت إلى ان الإرادة السياسية في البلاد منذ الاستقلال كرست دورا سياسيا للمرأة محاطا بنوع من الاحتفاء بهدف استغلال صورتها لاكتساب شرعية سياسية.فالعديد من نساء تونس لم يسقطن في الفخ ويكفي انهن بلغن اليوم مكانة رفيعة في مختلف المستويات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية لجرأتهن.
وليس هبة من أي نظام سياسي كان وإنما هو استحقاق . و بعد ثورة 14 يناير و اكتساح الاسلاميين للساحة السياسية و انتشار ظاهرة الجماعات السلفية ، عبرت مؤسسات المجتمع المدني و الاحزاب اليسارية و الوسطية و الحداثية و الليبرالية و البورقيبة عن خشيتها من التراجع عن مكاسب المرأة و الاسرة التونسية ، الا ان راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة اكد ان لا تراجع عن قانون الاحوال الشخصية ،و قال ان حركته تنظر اليه كنتيجة اجتهاد من داخل الاسلام و ليس من خارجه.
الدستور والنساء
وأكدت الحقوقية اقبال موسى، ان وجود نصوص عن المساواة بين الرجل والمرأة في صلب الدستورسيكون دون فاعلية على مستوى التطبيق اذا لم تتوفر له ضمانات حقيقية، وعليه فالمحكمة الدستورية هي الضامنة للمبدأ والساهرة على حمايته من انتهاكات السلطة.كما ان مبدأ المساواة ، كان القاسم المشترك بين مشاريع الدساتير المقترحة على المجلس الوطني التأسيسي .
والتي تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل , والدكتور الصادق بلعيد وحزب العمل التونسي ,والمشروع المنسوب إلى حركة النهضة بالإضافة إلى مشروع شبكة دستورنا. والتفاوت يعكس خيارات مختلفة في التقنية المعتمدة في صياغة الدساتير، اذ ان هناك من يرى انه كلما كان الدستور مقتصرا على التنصيص على المبادئ العامة دون الخوض في التفاصيل كلما ضمن استقرار القاعدة الدستورية، في حين يرى البعض الآخر ان التأكيد والتفصيل والتكرار ضروري لضمان المزيد من الحريات المنصوص عليها.
و قال الامين العام المساعد للاتحاد العام للشغل سمير الشفي ان المرأة ستكون الرقم الصعب في مواجهة القوى المعادية للحرية والديمقراطية التى بدأت تظهر في بلادنا. وحقوقها خط احمر سيناضل اتحادنا من اجل عدم المساس بها، والثورة لن تكون منطلقا للالتفاف على تلك الحقوق او تبني تصورات تعود بتونس الى القرون الوسطى.والقوى الديمقراطية لن تتخلى عن اهداف الثورة.
وستعمل جاهدة على الدفع في اتجاه صياغة دستور يعكس تطلعات الشعب في دولة مدنية تكرس المساواة بين الجنسين وترسخ العدالة الاجتماعية والاقتصادية. والاتحاد ملتزم بدعم مطالب المراة وباقرار مبدأ التناصف بين الجنسين كآلية دستورية لتحقيق المساواة في كل القوانين بما فيها الانتخابية وفي كل المؤسسات الدستورية والعمومية والادارية.
تحذير ضد التجاذبات
وحذرت رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات احلام بالحاج، من التجاذبات الخطيرة التي تشهدها الساحة السياسية والتي تشكك في مكاسب المرأة. ويجب على جميع مكونات المجتمع المدني والمنظمات والحقوقيين التمسك بمدنية الدولة وحماية حقوق النساء وتفعيلها لتصل الى درجة المساواة التامة مع الرجل. وكذلك ضرورة تضمين حقوقهن في الدستور الجديد، بما في ذلك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية.
الكويت.. ثقة كاملة للنساء في اختيار المهنة والصعود للقمة
تمتلك المرأة الكويتية تاريخا طويلا من النضال على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية أفضى الى وجود ثقافة لدى النساء بالكويت بأحقيتهن في إعتلاء أعلى المناصب بما فيها القضاء، لا سيما بعد ان تقلدت أكثر من حقيبة وزارية وفازت بأربعة مقاعد في مجلس الأمة (البرلمان)، إضافة الى نيلها مراكز متقدمة في المناصب على رأسها سفيرة في عدد من دول العالم.
ولعل تلك الأمثلة والدعوات التي تطلقها الجمعيات النسائية من جهة وما وصلت اليه المرأة من مكانة مرموقة في المجتمع من جهة أخرى، أعطى النساء الكويتيات حرية "شق" الطريق الذي تراه مناسبا ورسم حياتها ومستقبلها، وفقا ما تراه مناسبا لها، ولم يعد للتدخل الأسري أي تأثير إلا في نطاقات محدودة جدا، بل ويكون أيضا برغية من المرأة نفسها لمساعدتها على إختيار هذا الطريق .
أو ذاك، إذ تقول الطالبة وفاء الشمرى انها تمتلك الحرية الكاملة الممنوحة لها من الأهل سواء في اختيار التخصص الدراسي أو حتى اختيار طريق المستقبل الوظيفي، لافتة الى ان ثقة الأهل أعطتها دافعا كبيرا لأن تحقق النجاح فيما تختار، وأضافت ان النساء في الكويت بشكل عام يمتلكن حرية شخصية لاسيما في اختيار الطريق الذي ينوين ان يسلكنه سواء على صعيد السلم الوظيفي أو حتى على صعيد الزواج، ولا يوجد تدخل من الأهل إلا عن طريق النصح، في حال لم تستطع المرأة من اختيار الطريق الصحيح، وهذا يكون عند الزواج أكثر منه في أي موضوع آخر.
النائبة السابقة في مجلس الامة دكتورة رولا دشتي تؤكد ان الكويتية استطاعت خلال فترة نضالها نحو 50عاما ان تثبت انها ليست أقل من الرجل في تحقيق النجاحات، بل تتفوق عليه في العديد من المجالات ما دفع بالأسر المنغلقة الى الانفتاح نحو المجتمع، ورغم ذلك فالمرأة بحاجة الى المزيد من العمل لمواصلة نجاحاتها، والثقة التي منحها لها المجتمع في البرلمان السابق ووصول 4 نائبات يمثلن المجتمع بمختلف أطيافه ومكوناته، أكبر دليل على ثقة المجتمع بهن لتمثيله في المؤسسة التشريعية الأهم في الدولة .
ويؤكد الاستشاري النفسي والاجتماعي يوسف العلاطي ان مجتمعنا يعيش تحررا شبه كامل بالنسبة للمرأة ورغباتها خاصة في مجال اختيار طريق مستقبلها المهني، الا ان بعض الأسر لا تثق في اختيارات بناتها بشأن دراستهن ويقود التدخل للفشل دراسيا في معظم الأحيان بالتوازي مع عدم ترسيخ شخصية الفتاة، خاصة والمجتمعات منفتحة على بعضها ويصعب عزل أي انسان فيها، وبالتالي وبما ان الكويتيات يعشن نشوة الحصول على حقوقهن السياسية بعد تاريخ طويل من النضال، أصّل فيهن روح التحدي والاعتماد على الذات.
وقادهن لتبوؤ مناصب قيادية .والطريقة المثلى للتعامل مع المرأة أو المراهق بشكل عام عند تحديد طريق مستقبله مع منحه الصلاحية في اختيار رغبته ، مع مراقبة محسوسة ومتابعة ملموسة لتعي الثقة التي تقود للنجاح، وتجارب ونجاحات الكويتية جعلت المجتمع بأسره يثق في اختياراتها.
السعودية.. متفوقات أثبتن للعالم مقدرتهن على تولي أعباء كبيرة ومعقدة
تتخذ المرأة السعودية خطوات جادة لتجاوز حدود دورها التقليدي ضمن محيط المنزل والعائلة، وتغيير المفاهيم الشائعة حول الفرق بين الجنسين؛ كما تحرز تقدماً ملحوظاً على صعيد العمل وتولي مناصب قيادية في مختلف مجالات التعليم، والصحة والتنمية الاجتماعية والاقتصادية فضلا عن تأهبها للولوج الى العمل في الشأن السياسي و العام من خلال عضويتها في مجلسي الشورى والبلدي قريبا .
وأجمع نشطاء حقوقيون ومثقفون وكتاب من الجنسين أن السعودية شكلت أحد المحاور الرئيسية لبرامج الإصلاح والتنمية والتطوير التي تبناها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز ، منذ توليه مقاليد الحكم مطلع أغسطس 2005 وأصبحت تشغل أدواراً قيادية رائدة في الميادين الاجتماعية والاقتصادية مع حضور راسخ لها في المناصب الإدارية العليا ضمن مؤسسات وشركات القطاع الخاص.
وأجمعوا على انها لا ينقصها الا ثقة المجتمع لتتبوأ المزيد من المناصب القيادية فهناك سيدات متفوقات أثبتن للعالم قدرة المرأة على تولي أعباء كبيرة ومعقدة في شتى المجالات منهن ثريا أحمد عبيد التي تتولى منصب المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان والأمين العام المساعد للأمم المتحدة وهي أول عربية ترأس وكالة تابعة للأمم المتحدة وذات مهام بالغة الأهمية في المنطقة العربية.
و دكتورة نورة الفايز التي تتولى منصب نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات بمرتبة وزير ، ودكتورة منيرة العصيمي التي تتولى مرتبة وكيل مساعد لشؤون الخدمات الطبية المساعدة وذلك لأول مرة في تاريخ وزارة الصحة السعودية الكاتبة السعودية منيرة السليمان أكدت أن السعودية حظيت في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز بعناية فائقة وتقلدت ولأول مرة في تاريخ المملكة.
ورغم رفض المتشددين مناصب رفيعة منها منصب نائب وزير التربية والتعليم بمرتبة وزير ، كما تتولى الدكتورة منيرة العصيمي مرتبة وكيل مساعد لشؤون الخدمات الطبية المساعدة .فالمرأة قادرة على تحمل مسؤوليات في مناصب عليا لخدمة وطنها كيف لا وهي تجد كافة أنواع الدعم التي كانت تفتقرها في السابق بالإضافة لإيجاد المساندة التعليمية وبرامج الإبتعاث التي ساهمت في تطويرها وتأهيلها .
ومن جهته قال الباحث السعودي دكتور عبد الإله حمد الطريقي إن إيجاد البيئة المحافظة للمرأة ودعم الأسرة لها من أهم أسباب تألقها في السنوات الأخيرة ، بل أنها ستكون في المستقبل القريب رقما صعبا في الحياة العامة والعمل السياسي والدبلوماسي والأمني خدمة للوطن . والمملكة تستثمر مليارات الريالات في تعليم المرأة للنهوض بفكرها وصقل رأيها بما يتناسب والتوجهات , وآن الأوان لأن تتقلد تلك المناصب المهمة بالنسبة لمجهودها المستمر, وسعيها نحو التطوير واستثمار حماسها في تنمية البلاد , ونجد رغم محاولة العديد من المتشددين تعتيم دورها وتجاهلها جاء الملك ليبرز دورها ويصقلها ويوجهها ضمن رؤيةواضحة .
واعتبرت الكاتبة والمفكرة الاسلامية السعودية سهيلة زين العابدين حماد أن السعوديات ورغم حجب العديد من حقوقهن إلا أنهن يواصلن سعيهن لتجاوز العوائق التي تحول دون تقدمهن في المجالات والميادين المختلفة ، مما مكنهن حتى الآن في ترسيخ وجودهن في سوق العمل على نحو جيد ,و وصولهن أيضا الى مناصب قيادية على قلتها ,الا انها ثمرة نضال طويل لأجل الحصول على كامل حقوقهن في تولي مناصب قيادية أخرى .
وطالب الباحث الاجتماعي دكتور فيصل العاني بضرورة مشاركة المرأة في المناصب القيادية العليا للدولة وتحديداً في منصب وزيرة وسفيرة ، مستشهدا في ذلك بما وصلت إليه المرأة في دول الخليج المجاورة التي تشبه مجتمعاتها إلى حد كبير مجتمع المملكة من حيث العادات والتقاليد، والتي لم تقف حاجزاً أمام النساء في تلك الدول ، غير أنه أكد أن عمل المرأة في المناصب العليا للحكومة لا يزال بعيداً بالرغم من تقارب مجتمعنا السعودي مع غيره من دول الجوار بسبب المعارضين لحقوقها .
فلسطين.. مساع نسائية حثيثة لانتزاع الحقوق السياسية كاملة
القدس المحتلة نظير طه
تسعى الهيئات والأطر والمؤسسات النسوية الفلسطينية إلى عملية ضغط مجتمعية تسعى من خلالها إلى تحسين وضع النساء في شتى المجالات التعليمية والصحية والاقتصادية وتعزيز مشاركتهن في الحياة العامة وصنع القرار السياسي وصولًا إلى نيل حقوقهن كاملة والقضاء على كافة أشكال التمييز والعنف واللا مساواة .
وتتميز المرأة الفلسطينية بصبرها وثباتها تحملها للمشاق التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي، وبنضالها الممتد على مدار العصور . حيث ناضلت واعتقلت وجرحت واستشهدت وأبعدت عن وطنها كما الرجال، وبعد توقيع اتفاق أوسلو وقيام السلطة الفلسطينية شاركت في أول انتخابات رئاسية وتشريعية عام 1996، وترشحت ونافست ، كما وصلت سيدات للبرلمان الفلسطيني ولهيئات منظمة التحرير وللمجالس والهيئات المحلية وللمؤسسات الرسمية، وان كانت نسبة من وصلن قليلة بالمقارنة مع طموحاتهن بالمساواة بشكل كامل مع الرجال.
تقول نادية أبو نحلة مديرة طاقم شؤون المرأة في غزة، إن واقع المرأة الفلسطينية والتحديات التي تواجهها متشابهة إلى حد ما مع نساء العالم العربي، وهذا له علاقة بالتمييز في التشريعات والقوانين المعمول بها والتي لا تزال تميز بين الذكر والأنثى.
لكن هناك اعتبارات خاصة تتحكم بواقعها لها علاقة بالوضع السياسي العام ونقص السيادة وغياب الدولة ومؤسساتها، فالموجود الآن سلطة فلسطينية تأسست عام 1994،شهدت استقرارا سياسيا محدودا ومؤقتا, امتد من عام 1994 وحتى 2000 ، وبعدها اشتعلت انتفاضة الأقصى .
ومارست إسرائيل خلالها كل أصناف التدمير والقتل وهدم للمؤسسات وتهويد للقدس وتكثيف للاستيطان وبناء للجدار الفاصل الذي قطع أوصال الأرض الفلسطينية ، وتم تحييد العمل السياسي وتعطل المجلس التشريعي الفلسطيني،كلها أسباب انعكست على أوضاع المرأة وآمالها في بناء دولة ونظام ديمقراطي وإصدار قوانين وتشريعات حديثة تعزز مكانتها وتمنحها حقوقها، يضاف إلى ذلك الانقسام الذي وقع صيف 2007 ، ولا تزال آثاره الكارثية تنعكس يوميا على المجتمع .
ورغم تلك المصاعب والعقبات نجحت المرأة في تحقيق جزء من المكاسب والطموحات في التعليم والصحة والعمل والمشاركة في الحياة العامة وفي الانتخابات حيث ضمنت لها كوته نسوية بنسبة 20%،لكن هناك مايعيق المشروع التنموي . مثل الفقر والبطالة وتردي الأحوال بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق .
والمجتمع الفلسطيني أبوي ذكوري، وبالتالي المطلوب تغيير نظرة التمييز والتهميش للمرأة والسعي تقليل مكانتها ودورها في المجتمع اذ لابد من إعادة الاعتبار لها في الحياة العامة.
فهي لا ينقصها الذكاء والتعليم لتصل أعلى المراتب ، وهناك فرص متساوية للذكور والإناث في التعليم الثانوي والجامعي والفجوات محدودة جدا، بينما وجود النساء في العمل الرسمي لا تتجاوز نسبته 15% ، وهناك نسبة كبيرة منهن يلجأن للأعمال الحرة كالتطريز والخياطة بسبب غياب فرص العمل الرسمية.
معيقات ضد الحقوق
من جهتها قالت سهير أبو طاقة مستشارة وزيرة الشؤون الاجتماعية الفلسطينية لشؤون المرأة إن المرأة لدينا تستحق أن تتوج في ارفع وأرقى المناصب لان الكثير منهن يتمتعن بالكفاءة والوطن بحاجه لهن في معركة البناء.
إلا أن الوضع الحالي لها غير مرض خاصة في المجالات الحياتية وذلك لعدة أسباب أبرزها ثقافة المجتمع (العادات والتقاليد، والموروث الثقافي) التي لا تزال تنظر إليها من منظور ذكوري بالرغم من الاعتراف الكامل بنضالها جنبا إلى جنب مع الرجل، فبعد استلام السلطة مهامها عملت وبجهود حثيثة نتيجة توجه الناشطات النسويات وقناعة صناع القرار بأهمية دور النصف الثاني والأساسي للمجتمع (المرأة) لتطوير قضاياها من تعديلات في القوانين، تواكب قدراتها وتكسبها المهارات وتمكنها من أداء دورها على كافة الاصعدة إلا أن ذلك كان مرتبطاً بأجندات الممولين، وغير موزع جغرافياً، ولم يعكس في ثناياه الواقع المعاش للنساء. كذلك الوضع السياسي العام والاحتلال . ماحرمها ادنى حقوقها الدولية في التعليم والصحة .
وقالت مديرة مكتب القدس في مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي المحامية حليمة أبو صلب، بالرغم من أن الفلسطينية قطعت شوطا في طريق تحصيل حقوقها السياسية إلا أنها لاتزال تتولى مناصب أقل من الرجل اذ لاتوجد وزيرة للمالية أو الداخلية، أو حتى الخارجية.
وقطعت شوطاً في التعليم، ولكن بالطبع فرصها أقل من فرص أخيها، مثلا إذا الفتاة حصلت في الثانوية العامة "التوجيهي" على معدلات عالية، والأخ معدله في الستينات إلا أنه ورغم ذلك يفضل الأهل تعليم الأخ على الأخت ، إضافة إلى ذلك فإن فرص المرأة في العمل أقل بكثير ، لأن أصحاب العمل يفضلون الذكور على الإناث، وتعاني أيضا من ظروف ذاتية وموضوعية تعيقها في تحصيل حقوقها التي تحاول الوصول إليها .
قطر.. تعزيز القدرات والتمكين للمشاركة في صنع القرار
تشدد رؤية قطر الوطنية حتى عام 2030 على ضرورة تعزيز درات المرأة وتمكينها من المشاركة الكاملة في كافة المجالات، ولاسيما في دوائر صنع القرار إضافة إلى زيادة فرص حصولها على الدعم المهني . وقد استطاعت القطرية خلال السنوات القليلة الماضية، أن تقتحم مجالات العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي بخطى قوية وثابتة، لتؤكد وجودها وقدرتها علي العطاء اللامحدود في كافة المجالات.
وفي المجال السياسي تمارس القطرية حقي الانتخاب والترشيح وقد شاركت في الانتخابات البلدية التي بدأت عام 1998 بنسبة 47 بالمئة .كما نجحت في الفوز لمرتين في المجلس البلدي في قطر ممثلة بالسيدة شيخة الجفيري.
ويؤكد الدستور القطري في المادة 34 على المساواة "المواطنون متساوون في الحقوق والواجبات العامة،" الي جانب المادة 42 والتي تنص علي أن الدولة تكفل حق الانتخاب والترشيح للمواطنين، وفقاً للقانون.
الدكتورة عائشة يوسف المناعي، عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية في جامعة قطر، تعد مثالا حقيقيا على المدى الذي تحقق حيث تعتبر الأولى التي تتبوأ الموقع في العالم العربي، وهي ترى أن القطرية قد حققت نجاحا كبيرا من خلال المناصب العديدة التي تقلدتها في المؤسسات المختلفة ما جعلها تشارك في فعاليات المجتمع من خلال العمل كعضو فاعل، مع تكليفها بمهام جسام، حيث تعمل كنائب رئيس مجلس إدارة جمعية الهلال الأحمر، وعضو في الكثير من مؤسسات ذوي الاحتياجات الخاصة، واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان وحوار الأديان .
وكانت دولة قطر أطلقته قد وقعت عام 2010 على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة "سيداو " والتي تنادي بعدم التمييز ضد النساء أو استبعاد و تقييد يتم على أساس الجنس ويؤثر في تمتعها بحقوقها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، وأي حقوق أخرى على أن تكون على قدم المساواة مع الرجال، وبصرف النظر عن حالتهن الزوجية، بالإضافة إلى المساواة التامة لها في جميع الميادين.
ودعت الاتفاقية إلى سن تشريعات وطنية تكفل المساواة بين الرجل والمرأة واتخاذ خطوات تستهدف تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية، خاصة تلك التي تكرّس التمييز ضد المرأة. الا أنها تحفظت على بعض مواد الاتفاقية ، والتي تتعلق بأحكام وراثة الحكم لمخالفتها لأحكام المادة 8 من الدستور، وبشأن منحها حقاً مساوياً للرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالها لمخالفتها لقانون الجنسية.
وفيما يتعلق بالمساواة أمام القانون فيما يتعلق بمسائل الإرث والشهادة لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية، وبشأن منح المرأة المساواة مع الرجل بشأن حرية التنقل واختيار محلي الإقامة والسكن، لمخالفتها لأحكام قانون الأسرة والأعراف السائدة، بالإضافة إلى تحفظها على المادة 16/1 بشأن الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية لمخالفتها أحكام الشريعة الإسلامية.
ويقول دكتور يوسف عبيدان نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن القطرية بلغت اليوم مستوى من الوعي والثقافة والتعليم يجعلها قادرة على تسلم مواقع صنع القرار، وهي مؤهلة أيضا لخوض عملية الانتخاب في مجلس الشوري العام المقبل . ويضيف أن القطرية أثبتت قدرتها في الانتخابات البلدية وذلك من خلال دقة البرامج الانتخابية التي تبنتها المرأة في تلك الانتخابات، والتي مثلت أساساً قوياً ومتيناً لخوض غمار الانتخابات النيابية، فالنظرة التقليدية للمرأة تلاشت بفضل الوعي الثقافي الذي حصل في المجتمع والتي كانت بحد ذاتها ثورة علي التقاليد التي كانت تخلط بين العادات والتقاليد وبين الدين.


