سلطان الجابر: رؤية استراتيجية تخدم الاقتصاد العالمي

التوسعات ترفع عائدات القناة من 6 ملـيارات دولار إلى 14 سنوياً

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ترفع التوسعات الجديدة عائد قناة السويس إلى 14 مليار دولار سنوياً من 6 مليارات حالياً وتؤهل القناة لاستيعاب 35 ألف سفينة بحلول 2023، كما تسهم في خلق أكثر من 1.5 مليون فرصة عمل.

 وطرحت هيئة قناة السويس 18 مشروعاً باستثمارات لا تقل عن 50 مليار دولار، وذلك ضمن مشروعات محور قناة السويس. وتشمل المشروعات قطاعات صناعة السيارات والبنية التحتية ومحطات توليد الكهرباء وتحلية المياه والصناعات الإلكترونية. ومن المتوقع أن تبلغ قيمة العائد المتوقع من المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية واللوجستية في القناة 100 مليار دولار بعد اكتمال مشروع محور تنمية القناة.

وشملت التوسعات إنشاء تفريعة جديدة موازية للقناة الحالية بطول 34 كم وتعميق وتوسيع المجرى الملاحي الحالي بطول 72 كم لتقليص الفترة الزمنية لعبور السفن، وبالتالي تحويل منطقة القناة إلى محور للصناعة وخدمات النقل. وتعزز التوسعات الحركة عبر أسرع ممر ملاحي بين أوروبا وآسيا لنقل مليار طن من البضائع والسلع إلى مختلف الأسواق العالمية أي ما يشكل نحو 12% من التجارة العالمية.

وبات باستطاعة القناة حالياً استيعاب 100% من حجم الأسطول البحري العالمي بمختلف حمولاته وغاطسه مع توفير الوقت لأصحاب التوكيلات الملاحية العالمية في عبور القناة، وهو ما يعني توفيراً في النفقات. وبعثت المرحلة التجريبية رسالة لكافة التوكيلات الملاحية العالمية باستقبال سفن عملاقة بغاطس 66 قدماً.

وتسهم استثمارات دولة الإمارات في المشروع بكثير من الجهات، حيث المساهمة في التأسيس والحفر وأعمال التكريك، فضلاً عن الاستثمارات التي من المفترض أن يتم تنفيذها في الفترة المقبلة. وساندت الإمارات منذ انطلاقة المشروع صافرة بداية العمل بإتاحة كل الآلات والكراكات اللازمة للحفر للقيام بمهامها بمنطقة القنال. ولعبت شركة الجرافات البحرية في أبوظبي دوراً كبيراً من خلال قيادة التحالف العالمي الذي ضم «فان أورد» و«بوسكالس» الهولنديتين و«جان دو نيل» البلجيكية. وتمكنت الكراكات الإماراتية الـ 4 (الحمرا والخاتم وأم العنبر والمرفأ) من إنجاز جميع الأعمال الموكلة لها بالقطاعات 2 و3 و 4 و5 بطول قناة السويس الجديدة.

وأكد مسؤولون وخبراء استطلعت البيان آراءهم أن القناة بعد توسعتها باتت تشكل فرصة أكبر لتفعيل وتعزيز التكامل الإقليمي وترسيخ العلاقات بين دولة الإمارات ومصر. وأشاروا إلى أن المشروع سيحول مصر إلى مركز اقتصادي عالمي للتجارة والصناعة. كما رأوا أنه سيوفر للشركات الإماراتية الاستثمار طويل الأمد وسيتيح حلولاً غير مسبوقة للشركات الدولية التي تتطلع إلى الاقتراب من مستهلكيها في جنوب الكرة الأرضية. وقال الدكتور سلطان الجابر، وزير الدولة ورئيس المكتب التنسيقي للمشاريع التنموية الإماراتية في مصر، إن توسعة القناة تعكس رؤية استراتيجية تخدم الاقتصاد العالمي، بما تحققه من نتائج إيجابية على حركة الملاحة وتنشيط معدلات التجارة والنمو الاقتصادي المستدام.

وأكد الجابر في تصريحات سابقة أن المشروع ساهم في ترسيخ مكانة مصر الدولية عن طريق الممر الملاحي والتجاري الحيوي الذي يخدم التجارة والاقتصاد. وأضاف أن التوسعات الجديدة سيكون لها دور كبير وأساسي في تعزيز النشاط الاقتصادي المصري، حيث ستعمل على زيادة القدرة الاستيعابية للقناة وتقليص زمن انتظار السفن العابرة، فضلاً عن تحقيق عوائد إضافية للخزينة المصرية، وإنشاء مناطق ومدن ومشاريع اقتصادية متخصصة. وأوضح أن محور القناة الذي يشمل إنشاء موانئ ومناطق اقتصادية ولوجيستية متخصصة سيسهم في تحفيز النمو الاقتصادي وتوفير المزيد من فرص العمل للمصريين عبر تحويل مساحة 76 ألف كيلومتر مربع من المنطقة المحيطة بالقناة إلى مركز صناعي ولوجيستي عالمي.

ودعا الجابر القطاع الخاص المصري والعربي والعالمي إلى استكشاف الفرص المتاحة في هذا المشروع، حيث أكد أن القافلة قد انطلقت وهي تسير في الاتجاه الصحيح، فقد أصبحت مصر في موقع أفضل بكثير مما كانت عليه. وأعرب عن فخره بأن شركة إماراتية من القطاع الخاص هي «الجرافات البحرية الوطنية» شاركت بشكل رئيسي في هذا المشروع الاستراتيجي، مشيراً إلى أنها أسست وقادت «تحالف التحدي» الذي عمل تحت إشراف وهيئة قناة السويس على تنفيذ أعمال التجريف البحري.

علاقات متميزة

وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» نشرت مقالاً للدكتور سلطان أحمد الجابر بعنوان «بزوغ فجر جديد في مصر»، قال فيه: على مرّ التاريخ، قدمت مصر الكثير من الإسهامات المميزة لمسيرة الحضارة الإنسانية، واستفادت الدول العربية والمنطقة والعالم من هذه الإسهامات. ونحن في الإمارات علاقات متميزة مع مصر تتسم بالأخوة والتعاون وتعود إلى ما قبل نشأة دولتنا الفتية، حيث ترسخت هذه العلاقات طوال العقود الماضية بفضل جهود المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتابعت تطورها في عهد صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله. وبالتالي، فإن وقوفنا إلى جانب مصر في هذه المرحلة المهمة من تاريخها، وقيامنا بتخصيص موارد بشرية ومالية لضمان استقرار مصر واستقرار المنطقة، إنما ينطلق من هذه الاعتبارات جميعاً.

وأضاف: بدأ العالم يدرك أن مصر تشهد مرحلةً جديدةً في تاريخها، وأن ملامح «مصر الجديدة» قد بدأت بالتكون وفق رؤية اقتصادية شاملة تواكب متطلبات القرن الحادي والعشرين. وشهد العامان الماضيان تعاوناً مميزاً بين دولة الإمارات ومصر، حيث تم توظيف اعتمادات مالية ضخمة لتنفيذ العديد من المبادرات التنموية في وقت قياسي. وتم إنشاء فريق عمل إماراتي - مصري قام بتحديد المشاريع ذات الأولوية من حيث تأثيرها الإيجابي المباشر والملموس على الاقتصاد والمجتمع المصري، ثم أشرف على إنجازها على أرض الواقع. وأشار الجابر في المقال إلى أن المشاريع التنموية الإماراتية أولت عناية كبيرة لتطوير قدرات الجيل الجديد من الشباب الباحثين عن العمل وتزويدهم بالمهارات اللازمة لسوق العمل. فعلى سبيل المثال، حصل أكثر من 100 ألف من الشباب المصري على تدريب مهني من خلال برنامج يهدف لتلبية 50 بالمئة من احتياجات سوق العمل في عدد من القطاعات المستهدفة، بما فيها قطاعات الإنشاءات والصناعات الكيماوية. وأكد الجابر ترحيب الإمارات بعودة مصر كقوة اقتصادية متميزة في المنطقة، مستفيدة من المزايا والمقومات الفريدة التي تمتلكها، بما في ذلك موقعها الاستراتيجي كحلقة وصل بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، وكفاءاتها البشرية المتميزة وسوقها الكبيرة وسريعة النمو.

يهدف المشروع إلى الإسهام في زيادة الطلب على استخدام القناة كممر ملاحي رئيسي عالمي، وزيادة الدخل القومي المصري من العملة الصعبة، الأمر الذي يدعم اقتصاها بشكل مباشر، وتحقيق أكبر نسبة من الازدواجية في قناة السويس، الى جانب تقليل زمن العبور ليكون 11 ساعة بدلا من 18 ساعة لقافلة الشمال. فضلا عن تقليل زمن الانتظار للسفن ليكون ثلاث ساعات في أسوأ الظروف، ما ينعكس على تقليل تكلفة الرحلة البحرية لملاك السفن ويرفع من درجة تثمين قناة السويس. كما يهدف إلى زيادة القدرة الاستيعابية لمرور السفن في القناة لمجابهة النمو المتوقع لحجم التجارة العالمية في المستقبل، وهو خطوة مهمة على الطريق النجاح.

ممر مهم

قناة السويس هي ممر مائي اصطناعي في مصر، يبلغ طولها 193 كم وتصل ما بين البحرين الأبيض والأحمر، وتنقسم إلى قسمين، شمال وجنوب البحيرات المرّة. تسمح القناة بعبور السفن بين أوروبا وآسيا، وتعتبر أسرع ممر بحري بين القارتين وتوفر نحو 15 يوماً في المتوسط من وقت الرحلة عبر طريق رأس الرجاء الصالح. بدأت فكرة إنشاء القناة مع قدوم الحملة الفرنسية على مصر عام 1798، واستغرق بناؤها ة 10 سنوات (1859 - 1869)، وساهم في عملية الحفر ما يقرب من مليون عامل مصري. وتم افتتاح القناة في 1869، وفي 1905 حاولت الشركة تمديد حق الامتياز 50 عاماً إلا ان المحاولة فشلت، وفي يوليو 1956 أممها الرئيس عبد الناصر.

أهداف

Email