«تنسيق محكم» بين التحالف الدولي والوحدات الكردية

محاصرة «داعش» في شمال شرق سوريا

Ⅶ مقاتلون أكراد في قرية تل أغبيش غربي مدينة تل تمر بعد استعادتها من التنظيم الإرهابي | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

بخلاف انتصارات تنظيم داعش في جنوب شرقي سوريا وما صاحبها من كثافة في التغطية الإعلامية عقب سيطرته على مدينة تدمر الأثرية، فإن ذات التنظيم يتلقى ضربات موجعة واستراتيجية في الجبهة الشمالية الشرقية ذات الغالبية السكانية الكردية، وذلك بالتعاون المشترك بين وحدات حماية الشعب وطيران التحالف الدولي التي أسفرت حسب المعلومات الميدانية الأخيرة عن تحرير جبل عبد العزيز الاستراتيجي في ريف الحسكة الغربي، مروراً بطرد تشكيلات «داعش» من قرى بلدة تل تمر غرباً، وصولاً إلى فتح الجبهة الغربية والجنوبية من أرياف مدينة رأس العين (سري كانيه) في أقصى النقطة الحدودية مع تركيا شمالاً على نحو يرسم قوساً جغرافياً عازلاً في وجه التنظيم.

وتتوضح معالم خريطة النفوذ الجديدة لصالح القوات الكردية، إثر تطهير نتوءات عسكرية متناثرة، كانت تعرقل الزحف صوب مدينة تل أبيض، حيث البوابة الحدودية الحيوية مع تركيا، وهي المنطقة الفاصلة بين الجزيرة السورية ومدينة كوباني (عين العرب).

مراحل تكتيكية

تصاعدت وتيرة هذا التطور على وجه الخصوص في الأسابيع المنصرمة على جبهتي كوباني من الجهة الغربية والجزيرة السورية من الطرف الشرقي، في محاولة استراتيجية تنقسم إلى مراحل تكتيكية متواصلة تهدف إلى إطباق الخناق على أوكار التنظيم المنتشرة على طول المناطق الحدودية الممتدة من أرياف رأس العين شرقاً، وصولاً إلى نواحي تل أبيض غرباً، حيث تدور على الجبهة الأخيرة، التي تفصل حوالي 20 كيلومتراً تقريباً من مدينة تل أبيض، اشتباكات محتدمة مع القوات الكردية المتمركزة في أرياف مدينة كوباني شرقاً بعدما بات الريف المدينة محرراً من الجهات الثلاث بنسبة قدرها 90 في المئة.

المصادر الكردية العسكرية تتحدث في هذه الأثناء عن «التنسيق المحكم» بين غرفة العمليات التابعة للتحالف الدولي مع وحدات حماية الشعب على الأرض، فقواتهم حررت في المرحلة الأخيرة حوالي 240 قرية في الجزيرة السورية أو ما يعرف بـ«كانتون الجزيرة» على مساحة تقدر بنحو 5400 كيلومتر مربع، بدءاً من بلدتي تل حميس وتل براك شرقاً، انتهاء بريف تل تمر وعاليا ورأس العين جنوب غرباً، ما يعني أن الجزيرة بكاملها تحررت من هيمنة التنظيم في الوقت الذي انتقلت دائرة المعارك يوم إلى القرى الجنوبية والغربية من مدينة رأس العين تمهيداً لاجتياح الجيوب المعرقلة صوب مدينة تل أبيض الحدودية.

تراجع التنظيم

أمام هذا التقدم لصالح القوات الكردية في كلتا الجبهتين، أراد القيادي في تنظيم داعش أبو محمد العدناني أن يبرر تراجع التنظيم في الشمال السوري إلى اتباع تكتيك ممنهج ضد التحالف الدولي في الشمال السوري.

ويراهن النشطاء الأكراد على حقيبة مؤشرات استجدت وفق خارطة المعارك، فالانتصارات التي حققتها القوات الكردية في الجزيرة وتحصين الجبهات الأمامية، قد تفسح لهم المزيد من الحركة والمناورة والتحشيد المطلوب في المعارك التي تبعد عن مدينة رأس العين بحوالي 30 كيلومترا، وهو ما قد يشتت عملياً تمركز قوات تنظيم داعش في جبهة كوباني الشرقية.

تسريبات

تظهر تسريبات من قيادة التحالف الدولي تفيد بضرورة لجم نفوذ تنظيم داعش على المناطق الحدودية المرابطة مع تركيا، وأهمية وصل المناطق الكردية في بوتقة واحدة، وهو ما بدا واضحاً في تزايد نسبة غارات طيران التحالف الدولي الكثيف في خضم المعارك الدائرة الأخيرة في الجزيرة، تحديداً في جبهة رأس العين وتل تمر وجبل عبد العزيز بالتوازي مع تحرير القرى والمواقع الجديدة في منطقة كوباني.

Email