أقيمت في دبي بحضور رئيس المجلس الوطني الاتحادي

«ندوة الثقافة والعلوم» تبحث مواجهة الفكر المتطرف

الأنصاري (يمين) وعلي عبيد الهاملي ــ تصوير: خالد نوفل

ت + ت - الحجم الطبيعي

استضافت «ندوة الثقافة والعلوم» مساء أول من أمس محاضرة بعنوان «كيف نواجه الفكر المتطرف؟» ألقاها المفكر د. عبدالحميد الأنصاري في مقر الندوة بمنطقة الممزر في دبي بحضور محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي وسلطان صقر السويدي رئيس مجلس إدارة الندوة، وبلال البدور نائب رئيس مجلس إدارة والدكتور صالح بن حمد السحيباني الملحق الثقافي السعودي في الإمارات، ولفيف من المهتمين بالشأن الثقافي، حيث أدار الندوة الكاتب والإعلامي علي عبيد الهاملي رئيس مركز الأخبار في مؤسسة دبي للإعلام.

وتحدث الدكتور الأنصاري في الندوة قائلاً إن «معركة المجتمعات العربية والإسلامية والدولية في مواجهة فكر التطرف العنيف هي معركة من أجل كسب عقول ونفوس مناعتها الدينية والفكرية ضعيفة، حيث نجح الفكر المتطرف في الاستحواذ عليها وتجنيدها لمخططاته العدوانية». وعن ماهية التطرف أو التشدد، قال: «بطبيعة الحال هناك من يحاول تمييع مفاهيم التطرف والتوسط بذريعة إنهما مفهومان نسبيان، والتطرف له علامات لا يمكن تجاهلها مثل التشدد في غير موضعه، وإلغاء الرأي الآخر، وقد يصل الغلو فيه إلى التكفير ثم استحلال الدم».

الصراعات الدموية

وتابع المحاضر أن «التطرف نوعان: الأول هو الفكري ويقتصر على الشخص نفسه بأن يكون مزاجه مع التوسع في التحريم فيحرم الموسيقى والغناء والتصوير وغير ذلك، ويشغل الناس بالفرعيات الفقهية مبتعداً عن القضايا الأساسية كالعدل وتنمية المجتمع». وأضاف: «أما النوع الثاني فهو التطرف العنيف وهو الذي يجتاح مجتمعاتنا والعالم ويهدد الأمن ويثير الاضطرابات والصرعات الدموية ويشكل معول هدم للأوطان». وعن معنى العنف، قال الأنصاري «إن الكثيرين يظنون أن العنف يقتصر على الفعل المادي، ولكن كما يقول المفكر الإسلامي خالص جلبي في (سيكولوجية العنف) إن العنف يبدأ كفكرة كمونية شيطانية (أنا خير منه) وتتطور إلى التصرف باللسان والاحتقار وتنتهي باليد والسلاح والتصفية الجسدية للآخر، وذلك للإلغاء وجوده المادي والمعنوي».

المجتمعات الإسلامية

ويرى د. الأنصاري أن «التطرف لازم المجتمعات الإسلامية على امتداد التاريخ الإسلامي، والخوارج عرفوا بالتطرف الديني العدواني الذي يستبيح الدم والمال والعرض وهو ما نسميه اليوم الارهاب». وأشار الأنصاري إلى أن «تاريخ العنف في المجتمعات العربية تمتد جذوره إلى أيام الجاهلية في صورة الصراع علي الغنيمة، وقد تركت القيم السلبية للعنف آثارها في ثقافتنا».

عقود ومحطات

وأكد د. الأنصاري أن «تشخيص التطرف الديني العنيف يعتمد على منهجين الأول يرجع إلى العامل الخارجي. أما العامل الداخلي، فيتمثل في عنف الأنظمة. وعلى امتداد أربعة عقود استطاع تيار الإسلام السياسي أن يوظف هذا التشخيص توظيفاً سياسياً هدفه الوصول إلى السلطة». ولفت إلى أن «من أبرز محطات التطرف الديني الخوارج. أما المحطة الثانية فهي العنف الممارس باسم الدين. أما المحطة الأخيرة، فهي العنف الممارس حالياً علي أيدي الجماعات الإسلامية ضد مجتمعاتنا بحجة تطبيق الشريعة».

الغلو الديني

وأضاف د. الأنصاري أنه «من بين أسباب التطرف الذي يشهده عالمنا المعاصر الغلو الديني، والاستبداد بالرأي ومحاولة فرضه على الغير وتشويه المفاهيم الدينية عبر تفسيرات خاطئة للجهاد، ونمط اسلوب التنشئة والتربية السائدة في الأسر العربية، والتعصب الديني والمذهبي والآيدلوجي، وأوهام التآمر العالمي ضد الإسلام».

نصائح وتكريم

قدم د. الأنصاري في ختام محاضرته مجموعة من النصائح عن كيفية مواجهه الفكر المتطرف، وقال إن «المواجهة تتطلب استراتيجية وطنية تشارك فيها كافة الأجهزة والجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، تقوم على مراجعة أساليب التنشئة المبكرة وإبعاد منابر بيوت الله تعالى عن الصرعات السياسية، وتصحيح النظرة المجتمعية لوضعية المرأة في المجتمع، ومراجعة المنظومة التعليمية، وحياد الدولة الديني والمذهبي. وأخيراً، سيظل الدين مصدر نور وهداية لمجتمعاتنا يصحح انحرافاتها. وفي الختام تم تكريم د. الأنصاري من قبل سلطان صقر السويدي.

Email