إجماع على أن إسرائيل تستغل توترات المنطقة لتمرير سياساتها

استطلاع «البيان»: 3 عوامل مجتمعة وراء شروع الاحتلال بإجراءات تقسيم الحرم القدسي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أظهر استطلاعان للرأي أجرتهما «البيان» على موقعها الإلكتروني وعلى حسابها في «تويتر» أن أكثر من 60 في المئة من المستطلع آراؤهم يرون أن شروع الاحتلال في إجراءات لتقسيم الحرم القدسي يعود إلى 3 عوامل مجتمعة مع بعضها وهي: الانقسام الداخلي وضعف السلطة الفلسطينية والتوترات التي يشهدها العالم العربي أما العامل الثالث فهو غياب موقف عربي وإسلامي موحد.

وفي استطلاع «البيان» على الموقع الإلكتروني اعتبر 7 في المئة من المستطلع آراؤهم أن شروع الاحتلال في إجراءات تقسيم الحرم القدسي يعود إلى الانقسام الداخلي وضعف السلطة الفلسطينية بينما اعتبرت 6 في المئة منهم أن ذلك يعود إلى التوترات التي يشهدها العالم العربي.

في حين عزت 21 في المئة سبب إقدام الاحتلال الإسرائيلي على هذه الخطوة إلى غياب موقف عربي وإسلامي موحد في حين عبرت الأغلبية عن أن هذه العوامل الثلاثة مجتمعة ساعدت الاحتلال على بدء إجراءات تقسيم الحرم القدسي وذلك بـ66 في المئة.

أما على حساب «البيان» في «تويتر» فكانت النتائج متطابقة مع الاستطلاع في الموقع إذ اعتبرت الأغلبية أن العوامل الثلاثة مجتمعة وراء إقدام إسرائيل على الشروع في إجراءات تقسيم الحرم القدسي وذلك بـ61 في المئة، بينما أرجع 9 في المئة إلى عامل الانقسام وضعف السلطة وحده وهي النسبة ذاتها للذين رأوه أن السبب يعود إلى التوترات في العالم العربي في حين عبرت 21 في المئة من مجموع المستطلع آراؤهم إلى أن السبب يعود إلى غياب موقف عربي موحد.

وفي قراءة لهذه النتائج،يقول عضو لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب المصري النائب البرلماني جمال محفوظ، إن غياب الاتفاق بين العرب وعدم وجود موقف عربي موحد كان داعماً لتحركات ومحاولات الاحتلال لتمرير سياساته في فلسطين، واعتبر أن كل ما يحدث في المنطقة العربية سببه غياب الاتفاق العربي، لاسيما أن المخطط هو أن يتم إغراق الدول العربية في المشكلات والأزمات والخلافات من أجل أن تتفتت وأن تبقى إسرائيل وتكون الدولة المستقرة الوحيدة في المنطقة، وبالتالي فإن كل ما يحدث في المنطقة هو في مصلحة إسرائيل.

أمر طبيعي

وبدوره، قال مساعد رئيس حزب الوفد ياسر قورة، إن إسرائيل والولايات المتحدة نجحتا في أن تقوما بصرف الأنظار عن القضية الفلسطينية، من خلال إثارة القضايا والأزمات الأخرى، ضمن مخططات تفتيت الوطن العربي وإقحامه في صراعات وحروب داخلية، فكان نتيجة ذلك أن يتنحى الملف الفلسطيني جانبا، وبالتالي تستطيع إسرائيل أن تفعل ما تشاء.

وشدد لـ«البيان» على أنه في ظل تلك الأزمات والمشاكل التي تعاني منها الدول العربية كان من الطبيعي ألا تكون القضية الفلسطينية ذات الأولوية بالنسبة لدول المنطقة كما كانت من قبل ـ للأسف - لاسيما أن كل دولة بدأت تهتم بالقضية الفلسطينية لكن بعد الشأن الداخلي والمهددات التي تواجهها، معتبرا أن عدم الترابط بين الدول العربية أتاح للاحتلال للقيام بكل تلك الأمور.

كما رأى أن دور جامعة الدول العربية قد تراجع بشكل كبير جدا فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية في ظل الصراعات والأزمات المختلفة الحالية ومن بينها الأزمة السورية والليبية واليمنية وغيرها، وبالتالي كان من الطبيعي أن يتجرأ الاحتلال ويتطاول ويقبل على مثل تلك الأمور.

أسباب متعددة

وفي الأراضي المحتلة، أرجع محللون وخبراء فلسطينيون شروع الاحتلال الإسرائيلي في إجراءات لتقسيم الحرم القدسي إلى عددٍ من الأسباب والعوامل التي جعلت الفرصة سانحة للجانب الإسرائيلي لاتخاذ مثل تلك الخطوات؛ جاء في مقدمة تلك العوامل التوترات التي يشهدها العالم العربي والتي - بحسب المحللين - صرفت الأنظار بصورة نسبية عما يحدث في القدس لما طغت شواغل التطورات التي تشهدها المنطقة - وفي القلب منها خطر الإرهاب - على أجندة الاهتمامات الرئيسية للسياسة الخارجية للدول العربية.

غياب موقف

وأضاف المحللون بعدا آخر اعتبروه سببا من بين العوامل الدافعة إلى اتخاذ الاحتلال تلك الخطوات والمحاولات الأخيرة لاستنساخ واقع الحرم الإبراهيمي في الخليل في الأقصى، وهي غياب الموقف العربي الموحد، إضافة إلى الانقسام الفلسطيني الذي جعل الشعب الفلسطيني يعاني حالة من التمزق جعلته لقمة سائغة وسهلة للاحتلال، إضافة إلى عامل ضعف السلطة كذلك. وجميعها عوامل مهدت الطريق أمام الاحتلال لتمرير سياساته.

واعتبر أستاذ القانون الدولي القيادي بحركة فتح د. جهاد الحرازين، أن شروع الاحتلال الإسرائيلي بإجراءات تقسيم الحرم القدسي جاء استغلالاً للوضع الحالي وحالة التوترات في المنطقة العربية، إذ اعتاد الجانب الإسرائيلي على انتهاز مثل تلك الأوضاع والفرصة بالنسبة إليه للإقدام على اتخاذ خطوات وإجراءات خاصة به.

كما أفاد القيادي بحركة فتح الفلسطينية د. أيمن الرقب بأن «الاحتلال يسعى إلى تكرار واستنساخ واقع المسجد الإبراهيمي من خلال التقسيم الزماني والمكاني»، وقد استغل الاحتلال العمليات الأخيرة لمحاولة تنفيذ رغبتهم الخاصة بالتقسيم الزماني.

وفي السياق ذاته، أوضح سفير فلسطين السابق بالقاهرة بركات الفرا، أن «إسرائيل في عصرها الذهبي» في تلك المرحلة التي تتعاظم فيها التوترات العربية، مؤكداً أن شروع الاحتلال في اتخاذ خطوات في سبيل تقسيم الحرم القدسي جاءت نتيجة عوامل التوترات في العالم العربي وغياب الموقف العربي الموحد إضافة إلى الانقسام الفلسطيني.

عدوان مدروس

من جهته، بيّن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات لـ«البيان» أن إسرائيل تمارس عدواناً مدروساً في القدس، وتعمل لتنفيذ مخططاتها بتقسيم الحرم القدسي زمانياً ومكانياً، لافتاً، إلى أن غياب موقف عربي وإسلامي موحد، نتيجة للأحداث المتسارعة في العالم العربي، شجعها على التمادي بممارساتها العنصرية، وتسارع خطواتها التصعيدية في المدينة المقدسة.

بدوره، اعتبر نائب الرئيس الفلسطيني في حركة فتح، محمود العالول، أن إسرائيل اعتادت مع الأسف، على بيانات الإدانة، من الأطراف العربية والإسلامية، وهي لم تعد تعير تلك البيانات أي اهتمام، كما أن الفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية، لم تتفق بعد على خطواتها المقبلة، تجاه التصعيد الأخير في القدس، باستثناء بعض الفعاليات العفوية، ما ساعد إسرائيل على الشروع بإجراءاتها القائمة على التهويد، والاستيطان الاستعماري.

ويرى المحلل السياسي هاني المصري أن استمرار الانقسام الفلسطيني وتعميقه، وتغييب القيادة الواحدة، علاوة على حالة التوهان في الموقف الفلسطيني، أوجد فراغاً تسعى إسرائيل جاهدة، لملئه، من خلال نوايا مبيتة، ومخططات تنتظر الفرصة للتنفيذ.

أما الكاتب والمحلل السياسي أشرف العجرمي فأكد أن غياب خطة وطنية لمواجهة السياسات الإسرائيلية، فضلاً عن عدم وضوح الخيارات الفلسطينية، صبّ في مصلحة المخططات الإسرائيلية، وشجعها على المضي في ممارساتها التهويدية في مدينة القدس، وفرض سيطرتها على الحرم القدسي الشريف.

تنفيذ مخطّطات

ويقول الأمين العام للجنة الملكية لشؤون القدس، عبدالله كنعان أن أهم سبب لتنفيذ إجراءات تقسيم الحرم القدسي هو عدم وجود موقف عربي موحد. فإسرائيل تعتمد في قوتها وبقاء احتلالها على الضعف العربي حيث تقوم الاستراتيجية الصهيونية على إبقاء العرب مختلفين وبالتالي ضعفاء.

من جانبه، يرى مدير مركز القدس للدراسات، عريب الرنتاوي أن الانقسام الداخلي وضعف الفلسطينية وعدم وجود موقف عربي موحد بالإضافة إلى التوترات التي يعيشها العالم العربي جعلت من إسرائيل تنفذ مخططاتها في تقسيم الحرم القدسي دون أن يسلط الضوء عليها.

ومن السعودية، حذر مدير عام مكاتب اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني بالمملكة عبدالرحيم محمود جاموس من خطورة بدء الاحتلال بتنفيذ مخططات لتقسيم الحرم القدسي، مع التصعيد الذي يمارسه الاحتلال بتشديد إجراءاته الأمنية في الحرم القدسي الشريف عبر منع الدخول إليه إلا من خلال الأجهزة الإلكترونية التي ثبتت أمام بابي الأسباط والمجلس، مخافة أن يكون ذلك بداية للتقسيم.

ومن جهته، اعتبر رئيس جمعية حقوق الإنسان السعودية د. مفلح القحطاني أن الاضطرابات التي تعصف بالعالم العربي وما ترتب عليها من رخاوة سياسية في التعاطي مع قضية العرب المركزية وهي فلسطين وخاصة القدس قد يشجع إسرائيل للمضي قدما في تنفيذ مخططاتها القديمة لتقسيم الحرم القدسي مكانيا وزمانيا، رغم أنها قامت طوال الأعوام الأخيرة بالعديد من الحفريات تحت الحرم المقدسي بحثا عن: «الهيكل المزعوم» لإثبات أحقيتهم في الحرم القدسي دون أي جدوى.

ومن جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك فيصل د. تركي التركي إن على الأمة الإسلامية والعربية رغم ما تمر به حاليا من تفكك واضطرابات التمسك بثوابت القضية الفلسطينية، مشيرا إلى أن إسرائيل تحاول من أكثر من عقدين من الزمان وحتى اليوم تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي والحرم الإبراهيمي في الخليل، ولكنها في كل مرة تواجه بصلابة الشعب الفلسطيني الذي تتكسر أمامه كل تلك المحاولات في غياب عربي وإسلامي.

Email