أبرز ملامح 2014 استمرار القمع والاستيطان وتهديدات السلطة بالتدويل

فلسطين.. بداية فاشلة تفاوضياً ونهاية حبلى بانفجارات

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

عام عاصف مر به الفلسطينيون على جميع الصعد الداخلية المتعلقة بالانقسام وتعطل المصالحة، والخارجية المتمثّلة بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي. وبرغم أن 2014 كانت حبلى بالأحداث والملفات الساخنة إلا أن أياً من هذه الملفات لم يتم إنجازه، ورحلت على سخونتها للعام الجديد 2015 المتوقع أن تكون سمته الأساسية استمرار التصعيد الذي قد يتوج بانفجار. وفيما يلي عرض لأبرز أحداث 2014 في فلسطين:

بدأ الفلسطينيون عامهم بنهاية فاشلة لتسعة أشهر من المفاوضات مع إسرائيل التي انطلقت برعاية أميركية مع نهاية يوليو 2013، وانتهت أواخر أبريل 2014، بالفشل، كما كان متوقعاً، نتيجة تراجع إسرائيل عن إطلاق الدفعة الرابعة والذي كان مقرراً لها أواخر مارس واستمرارها في التوسّع الاستيطاني، فوضعت القيادة الفلسطينية شروطاً للعودة إلى المفاوضات، بينها إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى، ووقف الاستيطان، والاعتراف بخطوط 4 يونيو أساساً للتفاوض، في حين اشترطت إسرائيل اعترافاً فلسطينياً بيهوديتها، وفشلت محاولات وزير الخارجية الأميركي جون كيري في إعادة الحياة إلى العملية التفاوضية لغاية الآن.

إضراب الأسرى

وعقب ذلك أعلن 200 معتقل إداري فلسطيني من مختلف الفصائل في سجون الاحتلال الإضراب المفتوح عن الطعام في أبريل، احتجاجاً على ظروف احتجازهم واعتقالهم بلا تهمة تحت عنوان السجن الإداري بلا محاكمة وفقاً لـ«ملف سري». واستمر الإضراب 63 يوماً ثم علّق بعد تحقيق عدد من المطالب.

اتفاق الشاطئ

في الثالث والعشرين من أبريل كان الحدث الفلسطيني الداخلي الأبرز والأهم، بتوقيع الفصائل الفلسطينية في غزة اتفاق الشاطئ بحضور ممثلي الفصائل ورئيس وفد حركة فتح عزام الأحمد في منزل رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، تلاه تشكيل حكومة التوافق الوطني في الثاني من يونيو، استناداً إلى ما تم التوصل إليه في اتفاق القاهرة الموقع في الرابع من مايو عام 2011 وإعلان الدوحة الموقع في السادس من فبراير عام 2012. وشكلت حكومة التوافق برئاسة د. رامي الحمد الله، لكن فرحة الفلسطينيين ببوادر إنهاء الانقسام لم تدم طويلاً بعد كثير من النكسات التي أبقت الاتفاق حبراً على ورق لغاية الآن.

خطف المستوطنين

بقيت مجريات المصالحة تسير بنجاح حذر وفق ما اتفق عليه، إلا أن عملية خطف المستوطنين الثلاثة في 12 يونيو شكلت تحولاً جوهرياً في مجرى الأحداث، لاسيما بعد العثور عليهم مقتولين في الخليل. وبلغ التصعيد الإسرائيلي مستوى مرتفعاً باعتقال 160 فلسطينياً خلال أربعة أيام فقط. ورداً على هذا التصعيد اندلعت المواجهات في مختلف مناطق الضفة والقدس.

ولم تكد النار تهدأ حتى عادت لتندلع بقوة أكبر بعد جريمة اختطاف الطفل محمد أبو خضير (15 عاماً)، في الثاني من يوليو من مخيم شعفاط شرقي القدس وحرقه حياً، وهو ما أشعل انتفاضة القدس والمواجهات التي لاتزال مستمرة حتى الآن.

عمليات الطعن والدهس

الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الساخنة كانت حبلى بالأحداث، لاسيما في مدينة القدس التي استهدفها الاحتلال بتصعيد في التهويد ومحاولة تكريس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى، وشرعنة اقتحامات المستوطنين للقدس. وأعقب ذلك المصادقة على قانون يهودية الدولة في 23 نوفمبر، الأمر الذي أكد نية إسرائيل تنفيذ المرحلة النهائية من مخططها «الدولة اليهودية الكبرى»، فانتفضت القدس والضفة بعمليات المقاومة الفردية بالطعن والدهس وإطلاق النار والتظاهرات والاحتجاجات.

اعترافات أوروبية

شهدت الشهور الأخيرة حملة اعترافات أوروبية حكومية وبرلمانية بـ«الدولة الفلسطينية»، وكانت السويد هي أولى الدول المعترفة في 30 أكتوبر، ثم سارعت برلمانات دول أخرى آخرها البرلمان الأيرلندي بالاعتراف ضمن مذكرة غير ملزمة، على غرار ما قام به الفرنسيون والبريطانيون والإسبان، في خطوة اعتبرها محللون تعبيراً عن شعور الغضب الأوروبي المتنامي حيال تعنت إسرائيل ومماطلتها في المفاوضات.

معركة مجلس الأمن

وبموازاة هذه الاعترافات واستمرار العدوان الإسرائيلي وحملة التصعيد في القدس، أعلنت القيادة عما وصفته بالمفاجأة، وهي خطتها الاستراتيجية بعد فشل المفاوضات القاضية بالتقدم بطلب في مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال خلال ثلاث سنوات، وعقدت لأجله لقاءات واجتماعات عربية إلى أن تم صياغة مشروع قرار فلسطيني عربي. وبموازاة ذلك كانت فرنسا وبريطانيا وألمانيا تعد صيغة بديلة أكثر قبولاً في مجلس الأمن، بينما تحاول واشنطن تسويق صيغة مضادة لاعتراض المشروعين المهددين بالفيتو.

اغتيال أبوعين

وفي غضون ذلك باغت الإسرائيليون الأجواء السياسية المحتدمة باغتيال الوزير زياد أبوعين، مسؤول ملف الجدار والاستيطان، خلال تنظيمه فعالية في بلدة ترمسعيا شمال شرق مدينة رام الله لزراعة الزيتون وحماية الأراضي هناك من المصادرة لصالح التوسّع الاستيطاني، وعلى إثر جريمة الاغتيال تداعت القيادة الفلسطينية لاجتماع مفتوح.

تقديم مشروع القرار

في 14 ديسمبر اتخذت القيادة الفلسطينية قرارها بالتوجه إلى مجلس الأمن لتأكيد إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن جميع الأراضي المحتلة عام 1967، وتحديد سقف زمني لإتمام خطوات رحيل الاحتلال، وفق ما تضمنته مبادرة السلام العربية والثوابت الوطنية بما فيها اعتبار القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، وضمان حقوق اللاجئين وفق قرار 194.

وفي 17 ديسمبر، وزعت فلسطين مشروع القرار على أعضاء مجلس الأمن، ومن المتوقع إجراء التصويت عليه نهاية العام أو بداية العام الجديد. ورسمت القيادة الفلسطينية خطتها إذا ما استخدمت واشنطن الفيتو وهددت بأنها سترد على ذلك بوقف التنسيق الأمني وإعادة ترتيب العلاقة مع إسرائيل وتصعيد المقاومة الشعبية على الأرض والدبلوماسية في الساحة الدولية والانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية ورفع قضايا على إسرائيل لمحاكمتها على ما تقترفه من جرائم حرب، في حين تبقى أبواب التصعيد مفتوحة على أشكال مختلفة من التصعيد في العام الجديد قد تفوق العام المنصرم.

عام دموي للصحافيين

شهد العام 2014 جرائم دامية بحق الصحافيين الفلسطينيين وانتهاكات غير مسبوقة، لا سيما في قطاع غزة الذي كان عرضة لعدوان دام الصيف الماضي، مخلفاً وراءه 17 شهيداً من الصحافيين أحدهم إيطالي الجنسية، عوضاً عن إصابة نحو 20 صحافياً بعضهم بجروح خطيرة، وتدمير نحو 42 منزلاً لصحافيين بشكل كامل؛ و61 منزلاً بشكل جزئي، فيما نزحت نحو 140 أسرة من أسر الصحافيين عن منازلها.

العدوان ترك غزّة جرحاً مفتوحاً

 

العدوان على غزة الذي سمته إسرائيل «الجرف الصامد» في الثامن من يونيو الماضي، أدى إلى سقوط 2160 شهيداً، بينهم 530 طفلاً و302 امرأة بينهن أكثر من 40 مسنّة، و23 من الطواقم الطبية، و11 من موظفي وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا). وبلغ عدد جرحى العدوان 10870 فلسطينياً تراوحت إصاباتهم بين خطيرة ومتوسطة وطفيفة، بينهم 3303 طفلاً و2101 امرأة. ومن المؤكد أن هدوء القنابل وهدير الطائرات لا يعني نهاية العدوان الذي ترك جرحاً مفتوحاً سيستمر نزيفه خلال العام المقبل وربما بعده.

بعد انتهاء العدوان العسكري على غزة، ظلت الخلافات الداخلية الفلسطينية سيدة الموقف، ولم تنجح أية المحاولات لرأب الصدع وإنهاء الانقسام بين الطرفين، بل عادت الأمور إلى تبادل الاتهامات دون اكتراث بما آلت به الظروف في غزة المحاصرة.

ولم يشهد العام المنصرم اختراقات حقيقية على صعيد المصالحة رغم بعض المبادرات الخجولة مثل إعلان رئيس وزراء الحكومة المقالة السابقة إسماعيل هنية السماح لأعضاء حركة فتح الذين خرجوا من غزة بعد اقتتال 2007 وسيطرة حماس على غزة بالعودة إليها، وقراره السماح بزيارة أعضاء الحركة لذويهم في القطاع، بالإضافة إلى قراره الذي لم ينفّذ بالإفراج عن معتقلين سياسيين.

ومنعت سلطات الاحتلال في فبراير جولة كان من المقرر أن يقوم بها رئيس البرلمان الأوروبي مارتن شولز برفقة رئيس حكومة التوافق د. رامي الحمد الله لمدرسة في منطقة الخان الأحمر، استمراراً في تعنت إسرائيل تجاه كل من يساند القضية الفلسطينية.

في المقابل زار بابا الفاتيكان فرانسيس الضفة الغربية قبل زيارة إسرائيل، وسمى فلسطين دولة إذ قال: «اجتماعنا الأخير في الفاتيكان ووجودي هنا اليوم يشير إلى العلاقات الجيدة بيننا وبين الدولة الفلسطينية».

وزار الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون غزة في الخامس عشر من أكتوبر الماضي. وقال فور وصوله ومشاهدته للدمار: «لقد آلمني حجم الدمار الذي رأيته، هذا الدمار هو موت آخر، ما رأيته يفوق ما شاهدته أثناء زيارتي عقب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2009، وأنا هنا اليوم أحمل رسالة أمل، وأقول لكم إن إعمار غزة بدأ فعلياً».

Email