استبعاد حل الدولتين.. وإسرائيل تستعد لإطلاق عنان الاستيطان

فوز ترامب يضع القضية الفلسطينية على الرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

قضى فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية على أي فرصة لحل القضية الفلسطينية ما يعني تجميدها إلى ما بعد رحيله بعد أربع أو ثماني سنوات، إذ يؤمن الرئيس الأميركي المنتخب بأن حل القضية الفلسطينية ليس أولوية، مع قناعته بعدم «فرض» حل الدولتين، وإعلانه مراراً أنه سيكون حيادياً بشأن الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة الأمر الذي سيطلق العنان لإسرائيل في ابتلاع ما تبقى من الأراضي الفلسطينية.

ووعده خلال حملته الانتخابية بنقل السفارة الأميركية إلى القدس المحتلة، فضلاً عن تصريحاته المناصرة لإسرائيل وأشهرها أن إدارته ستكون «الأكثر تأييداً لإسرائيل في كل العصور». لكن الغموض يلف موقفه من المساعدات العسكرية لإسرائيل إثر وعده بأنه سيعيد النظر في المساعدات الأميركية للخارج.

إطلاق عنان الاستيطان

وتقف إسرائيل على حافة موجة بناء مستوطنات جديدة في الشطر الشرقي من القدس المحتلة، مع سبعة آلاف وحدة استيطانية تنتظر الموافقة عليها من بلدية الاحتلال في المدينة، بعد تجميد استمر عامين بضغط من إدارة الرئيس باراك أوباما.

ويؤكد على ذلك رئيس وحدة التخطيط في البلدية، مئير ترجمان، بالقول «الآن» أي بعد فوز ترامب، «آمل أن توضع القدس كأولوية، وآمل أن نتجه لبداية جديدة». وترجمة لذلك أعلنت إسرائيل أنها بصدد بناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في القدس، كمرحلة أولى بعد التجميد الذي استمر عامين.

إسقاط حل الدولتين

وكنتيجة لفوز ترامب المُفاجئ برئاسة الولايات المتحدة، أسقطت أقوى مُنظمة موالية لإسرائيل في أميركا، حل الدولتين من نقاط الحوار في «عملية السلام» الخاصة بها من على صفحة موقعها الإلكتروني.

وكانت الصفحة تشير إلى أن لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (إيباك) «تدعم بقوة حل الدولتين وتعمل بلا كلل من أجل إحلال السلام في المنطقة». وتنفي «إيباك» أن التغيير بالموقع يشير إلى تحوّل في السياسة، ولكن بعض مُناصري فلسطين قرعوا ناقوس الخطر، خاصة وأن هذا يأتي في أعقاب فوز ترامب، بحسب تقرير لموقع «ستيب فييد».

ويقول بعض المحللين إن التعديل على موقع «إيباك» يعكس التحرك من أجل «اغتنام الفرصة» للاستفادة من موجة مد ترامب، مشيرين إلى أن «إيباك» تكشف عن أجندة إسرائيل الحقيقية وهي ضم الضفة الغربية المحتلة لإسرائيل.

كذلك أسقطت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، في يوليو الماضي، كل إشارة إلى حل الدولتين في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وغرد المرشح الجمهوري للرئاسة، حينها، دونالد ترامب أن اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري الجديدة هي «الأكثر تأييداً لإسرائيل في كل العصور».

ويقول مستشار ترامب لشؤون الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، إن الرئيس الأميركي المنتخب لا يريد «فرض» حل الدولتين خلال المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، مضيفاً أن ترامب لن يتخذ موقفاً بشأن المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية. وأكد غرينبلات لإذاعة جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن «ترامب لا يرى المستوطنات كعقبة أمام السلام».

وتمثل هذه الخطوة، نقطة تحول فاصلة بعد عقود من السياسة الخارجية للولايات المتحدة، مؤيدة من قِبل الحزبين الرئيسيين، والتي تدعم حل الدولتين وتدعو إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

فرصة يجب استغلالها

ويرى أعضاء في مجلس الوزراء الإسرائيلي برئاسة بنيامين نتانياهو أن فوز ترامب هو «فرصة لإسرائيل للتراجع الفوري عن فكرة وجود دولة فلسطينية»، إذ قال وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت إن «هذا هو موقف الرئيس المنتخب، كما هو مكتوب في برنامجه، وينبغي أن تكون هذه هي سياستنا، ببساطة ووضوح».

تناقض ترامب

في المقابل، أكد دونالد ترامب في أكثر من مناسبة أنه كرئيس ربما يقلص حجم المساعدات الخارجية التي تعد إسرائيل أكبر متلقيها بأكثر من 3 مليارات دولار بين دعم عسكري ومادي، فضلاً عن الـ38 مليار دولار المنتظرة على مدى 10 سنوات على شكل مساعدات عسكرية.

كما يتهم الرئيس الأميركي المنتخب أيضاً بالفشل في محو الخطاب المعادي للسامية بين أنصاره، واتخاذ موقف معادٍ للمهاجرين، ما يثير حفيظة الكثير من اليهود. وعين ترامب، المعادي للسامية ستيف بانون، صاحب موقع «بريتبارت» وأحد أبرز دعاة حركة «اليمين البديل» المؤمنة بتفوق العرق الأبيض، كبير المستشارين وكبير المخططين الاستراتيجيين في إدارته المقبلة.

وأثار تعيين بانون في هذا المركز الحساس شعوراً بالذهول لدى الإسرائيليين الذين ذكروا بالمقالات النارية التي كانت تنشر على موقع «بريتبارت» وتلامس معاداة السامية، أو تندد بالهجرة وبتعدد الثقافات.

كما انتقد بعض اليهود الأميركيين ترامب بسبب تعليقات أدلى بها، العام الماضي، أمام تجمع من المانحين اليهود. وقوبل بصيحات الاستهجان عقب رفضه إعلان تأييده للقدس عاصمة موحدة لإسرائيل.

وعود نقل السفارة

وبعد أن تعهد الرئيس الأميركي المنتخب بنقل سفارة بلاده من «تل أبيب» إلى القدس المحتلة، يشكك كثير من المراقبين في إمكانية تحقيق هذا الوعد، خاصة وأن 20 مرشحاً رئاسياً أميركياً منذ العام 1972 تعهدوا بذلك من دون أن تجد هذه الوعود طريقها إلى أرض الواقع، بعد تسلم العديد منهم مقاليد الحكم، ولأن ذلك سيلحق الدمار بمصالح الولايات المتحدة بالمنطقة وعلاقاتها مع الدول العربية والإسلامية.

حملة انتخابية

أطلق الحزب الجمهوري أولى حملاته الانتخابية في تاريخه من إسرائيل، محاولاً إقناع حاملي الجنسية المزدوجة الأميركية- الإسرائيلية بالتصويت لصالح ترامب. وقاد ناشطو الحزب الحملة في المدن ذات الكثافة العالية من الأميركيين، كالقدس ورعنانا ومستعمرة مودعين، ووزعوا ملصقات وأزراراً تحمل شعار «ترامب - لصالح إسرائيل» باللغتين العبرية والإنجليزية. ووفقاً لـ«أسوشيتد برس» فقد صوت نحو 100 ألف إسرائيلي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، منهم 85 في المئة صوتوا لصالح الحزب الجمهوري.

فشل مؤتمر باريس قد يأتي من واشنطن

القيادة الفلسطينية لا تزال تأمل في أن تمضي المبادرة الفرنسية بعقد مؤتمر دولي للسلام قدماً، طالما تمسّكت بها باريس. لكن هذه الأخيرة ألمحت إلى احتمال فشل المؤتمر المزمع عقده نهاية العام الجاري، للوصول إلى تسوية للقضية الفلسطينية، في ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي قد تنعكس سلباً على مجريات المؤتمر.

وصرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، بأن «الفرصة قد تضاءلت لعقد مؤتمر السلام الدولي في باريس الشهر المقبل على ضوء نتائج الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وأن الإدارة الحالية في واشنطن لن تشارك بالمؤتمر في ظل الظروف الراهنة». ورأي هولاند أن قيام الرئيس الأميركي المنتحب دونالد ترامب، بتنفيذ ما صرح به خلال حملته الانتخابية، سيؤدي إلى فشل الجهود الدولية لدفع العملية السلمية قدماً بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.

واعتبر مسؤولون فلسطينيون أن مصير انعقاد المؤتمر الدولي للسلام بباريس بات في حكم المجهول، عقب التشكك الفرنسي بإمكانية التئامه، في ظل الموقف الإسرائيلي المضاد، والامتناع الأميركي عن المشاركة في المؤتمر.

تراجع

وذكر موقع صحيفة «يديعوت احرونوت» الإسرائيلية نقلاً عن مصادر دبلوماسية غربية قولها، إن «فرنسا قررت التراجع عن عقد مؤتمر باريس للتسوية، الذي كان مقرراً عقده نهاية العام الجاري». ووفقاً للمصادر الغربية فإن «القرار الفرنسي جاء بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب للرئاسة الأميركية، وعدم جدية الإدارة الأميركية الحالية برئاسة باراك أوباما في إبرام تسوية بين السلطة وإسرائيل، وفي أعقاب قرار إسرائيل عدم المشاركة في المؤتمر».

وفي غضون ذلك، اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية تيسير خالد، المفاجأة غير سارة لأنصار المبادرة الفرنسية ومؤتمر باريس للسلام، مشيراً إلى أنه لم يراهن على هذه المبادرة أو مؤتمر باريس. وأشار إلى أن هولاند متشائم بشأن الجهود الدولية لدفع العملية السلمية قدماً.

لا سيما عند قيام الرئيس الأميركي المنتحب بتنفيذ ما صرح به خلال حملته الانتخابية. واعتبر خالد أن الرئيس الفرنسي تجاهل رفض الحكومة الإسرائيلية للمبادرة مقابل إلقاء اللائمة على إدارة أميركية راحلة، وإدارة أميركية جديدة، توقع أن تكون أكثر انحيازاً لسلطات الاحتلال.

رفض

ورفضت إسرائيل المبادرة الفرنسية بشكل رسمي قبل أسابيع من العد العكسي لعقد مؤتمر السلام، وطالبت باريس بالتوقف عن الترويج لها، على الرغم من تضمن المبادرة نقاطاً عدة لصالح إسرائيل، معتبرة المبادرة خروجاً عن مبدأ التزمت به إسرائيل طوال الوقت من أنها ترفض أي إشراف أو رعاية دولية من قبل أي دولة على المفاوضات.

ويرى المحلل السياسي هاني حبيب، أن من أهم أسباب الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية، يعود إلى رفض حل الدولتين من الناحية العملية، رغم تبجحها طوال الوقت بالتزامها بهذا الحل، إلا أن ما يجري من الناحية الواقعية من عملية استيطانية في الضفة الغربية بالتوازي مع عملية التهويد في القدس المحتلة، يجعل من قيام دولة فلسطين أمراً مستحيلاً.

تجاهل

وتثبت إسرائيل بهذا الرفض تجاهلها لأي محاولة دولية، للتدخل في تسوية الصراع بغض النظر عن مدى جديتها، وقدرتها على إحداث اختراق حقيقي، لأن المبدأ الذي تحتكم إليه المؤسسة الإسرائيلية يقوم على الأمر الواقع وموازين القوى على الأرض.

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس لفت في كلمته بالمهرجان المركزي لإحياء الذكرى الـ12 لوفاة الرئيس ياسر عرفات، إلى أهمية المبادرة الفرنسية لعقد المؤتمر وسط انسداد الأفق أمام عملية السلام، والتهرب الإسرائيلي من استحقاقاتها، وذلك لوضع سقف زمني لإنهاء الاحتلال، وإيجاد آلية عمل ومراقبة لتنفي ما تم الاتفاق عليه.

وطالبت وزارة الخارجية الفلسطينية، في بيان، المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فاعلة لوقف الهدم الإسرائيلي الممنهج لحل الدولتين، ووقف التصعيد الإسرائيلي ضد الوجود الفلسطيني الوطني والإنساني.

الاستيطان

أعربت وزارة الخارجية الفرنسية عن قلقها الشديد حول مشروع القانون الإسرائيلي، الذي يمهد الطريق أمام تشريع المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، داعية سلطات الاحتلال إلى احترام التزاماتها الدولية. وقال الناطق باسم الخارجية الفرنسية، رومان نادال، إن مشروع القانون هذا إذا اعتمد، سيشكل مساساً جديداً بحل الدولتين، وسيسهم في تصعيد التوتر على الأرض بشكل إضافي.

38,000,000,000

وقعت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما والحكومة الإسرائيلية، في سبتمبر الماضي، مذكرة تفاهم جديدة حول مساعدات عسكرية أميركية لإسرائيل.

وتبلغ قيمة المساعدات 38 مليار دولار، وتمتد على عشر سنوات. وتعد هذه المساعدات أكثر بثمانية مليارات عن المساعدات العسكرية التي كانت تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل خلال السنوات العشر الماضية.

وقالت الخارجية الأميركية إن الاتفاقية تغطي الفترة من 2019 إلى 2028، وتشكل «أكبر تعهد منفرد بتقديم مساعدات عسكرية ثنائية (مع بلد آخر) في التاريخ الأميركي».

وأتى الاتفاق بعد عشرة أشهر من المفاوضات. وانتقدت الجماعات المؤيدة للفلسطينيين الصفقة، قائلين إنها تكافئ إسرائيل على الرغم من تواصل بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة. ورأت جماعة الضغط المؤيدة لإسرائيل المعروفة بلجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك) أن الصفقة سترسل «رسالة ردع قوية إلى أعداء إسرائيل».

وأفاد مسؤولون أن الحزمة الجديدة ستخصص لأول مرة مبلغ 500 مليون دولار سنوياً لبرامج الدفاع الصاروخي الإسرائيلية، التي كانت تمول في السابق عبر الكونغرس الأميركي الذي ينظر في تجديدها سنوياً. واشنطن، الأراضي المحتلة - الوكالات

13 /9 / 1993

وقع اتفاق أوسلو في البيت الأبيض يوم 13 سبتمبر 1993، ونص على انسحاب القوات الإسرائيلية على مراحل من الضفة الغربية وقطاع غزة وإنشاء «سلطة حكم ذاتي فلسطينية مؤقتة» لمرحلة انتقالية تستغرق خمس سنوات على أن تُتوج بتسوية دائمة بناء على القرار رقم 242 والقرار رقم 338 وإقامة دولة فلسطينية.

ودخل الشعب الفلسطيني العملية السلمية بناء على الإدراك بأن العملية ستستمر على أساس القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ومبدأ الأرض مقابل السلام الذي بنيت عليه هذه القرارات والاتفاقيات العديدة التي تم توقيعها بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، وكان يفترض فيها أن تجسد هذه الصيغة.

ولكن إسرائيل تجنبت القانون الدولي وجعلت العملية بدلاً من ذلك مفاوضات طويلة جداً استمرت على مدة الـ22 عاماً الماضية وجيرت العملية لصالحها. وخلال هذه الفترة أنشأت إسرائيل مستوطنات جديدة في الضفة الغربية وأحكمت سيطرتها على الشطر الشرقي من القدس. وكانت النتائج، تضاعف عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة بعد اتفاق أوسلو، فيما تواصلت عمليات مصادرة الأراضي بلا هوادة، وتم عملياً تجميع الفلسطينيين للعيش في كنتونات محاطة ومسيطر عليها من قبل إسرائيل.

Email