بعيدًا عن صخب السياسة، ومبادرات القوى الحزبية والسياسية، وبرامجها الانتخابية التي تضع حلولاً لقضية البطالة واسيعاب العاطلين على رأس أولوياتها، دون وجود آليات حقيقة ظاهرة حتى الآن لحل تلك الإشكالية التي تؤرق المجتمعات العربية عموما ومصر بشكل خاص.. ظهرت العديد من الحركات المجتمعية غير السياسية الهادفة في الأساس إلى الخروج من بوتقة الساسة ووعودهم التي قد تكون زائفة، والمساهمة في إيجاد فرص عمل حقيقية للشباب دون مقابل، كنوع من أنواع أعمال الخير والبر.
أبرز تلك الحملات المجتمعية هي حملة "عايز أشتغل" التي تبنتها حركة صوت الأغلبية الصامتة "صوت مصر"، والتي تهدف إلى توفير فرص عمل للشباب، من منطلق دورها في تخفيف العبء الواقع على كاهلهم، وأسرهم، بما يضمن تخفيف حدة البطالة، التي ارتفعت إلى نحو 12.4في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي ، بعد أن كانت نحو 11.9 في الربع الثالث من العام نفسه؛ ما يعني أن النسبة مرشحة لزيادات أكبر بسبب سوء الأحوال الاقتصادية في مصر، فضلا على استمرار حالة الخفوت الاقتصادي المتأثرة بالحالة السياسية في الساحة الآن.
وحددت حملة "عايز أشتغل" الأماكن سلفًا للشباب الراغب في العمل، ليتقدّم بسيرته الذاتية ومهاراته، وصور من مؤهلاته وشهاداته؛ كي يتم توفير الوظيفة المناسبة له، بما يتماشى مع مهاراته ورغباته ، ومع الجانب الأكاديمي الذي درسه بالجامعة.وتنوعت أماكن استقبال طلبات التوظيف، وانتشرت في جميع مناطق القاهرة الكبرى، ولم تقف عند حدود المناطق الشعبية فقط، بل شملت أيضًا المناطق الراقية، في ظل الإقبال الكبير من قبل الشباب والفتيات.
وقال خالد محمود وهو حاصل على ليسانس حقوق من جامعة عين شمس، إن سوق العمل المصرية لا تكفي الكم الهائل من الخريجين سنويًا، كما أن العاملين أنفسهم يتقاضون ما يسدون به حاجاتهم اليومية، دون إمكانية للادخار، في كثير من الحالات قد تصل إلى 50بالمائة من الشباب، ما يترتب عليه المزيد من الإشكاليات، أبرزها تأخر سن الزواج، وارتفاع معدلات العنوسة أيضًا.
ولاشك ان المبادرة جيدة، وخاصة أنها بعيدًا عن السياسيين الذين أرهقوا الناس بوعودهم الزائفة بالقضاء على تلك المشكلة التي لم نجد لها حلاً على مدار سنوات طويلة، ويجب ان يتبني البرلمان المصري الجديد القضية بشكل جاد، ومناقشتها، دون الاعتماد على المبادرات الأهلية أو الشعبية فقط،, فالحكومة يقع عليها دور مهم وعاجل في حل المشكلة باعتبارها واحدة من أسباب ثورة شباب 25 يناير.
القائمون على الحملة، أكدوا أنها تستهدف الشباب غير الحاصل على عمل، بقصد توفير فرصة حقيقية له، وذلك دون وجود تنسيق مع البرلمان أوالسياسيين، مطالبين في الوقت ذاته بضرورة قيام كافة القوى المجتمعية بتبني مبادرات هادفة لإصلاح المنظومة الاقتصادية في مصر، والتي تدهورت بصورة كبيرة جدًا عقب الثورة، وأحدثت حالة من "الارتباك" داخل الساحة السياسية بشكل عام.
الشباب المتعطلين نادوا من جانبهم بضرورة قيام الحكومة بدعمهم ، وإعطائهم إعانة بطالة تساعدهم في مواجهة ظروف الحياة، ورغم ايمانهم بمبادرة وزارة المالية وتبنيها إستراتيجيات موسعة لتوفير فرص عمل للشباب، إلا أنها غير واضحة المعالم حتى الآن، بما دفع الشباب إلى الاعتماد على المبادرات الشعبية والأهلية، لتوفير فرص عمل.
