الأدلة تهزم مكابرة قطر وادّعاءها البراءة

الدوحة.. تاريخ طويل في دعم وتمويل الإرهاب

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

48 ساعة تفصل قطر عن ساعة الحقيقة التي يتوجب عليها فيها الاختيار بين العودة الى الحق والإقرار بالاتهامات الموجهة إليها والجلوس عليها لتنفيذها، وتكسب ذاتها قبل جيرانها، غير إن الدوحة المختطفة من قبل جماعة «الإخوان» الإرهابية لا زالت تراوغ وتناور مضللة ومغمضة العينين تذهب ناحية حتفها، محاولة تكذيب كل الشواهد والأدلة التي أشهرتها دول المقاطعة في وجهها بدعمها للإرهاب مادياً وإعلامياً وإيواء عناصره، ودعتها بحق الأخوة والجيرة التوقف لما لذلك من مخاطر جمة على المنطقة بل والعالم.

حاولت قطر التملص من هذه المطالب بالادعاء بأنها بريئة من هذه التهم، لكن يدحض الادعاء القطري العديد من الأدلة التي تؤكد تورطها في دعم الإرهاب، سواء دعم التنظيمات الإرهابية العالمية كتنظيم القاعدة والتنظيمات المتفرعة عنه كجبهة النصرة في سوريا، وتنظيم داعش، أو دعم الدولة الراعية للإرهاب في المنطقة وهي إيران.

وكذلك دعم التنظيمات الإرهابية التابعة لها ومنها تنظيمات حزب الله اللبناني والحوثيون وسرايا الأشتر وحركة أحرار البحرين وغيرها، وكذلك دعم تنظيم الإخوان وغيره من التنظيمات التي تعمل في المنطقة برعاية من حكومة الدوحة.

قطر وإيران.. ودعم الإرهاب

كشفت وزارة الخزانة الأميركية في تقرير لها نشر على موقعها ونشره عرب نيوز عن وجود صلات وثيقة تجمع بين كبار المسؤولين القطريين وكبار مسؤولي تنظيم القاعدة في طهران.

وأبرز دليل على ذلك أن المواطن القطري سالم حسن خليفة الكواري، الذي يعد كبير ممولي تنظيم القاعدة في إيران، لا يزال يعيش في الدوحة ويلقى الدعم من النظام هناك. كما كشف تقرير للمخابرات الأميركية أن المذكور سهل سفر المجندين المتطرفين إلى تنظيم القاعدة في طهران، وكان حلقة وصل بين قادة تنظيم القاعدة.

ونقلت تقارير صحفية سعودية مقابلة مع صالح القرعاوي المعتقل السابق في غوانتانامو وأحد أخطر عناصر تنظيم القاعدة ومؤسس كتائب عبد الله عزام، اعترف فيها بتورط قطر في «توفير دعم مالي لأنشطة تنظيم القاعدة الإرهابية». وأكد أنه «تلقى إبان وجوده في إيران لمدة طويلة للعمل لصالح تنظيم القاعدة الإرهابي، دعما ماليا ولمرات عدة من شخصيات قطرية لصالح التنظيم وعناصره».

وقد بدأ التعاون بين قطر وإيران بشكل وثيق خلال الفترة الماضية، حيث اعتبرتها الدوحة دولة حليفة وصديقة لها، وتوثقت العلاقات بين البلدين منذ الزيارة التي قام بها الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد إلى الدوحة في عام 2010، ولكن نشأ تعاون قوي بين البلدين بشكل سري قبل ذلك وبعده أظهرته الاتصالات المكثفة بينهما والتنسيق حول دعم التنظيمات الإرهابية، كذلك التعاون القطري مع الميليشيات العراقية الحليفة لطهران مثل كتائب النجباء وعصائب أهل الحق في تحرير الرهائن القطريين في العراق ودفع الدوحة لأكثر من مليار دولار كفدية لتلك الميليشيات.

والواضح أن إيران حليفة «الإخوان» وجدت في قطر مبتغاها، فهي تدرك أن لها نفوذاً بين المجموعات المسلحة المنتشرة في المنطقة، الأمر الذي دفع طهران التي تقود هي الأخرى ميليشيات طائفية مسلحة في مناطق الصراع إلى المزيد من التنسيق بين البلدين للحيلولة دون اصطدام غير متوقع يضر مصلحتيهما.

فعلى سبيل المثال عندما سيطرت جبهة النصرة على منطقة عرسال اللبنانية 2013، وأسرت عدداً من أعضاء حزب الله، قامت قطر بالتوسط لإطلاق سراحهم.

وحاولت قطر دائماً الاستفادة من الخلافات بين طهران وأغلبية الدول الأعضاء في مجلس التعاون خدمة لمصالحها الضيقة، وهذا يفسر إصرار الدوحة على «اعتبار إيران جزءاً من الحل الأمني في المنطقة» ورفضها اعتبار طهران جزءاً من المشكلة. ولذلك لا عجب من وقوف قطر إلى جانب طهران عندما صوتت ضد قرار مجلس الأمن رقم 1696 حول الملف النووي الإيراني عام 2006 والذي دعا طهران إلى إبداء المزيد من الشفافية، بينما كانت دول الخليج تعيش حالة من القلق تجاه الأنشطة النووية وتدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ مواقف صارمة منها.

دعم تنظيم القاعدة وفروعه

بدأت علاقة قطر بالتنظيم قبل عشرين عاماً أي قبل أحداث 11 سبتمبر، إذ نشرت دلائل تؤكد أن الدوحة تعمل على تسهيل العمليات التي يخطط لها التنظيم، ومن ذلك: إيواء الدوحة للعقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في الولايات المتحدة الأميركية «خالد شيخ محمد»، وحين علمت الأجهزة الأميركية مكانه في قطر أبلغته السلطات هناك فاختفى.

ومن ناحية أخرى كتب روهان جوناراتنا، مؤلف كتاب Inside Al Qaeda «القاعدة من الداخل» وأستاذ في جامعة سانت أندروز بإسكتلندا، عن مساعي أفراد من الأسرة الحاكمة بقطر لتوفير ملاذات آمنة لقيادات القاعدة، على رأسهم كان أسامة بن لادن، وكتب يقول: «فقد تم تحذير خالد شيخ من قِبل عبدالله بن خالد آل ثاني، أحد أفراد العائلة الحاكمة في قطر، وكان يشغل منصب وزير الداخلية ومعروف عنه أفكاره الأصولية وعلى صلة بالتنظيم».

وإلى جانب الدعم المادي الذي يتولاه رجال أعمال قطريون مثل «سالم حسن خليفة راشد الكواري»، الذي يوصف بـ«ممول القاعدة» ووضعته السلطات الأميركية على لائحة المتهمين بتمويل الإرهاب عام 2011، أو عبر جمعيات خيرية، يأتي الدعم غير المباشر ويتمثل في الدفع للتنظيم بشكل علني مبالغ مالية بحجة «الفدية» لتحرير الرهائن، أو الدعم الإعلامي الذي توفره فضائية «الجزيرة» التي دأبت على نشر بيانات «القاعدة» والانفراد بلقاءات مع قياداتها، بداية من اختيار التنظيم للقناة لتنفيذ أول تحقيق مصور من داخلها عن أحداث 11 سبتمبر.

وحتى حوارها مع أبي محمد الجولاني، زعيم جبهة النصرة، جناح القاعدة في سوريا، في سبتمبر 2016، فضلا عن استضافتها لبعض رموز هذه التنظيمات، مثل عبد الله المحيسني، مشرّع جبهة النصرة، الذي تمت استضافته في نوفمبر 2016.

يشار إلى أنه في أكتوبر 2014، نشرت وزارة الخزانة الأميركية، وثائق قالت إن «سالم حسن خليفة راشد الكواري» متورط في تقديم دعم مالي ولوجستي لتنظيم القاعدة، بالتعاون مع قطري آخر اسمه «عبدالله غانم الخوار»، في شبكة تمويل، وأن الأخير عمل على تسهيل انتقال عناصر إرهابية بل وساهم في الإفراج عن عناصر من القاعدة عبر إيران.

وقام كلاهما بتسهيل السفر للمتطرفين الراغبين في السفر إلى أفغانستان للقتال هناك، ومن الأسماء الأخرى التي ذكرها التقرير، ومسجلة على اللائحة السوداء في الولايات المتحدة ومجلس الأمم، «عبد الرحمن بن عمير النعيمي»، المتهم بتحويل 1.25 مليون جنيه استرليني شهرياً إلى مسلحي القاعدة في العراق، و375 ألف جنيه لقاعدة سوريا.

ويعد خليفة محمد تركي السبيعي، الذي يقيم في الدوحة، أحد أهم ممولي التنظيم في الشرق الأوسط، حيث قدم ملايين الدولارات إلى مجموعة خراسان التابعة لتنظيم القاعدة في سوريا خلال السنوات الماضية، ودافعت قطر عن عبد العزيز بن خليفة العطية، أحد مساعدي السبيعي أثناء القبض عليه في لبنان.

وكانت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، قالت في تحليل حديث لها، إن علاقة قطر بتنظيم القاعدة الإرهابي توطدت إلى درجة لم يعد فيها الفصل ممكناً، ذلك أن التنظيم المتشدد حظي برعاية استثنائية في الدوحة، طيلة أعوام. وأشارت إلى أن تنظيم القاعدة في سوريا، تمتع بدعم كبير من جانب قطر، وجرى النظر إليه بمثابة جماعة معارضة «خفيفة التطرف»، تقاتل نظام الرئيس السوري، بشار الأسد.

ويحصل تنظيم القاعدة في سوريا، على الدعم، من خلال تبرعات لأفراد قطريين، كما ينال الإرهابيون أموالاً أخرى عبر جمعيات قطرية تدعي القيام بالعمل الخيري، لكنها تتخذه مجرد وسيلة لتمويل المتشددين.

ومن الشخصيات القطرية التي نشطت بشكل بارز في جمع الأموال لتنظيم القاعدة، «سعد بن سعد محمد الكعبي»، الذي حرص على تقديم دعم سخي لفرع تنظيم القاعدة في سوريا، من خلال المنصات الرقمية.

ودفع هذا الدعم السخي، وزارة الخزانة الأميركية، في مارس 2014، إلى انتقاد التساهل القضائي في قطر مع تمويل الإرهاب، على اعتبار أن تمويل الدوحة لم يقتصر على حركة حماس فقط، وإنما تعداه إلى عدد من الجماعات الإرهابية الأخرى.

وفي اليمن كشفت تقارير صحفية عن تورط جمعية قطر الخيرية بدعم وتمويل الجماعات الإرهابية في اليمن بأكثر من نصف مليار دولار خلال العام الماضي تحت يافطة مشاريع وأنشطة خيرية، فيما هي تقوم بأنشطة استخباراتية تركزت في تمويل عناصر تنظيم القاعدة في اليمن بالأموال ومعالجة ونقل الجرحى من عناصر القاعدة إلى قطر لتلقي العلاج، إضافة إلى تسليم كميات كبيرة من المواد الغذائية للقاعدة لبيعها في السوق السوداء وتسخير قيمتها في تمويل الأنشطة الإرهابية بعدد من المحافظات اليمنية.

تنظيم داعش

على الجانب الآخر، وفي تصريح مثير للجدل قال وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في فبراير الماضي بأنه لا يمكن وصف «داعش» بأنها مصدر للإرهاب في العالم.

وكان مؤسس موقع «ويكيليكس» جوليان أسانج قد كشف في نوفمبر الماضي في مقابلة له مع قناة روسيا اليوم عن أن رسائل هيلاري كلينتون كشفت تمويل قطر ودول أخرى لتنظيم داعش الإرهابي، كما أن كلينتون اعترفت بذلك رسميا في إحدى رسائلها المسربة من بريدها بأن قطر تدعم داعش. وكشف أيضاً تقرير لموقع دويتشه فله الألماني عن أن قطر أكبر حاضنة لتنظيم داعش إلكترونياً من خلال موقع تويتر.

ومن بين الدلائل الموثقة ما كشفت عنه وزارة الخزانة الأميركية، من قيام «طارق الحرازي» أحد أهم قادة تنظيم داعش الإرهابي، والمسؤول عن تجنيد المقاتلين الأجانب للتنظيم وتسهيل سفرهم، بترتيب حصول التنظيم على ما يقرب من 2 مليون دولار عبر ممول قطري في عام 2013، كما لعب «الحرازي» دوراً هاماً في جمع الأموال في قطر لصالح التنظيم، دون أن تتدخل قطر لمنع هذا الأمر.

التنظيم الدولي لـ«الإخوان»

من أوضح الدلائل على دعم قطر للتنظيمات الإرهابية دعمها العلني والصريح لتنظيم «الإخوان» وإيواء عناصره المطلوبة، والتي تورطت في أعمال إرهابية خطيرة بحق الشقيقة الكبرى مصر وعدد من الدول العربية.

ولعل علاقة قطر بهذا التنظيم بها شيء من المفارقة، ففي الوقت الذي احتضنت قطر هذا التنظيم منذ ثلاثة عقود ظناً منها أنها ستأمن شره وتستخدمه ضد أعدائها عند الضرورة إلا أن المراقب للأوضاع الآن يجد أن هذا التنظيم الأخطبوطي التف وغرز أظافره في الجسد القطري حتى باتت الدوحة مختطفة من قبله تماماً فبات التنظيم الذي صنفته العديد من الدول جماعة إرهابية.

خاصة بعد انكشاف دوره المخرب الذي يقوم به على مساحة كامل الوطن العربي، معظم قادة هذا التنظيم موجودون على أرضها وتقدم لهم كافة التسهيلات ليمارسوا نشاطاتهم المشبوهة إن كان في العلاقة مع إيران أو علاقاتهم مع الجماعات الإرهابية المسلحة التابعة لهم، وقطر سمحت لهؤلاء ببث سمومهم عبر المنابر الإعلامية خاصة قناة الجزيرة التي لا تزال تلعب الدور المخرب في المنطقة العربية خدمة لإيران وإسرائيل.

وبعد انقلاب أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني على والده عام 1995 استغل وجود الإخوان لتثبيت دعائم حكمه، وأصبح الإخوان المسلمين موظفين رسميين لدى المخابرات القطرية، فالإمارة الصغيرة لا تملك أدوات صنع الصراع الرئيسية، وهي القوة البشرية والجغرافيا مساحة وموقعاً، ولا تستطيع - كما غيرها من الدول العربية - إنتاج تكنولوجيا، لذا اعتمدت على الإخوان كأداة من أدوات «القوة الناعمة».

وقد مولت قطر الإخوان عن طريق «عبدالرحمن النعيمي»، الذي أنشأ منظمة الكرامة لحقوق الإنسان، ومقرها الرئيسي في جنيف بسويسرا، ولها فرع بالدوحة، وجميع أعضائها من المنتمين لجماعة الإخوان، ويمثلون الأغلبية في التنظيم الدولي للإخوان، وهم من المطلوبين أمنياً لدى كثير من أجهزة الأمن العربية، ومنهم «رشيد مسلى» و«عباس العروة» و«خالد العجيمى» و«عبداللطيف عربيات»، أما «النعيمي» فهو أيضا موضوع على قوائم الإرهاب كممول رئيسي للجماعات الإرهابية في العراق وجبهة النصرة في سوريا وجماعة الشباب في الصومال وغيرها.

عملية الفأس

وتكشف العملية الاستباقية «الفأس» التي نفذتها الأجهزة الأمنية البحرينية، وأعلنت عنها مساء الأول من أمس عن العديد من الدلالات المهمة، أولاً: أن عناصر الخلية الإرهابية المضبوطة ترتبط تنظيمياً ببعضها البعض، ولها أجنداتها المعروفة، وامتداداتها وأذرعها التمويلية والتحريضية المنتشرة في بعض دول الجوار.

وتتبع ما يسمى تنظيم «سرايا الأشتر» الإرهابي، الذي يتبع بدوره الحرس الثوري الإيراني، ويتلقى دعماً لوجيستياً وتمويلاً مباشراً منه حسبما أكدت التحقيقات الجنائية السابقة، وأنها تورطت في ثلاثة من الاعتداءات الإرهابية التي وقعت خلال الفترة من فبراير وحتى أبريل من عام 2017 الجاري، واستهدفت رجال الأمن وحالة الاستقرار التي تنعم بها المملكة ومواطنيها والمقيمين فوق أرضها الطيبة.

ثانياً: إن بعضاً من المقبوض عليهم أيضاً ممن شاركوا تنفيذا وتخطيطا في بعض الاعتداءات الإرهابية لهم صلاتهم الخارجية الموثقة، ليس فقط مع إيران وميليشياتها وتنظيماتها الحكومية منها وشبه الحكومية، وإنما مع أطراف أخرى، وهو ما يفتح الباب للعديد من التساؤلات حول وجود دول أخرى في منظومة دعم وتمويل التنظيمات الإرهابية، لا سيما التي تستهدف البحرين، حيث تكرر سفر بعض المقبوض عليهم لكل من سوريا والعراق، وخضع بعضهم لتدريبات مكثفة على كيفية استخدام الأسلحة النارية والمواد المتفجرة، وذلك ضمن كتائب وميليشيات إرهابية وطائفية تنتشر هنا وهناك، وتمول من جانب دول تضمر الشر لمملكة البحرين والمنطقة والعالم بأسره.

ثالثاً: إن المضبوطات التي تم تحريزها، إضافة إلى حجمها المهول، وتنوعها بين مواد خام وصواعق ودوائر إلكترونية ورسوم توضيحية وطلقات وأسلحة وغير ذلك، فإنها من النوعية شديدة الانفجار، حيث توازي قوتها التدميرية ما يزيد على 52 كيلوغراماً من مادة تي ان تي.

ويتجاوز مدى شظاياها القاتل محيطاً نصف قطره 600 متر في حال لا قدر الله انفجارها في وسط منطقة مأهولة بالسكان، وتتشابه هذه المضبوطات إلى حد كبير مع المضبوطات التي تم الكشف عنها في جرائم إرهابية سابقة، ولا يمكن توفيرها إلا من خلال دول أو أجهزة تابعة لدول، ما يعني ضرورة اتخاذ الاحترازات الكافية لأي أنشطة مشبوهة، وتستدعي من كل أفراد المجتمع الانتباه والتحوط لها.

Email