فبركة ومماطلة وفشل في تحديد المصير

قطـــرأمـــام ساعة الحقيقة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في الوقت الذي تحشد دول العالم كل قواها ووسائلها لمحاربة الإرهاب يحبس العالم أنفاسه انتظاراً لساعة الحقيقة غداً المتمثلة بانتهاء المهلة لقطر للرد على المطالب، أملاً في عودتها إلى رشدها لتغلّب صوت العقل وتعود إلى حاضنتها العربية وبيتها الخليجي من خلال مخاطبة شواغل جيرانها بتنفيذ مطالبهم العادلة والموضوعية القائمة على كف أذى الإرهاب عن الجميع بالتوقف عن تمويله، وعدم تدخلها في شؤون الآخرين.

غير أن المتابع للتحركات القطرية يجدها ما زالت تقوم على المماطلة والتسويف والاستقواء بالأجنبي ومع اقتراب ساعة الحقيقة فهل تستجيب الدوحة للمطالب الخليجية وتعود إلى الصف؛ أم ستظل تكابر وتحاول إدخال أطراف إقليمية ودولية في أزمة كان من الممكن أن تحل داخل البيت الخليجي وبأقل الأضرار؟! وهل سيكون من المفيد جلب قواعد عسكرية لأطراف إقليمية في منطقة الخليج العربي؟!

السعودية

تلاعب الدوحة غير مُجْدٍ

الباحث السعودي والمحاضر في العلوم السياسية حسام الدين جابر، أشار إلى أن قطر، ورغم توقيعها اتفاق الرياض عام 2014 إلا أنها لم تلتزم بتطبيق بنوده، وهو ما أدى إلى زيادة التهديد الأمني في المنطقة وتطور أذرع الإرهاب فيها.

وأضاف أنه في قراءة سريعة لمطالب دول مجلس التعاون، نجد أنها مطالب تؤكد في مجملها السيادة القطرية وعودة الدوحة إلى البيت الخليج، وهي مطالب واضحة بشكل كاف، وتصب في المصلحة القطرية في المقام الأول. أما محاولة الدوحة بالضغط على دول الخليج وإقحام قوى إقليمية ودولية في الأزمة لتوجيه الخلاف إلى نقاط معينة؛ فهي محاولة غير مقبولة وتظهر أن البوصلة القطرية غير واضحة.

ونوه جابر بأن تلاعب الدوحة بالألفاظ الإعلامية غير مجد، فلا يمكنها إطلاق لفظ «حصار» على المقاطعة الخليجية، لأسباب كثيرة أهمها أن موانئها وأجواءها مفتوحة أمام العالم، إلى جانب فشل محاولة قطر بتسييس الأمر وإقحام منظمات حقوقية دولية، لأن المقاطعة في جوهرها وأدواتها لا تمس حقوق الإنسان، لأن المقاطعة حق طبيعي للدول.

ورأى الباحث حسام الدين جابر أن قطر لم تكن لديها الجدية في دراسة الأمر مع الأشقاء الخليجيين، والدليل توجهها لإقحام قوى إقليمية ودولية فيها، حيث سعت هذه القوى للتدخل من أجل تحقيق مصالحها وأهدافها الخاصة.

اتفاقيات تنظيمية

وبشأن تأثيرات التدخل الإقليمي في الأزمة، أشار جابر إلى أن الأمن في الخليج العربي تنظمه اتفاقيتان أساسيتان، الأولى المعاهدة العربية للأمن، والتي صادقت عليها قطر ودول الخليج العربية عام 1971، أما الاتفاقية الثانية فهي اتفاقية الدفاع الخليجي المشترك لعام 2001، وبالتالي فإن أية اتفاقية أمنية منفردة تعتبر تهديداً لأمن الخليج العربية، وبالتالي فهي لاغية ولا مسوغ لها.

وبشأن مطالب دول مجلس التعاون، أشار جابر إلى أن المطالب توضح الحد الأدنى المطلوب من قطر لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، والتي تشهد فوضى منذ عام 2011، ومن أبسط الأمور أن يتم تحقيق الأمن والاستقرار من أجل مواصلة التنمية، حيث لا تنمية دون أمن واستقرار.

وعبر حسام الدين جابر عن أمله أن يسعى صناع القرار السياسي في الدوحة قبيل انتهاء المهلة لمناقشة المطالب الخليجية بعقلانية، وأن يتم الرد عليها بشكل رسمي ومنطقي، لأنها مطالب تهدف إلى ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي الدوحة خصوصاً.

وعبر الخبير الأمني والاستراتيجي، العقيد طيار ركن سعيد الذيابي، عن أمله أن تسمع قطر صوت العقل والحكمة وأن تدرس المطالب الخليجية، ولكن الواقع يقول غير ذلك عندما هربت الدوحة إلى الاصطفاف وتشكيل تحالفات إقليمية ودولية ستجلب لها وللمنطقة الكثير من المشاكل، موضحاً أن الدوحة فشلت في أخذ المؤشرات الأولية في الأزمة، وهو تصريح أمير قطر المنشور على وكالة الأنباء القطرية، وإن نفوه وادعوا أنه تم اختراق الوكالة، فإن السياسة القطرية لا تختلف عما نشر.

فشل قطري

أما الفشل القطري الثاني فهو عدم تقدير الدوحة لحجم المشكلة، بداية بالادعاء أنهم لا يعرفون المطالب الخليجية، وعندما وصلتهم أخذوا يجادلون بها إعلامياً، ولكن الحقيقية أن الدوحة تعرف أكثر من غيرها ما هو المطلوب منها، ونأمل أن تسود الحكمة لأن دول الخليج العربية أقرب إلى قطر من أي حليف سواء كان إقليمياً أو دولياً.

وأضاف العقيد الذيابي أن الإجراءات القطرية بمغازلة تركيا وإيران وبعض الدول الأوروبية والتصعيد الإعلامي، لن يفيد في حل الأزمة القائمة، داعياً الدوحة إلى إعطاء حلول سريعة، لأن الأزمة ستكون مساهماً أساسياً في إنقاذ قطر والمواطن القطري، موضحاً أنه لولا الإجراءات الحالية التي تم اتخاذها فسيكون من الصعب مستقبلاً السيطرة على التغييرات.

مصر

استمرار العقوبات وتشديدها ضروري

وفي القاهرة قلل وزير خارجية مصر الأسبق عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري النائب البرلماني محمد العرابي، من احتمالية استجابة قطر للمطالب الخليجية المصرية، في الوقت الذي شدد فيه على ضرورة مواصلة المقاطعة، مؤكداً أن هناك العديد من الخطوات المُهمة التي يمكن اتخاذها ضد قطر من بينها استصدار قرارات من مجلس الأمن وكذا النظر في عضوية قطر في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وجامعة الدول العربية.

وقال العرابي لـ «البيان» إنه لا يرى أي مؤشرات تفيد بأن قطر ستستجيب للمطالب الخليجية المصرية أو أن تتخذ موقفاً مغايراً لموقفها وسياساتها الراهنة التي تبدي إصراراً عليها، مؤكداً في السياق ذاته أن الدوحة من المرجح أن تواصل تلك السياسة خلال الفترة المقبلة، وأنه لا توجد أي بوادر انفراجة حقيقية للأزمة. ذلك في الوقت الذي أوشكت فيه المهلة التي حددتها الدول الأربع لقطر على الانتهاء.

وتابع: «أرى أنه على الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) ضرورة التمسك بمطالبها ومواقفها من قطر، لأن أي تراجع في ذلك سيكون مضراً بشكل كبير جداً، وأعتقد أنه لا بد أن تكون هناك إجراءات جديدة متخذة في سياق مواجهة قطر».

إجراءات ضرورية

وحدد وزير خارجية مصر الأسبق- في معرض تصريحاته لـ «البيان» - أبرز تلك الإجراءات في ضرورة استصدار قرارات من مجلس الأمن الدولي ضد قطر. إضافة للنظر في تجميد عضويتها في «مجلس التعاون»، وكذلك النظر في عضويتها في جامعة الدول العربية، على أساس أن سياسات قطر لا تتسق مع الأمن القومي العربي، وأنها مضرة للأمن القومي العربي ولا يصح أن تكون عضواً في مجموعة عربية.

وشدد النائب البرلماني عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب المصري على أن الدول الأربع لديها من الأسانيد والمعلومات والوثائق ما يمكنها من ملاحقة قطر في الأمم المتحدة وهيئاتها المختلفة، موضحاً أن هناك معلومات لدى الدول الأربع، فالدول عندما تبني موقفاً تكون مستندة لوثائق ووقائع من السهل إثباتها.

الأردن

قطر ستجني خسائر عديدة

وفي العاصمة الأردنية عمان لم يكن الموقف مختلفاً عن بقية العواصم العربية، إذ أكد محللون سياسيون أن قطر ستجني الخسائر العديدة في حال لم توافق على هذه الطالب، وتعاملت معها من منطلق علاقتها القائمة مع دول الخليج والخوف على استقرار وأمن هذه الدول، وأنها ستواجه عقوبات مختلفة في حال انتهاء المهلة وعدم التزامها من أبرزها تهديد عضويتها في مجلس الخليج والعزل السياسي إلى تهديد اقتصادها.

آثار المقاطعة

الوزير السابق د. عبد الله عويدات يبين أن المهلة للموافقة على تنفيذ المطالب قاربت على الانتهاء وهذا سيزيد من الضغط على قطر، وستشهد المرحلة المقبلة وساطات دبلوماسية من دول لها ثقل سياسي من أهمها الكويت والولايات المتحدة ومن الممكن روسيا وفرنسا، حتى تعود العلاقات إلى طبيعتها.

ومن الطبيعي أن قطر ستتجاوب مع جزء من المطالب، فالمقاطعة تركت آثاراً عليها وخاصة على الصعيد الاقتصادي، ولا يمكن لقطر أن تعزل نفسها عن محيطها، فهي جزء أساسي من المنظومة الخليجية.

أما الخبير الاستراتيجي د. أيمن أبو رمان فقد استبعد التزام قطر بالمطالب، ورأى أن هذا سيؤدي إلى فرض المزيد من العقوبات عليها وخاصة أنها قامت بتسريب هذه المطالب ولم تتعامل معها بعقلانية واحترام، إلا أنها مع الوقت ستتخلى عن موقفها، لأن هذه المقاطعة عملت على تهديد مواردها، وسيؤثر على كيانها الداخلي ويهدد قوتها.

تصلب مواقف

ويقول المفكر والباحث السياسي علي نجم الدين يجد أن قطر من المتوقع أن تطلب المزيد من الوقت حتى تستطيع التخلص وإنهاء علاقاتها واحتضانها للجماعات المتطرفة والإرهابية، فهذا الأمر لا يمكن إنهاؤه سريعاً أيضاً وطلبها مهلة إضافية يعني إقرارها واعترافها بأنها تحتضن الإرهاب، ولكنها ستنظر وتقدر في كونه لا يوجد بديل عن الدول الخليجية. وتصلبها في موقفها سيهدد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي إضافة إلى عقوبات أخرى قد تفرض عليها.

ويضيف نجم الدين أن المطالب جميعها تصب في رفض الدول المقاطعة للإرهاب ودعم الجماعات المصنفة عالمياً في كونها إرهابية، فقطر تدعم وتمول وتحتضن كل ماهو مصنف إرهابياً. وقد شهدنا تدخلها ودعمها للجماعات التي زادت من الفوضى في كل من ليبيا ومصر وسوريا وغيرها من الدول. هذه المقاطعة لم تأت صدفة، بل هي مقرونة بالشواهد والأدلة.

فلسطين

على الدوحة استيعاب الدرس

أبدى محللون فلسطينيون أملهم في عودة قطر إلى رشدها قبل انتهاء المهلة وأن تعمل على تفكيك أزمتها رويداً رويداً، وتستوعب الدرس.

ورأى الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله أن قرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، وعدد من الدول العربية بما فيها مصر، بالمقاطعة ستكون نتائجه صعبه جداً على قطر التي تصرفت وعملت على مدار سنوات ماضية كي تصنع لنفسها مكانة مؤثرة وتنتقل من دولة هامش إلى دولة مركز.

وقال عطا الله إن قطر كرست سياساتها ودفعت الكثير من الأموال في كثير من الساحات والعواصم العربية من أجل أن تلعب دوراً ليس دورها، ولا تمتلك المقومات للقيام به، فلا الجغرافيا ولا عدد سكانها يساعدها على نجاح مساعيها وسياساتها.

ويعتقد عطا الله أن قطر ستدفع ثمناً كبيراً لكل ما مارسته على مدار السنوات العشرين الماضية، ورستكتشف أن الغطاء الأمريكي الذي كان تحتمي به في السابق قد انتهى وارتفع.

واتفق الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل مع عطا الله في أنه ليس أمام قطر والعائلة الحاكمة هناك أي خيار سوى التراجع والعودة عن سياساتها القديمة، وإدراك أن هناك تغيرات قد حدثت، والظروف اختلفت.

مشكلات في السلوك

في حين يرى المحلل السياسي د عبد المجيد سويلم، أنه كان من المأمول أن تستوعب قطر أن الموضوع في غاية الخطورة وليس صغيرة المسألة أو مبالغات أو تسييس للمطالب، فهناك قضايا تثبت أن هناك مشكلات في السلوك القطري، ويتعلق بعلاقاتها شبه موثقة ومؤكدة مع منظمات تعبث في المنطقة.

ويبدو أن بعض الدعم التركي والانزلاق الإيراني باتجاه قطر كونها داعماً لها قد أغرى القطريين بالعناد والمراهنة على حلول مجتزأة للمطالب، لكن قطر مخطئة، وسيكون التصعيد من الدول المقاطعة كبير للغاية خلال الأيام المقبلة، لأن قطر لا تريد التراجع، وهذا سيشكل خطر لانزلاق المنطقة لهاويات جديدة لسنا بحاجة لها كوننا عرباً، وأغلب الظن أن هناك انفصالاً تاماً عن الواقع لعدم إدراك خطورة الوضع«حسب قوله».

وأردف:«التصعيد الخليجي سيفضي إلى فصل وطرد قطر من مجلس التعاون الخليجي، وستترتب على هذه الخطوة عزلة كاملة على قطر، نظراً لطبيعة التعاون مع مجلس التعاون الخليجي، وهناك مؤسسات خليجية مشتركة قد تتأثر بشكل كبير، لأن قطر هي دولة صغيرة».

Email