جاءها صوته عبر الهاتف خافتاً متقطعاً، لا يقوى على الكلام، فُزعت هي عقب أن وصلتها أنباء تعرض الكنيسة المرقسية بالإسكندرية (شمال مصر) إلى عملية تفجيرية تلت العملية التي تعرضت لها كنيسة مارجرجس في طنطا بساعات قليلة، كان فزعها مضاعفاً، ذلك الفزع على بلدٍ يتعرض لهجمات شرسة راغبة في إسقاطه وإفشاله، وفزع على زوج يقوم بواجبه الوطني كان توجه منذ الفجر لتأمين الكنيسة في «أحد السعف».
اتصلت الزوجة به - فور وصولها نبأ التفجير- ردّ مجندٌ على الهاتف، أخبرها بأن زوجها تعرض للإصابة. طلبت أن تتحدث إليه، فجاءها صوته خافتاً ليخبرها بصعوبة أن إصابته في اليد والقدم، قبل أن تنشر مواقع إلكترونية نبأ استشهاده، وهو الخبر الذي تبين أنه غير دقيق بعدها مباشرة ونفته مديرية الأمن.
أصيب شريف الحسيني أثناء تأدية واجبه المهني والوطني أمام الكنيسة المرقسية، يوم «أحد السعف» الموافق التاسع من أبريل الماضي، لينقل بعدها إلى مستشفى الشرطة، ويتلقى العلاج هناك. وأجريت له عمليات جراحية لعلاج ما تعرض له من كسور متفرقة في الأطراف نتيجة التفجير.
أصدقاء شريف الحسيني وذووه طالبوا بعدها بسفره للخارج لاستكمال علاجه. وقالت إيمان وهمان (أحد أصدقاء ومحبي العميد شريف الحسيني): «نريد سفر شريف الحسيني مصاب الكنيسة المرقسية في الإسكندرية يوم «أحد السعف»، لتلقي العلاج في الخارج. نريد إيصال صوتنا لرئيس الجمهورية.. أرسلنا التماساً للرئاسة ولرئاسة مجلس الوزراء بهذا الغرض».
نداء استغاثة
وكتب نجله عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» نداء استغاثة لرئيس الجمهورية يطلب فيه سفر والده للخارج لتلقي العلاج، بعد أن صارت حالته «تزداد سوءاً» مؤكداً إيمانه الكامل بأن مصر لن تتأخر في علاج ابنها الذي حارب الإرهاب لأجلها.
شريف الحسيني هو نموذج بطولي لرجال الشرطة المصرية الذين يقدمون التضحيات في سبيل استقرار الوطن، ويعرضون حياتهم للخطر في مواجهة إرهاب غاشم يسعى لإسقاط الدولة المصرية.
بحسب الإحصائيات الرسمية التي أعلنت عنها وزارة الداخلية المصرية فإن هنالك 725 شهيداً سقطوا وأصيب 18140 آخرون بصفوف الشرطة منذ ثورة 25 من يناير 2011 وحتى مطلع العام الماضي، وهو العدد الذي زاد على وقع مقتل وإصابة رجال العديد من رجال الشرطة خلال العام الماضي والشهور الأربعة الأخيرة من العام الجاري.
وكتب الحسيني عبر صفحته على موقع «فيسبوك» مطمئناً محبيه وذويه على حالته الصحية قائلاً «أتلقى العلاج السليم المناسب لحالتي بمستشفى الشرطة على يد استشاريين وأطباء المستشفى، أتلقاه بكل الرضا والحمد على ما أنا فيه».
وسارعت وزارة الداخلية المصرية بالتأكيد على كونها لا تدخر جهداً في تقديم كافة أنواع الرعاية الصحية المطلوبة لشريف الحسيني. وأمر وزير الداخلية مجدي عبدالغفار بالتواصل مع مراكز صحية عالمية وعرض حالة الحسيني عليها للحصول على المشورة الطبية بشأن حالته. حتى أمر الوزير -مطلع الأسبوع- بسفره إلى الخارج لاستكمال العلاج.
جروح وكسور
والحالة الصحية للحسيني تحتاج إلى عملية «استكشاف لأوتار العضلات القابضة لأصابع اليد اليسري» وكذا «استكشاف للعصب المسؤول عن رفع القدم اليسرى». ذلك في الوقت الذي يعاني فيه من جروح وكسور تحت الالتئام حالياً.
الجدير بالذكر أن 45 شخصاً لقوا حتفهم وأصيب 128 آخرون في تفجيرين استهدفا كنيستين بمدينة طنطا والإسكندرية، الشهر الماضي خلال احتفالات المسيحيين بـ «أحد السعف»، وتبناهما تنظيم «داعش» الإرهابي.
