الجريمة الإرهابية تردد صداها في القطاع المنهك من العدوان

سيناء بوابة الحياة السياسية والاقتصادية لغزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

"جرافيك"

تفاجأ الجميع في فلسطين ومصر والدول العربية بالحادثة الأليمة والجريمة النكراء الجمعة الماضي، بعد هجوم مسلحين على نقاط تجمع للجيش المصري، ومقتل ما يقارب 31 جندياً مصرياً وإصابة آخرين قبل احتفال المسلمين برأس السنة الهجرية.

وعكّرت هذه الجريمة السياسة الفلسطينية في ظل الانشغال بحل قضايا مصيرية، وبخاصة المصالحة وبسط حكومة الوفاق سيطرتها على القطاع وقضية الإعمار، علماً بأن مصر أعلنت تأجيل حوار تثبيت اتفاق التهدئة الذي كان من المزمع عقده خلال هذا الأسبوع لأجل غير مسمى، أي إلى حين هدوء الأوضاع في سيناء.

وكالعادة تتّجه الأبصار والأصابع تجاه غزة، خاصة أن الحادثة وقعت على الحدود مع القطاع، ويعتبر الحادث الأسوأ ضد الجيش المصري، وسرعان ما تم إغلاق معبر رفح بعد الحادثة مباشرة وساءت الأوضاع الأمنية على الحدود، وبخاصة في منطقة الأنفاق التي تعتبر بالأساس منطقة ميّتة حالياً بعد تدمير الجيش المصري معظمها، باستثناء بعض الأنفاق التي تتبع حركة حماس، والتي ما زالت تعمل بسرية تامة وتقنية كبيرة وتمتد لمسافة أطول داخل رفح المصرية بالإضافة لتقنيات أخرى.

ويدير أنفاق رفح مجموعة من الأشخاص ورؤوس الأموال، بالإضافة لسيطرة «حماس» على أغلبيتها وإدارتها بالكامل.

غزة المنهكة

ويزيد توقيت الحادث شقاء غزة التي خرجت منهكة من عدوان إسرائيلي صنّفه مراقبون أنه «الأعنف على الإطلاق»، خصوصاً أنه تزامن مع موعد انطلاق مفاوضات التهدئة غير المباشرة في القاهرة، عدا عن أن الإشارة بأصابع الاتهام نحو غزة، وإن كانت بشكل غير مباشر، ستفقدها توازنها وستضطرها إلى دفع أثمان هي اليوم في أمسّ الحاجة إلى تحصيلها.

وزارة الداخلية الفلسطينية أعلنت أن لا صلة للقطاع بما يجري داخل مصر، وأن الأنفاق الحدودية بين الجانبين «أصبحت جزءاً من الماضي». وأكد المتحدث باسم الوزارة إياد البزم في تصريح صحافي، أن حدود غزة الجنوبية مع مصر مضبوطة وآمنة، وتخضع لمراقبة وإجراءات مشددة من الأجهزة الأمنية الفلسطينية. وشدّد على أن وزارته لا تسمح بالمساس بأمن الحدود، وتعتبر الأمن القومي المصري أولوية فلسطينية، لافتاً إلى أنها أغلقت الحدود بشكل كامل منذ وقوع الحادث.

لكن يبدو أن الأمور قد تزداد سوءاً، خاصة بعد تعلق قطاع غزة بقضية الإعمار وانتظارها على أحر من الجمر مع اقتراب فصل الشتاء الذي نغصت أول أمطاره حياة النازحين والمشردين والمهددة بيوتهم، وفتحت فجوة كبيرة على معاناة قد تطول وتزداد خلال الشتاء، ومناقشة قضايا الميناء والمطار وقضايا مصيرية بانتظار إنجازها في مصر، وتعطّلها سيكون كارثياً على سكان القطاع.

شجب فلسطيني

آذان فصائل المقاومة في غزة كانت صاغية لتوصيات المراقبين السياسيين حين حثّوا على ضرورة المباشرة بإصدار بيان شجب وإدانة للحادث، لكن اتضح أن الإدانة وحدها لا تكفي، والشاهد أن ردّة الفعل المصرية كانت قاسية ضد غزة، رغم أن التهمة لم تثبت عليها، وإن كانت الإجراءات التي اتخذتها القاهرة اعتيادية، يسلكها أي نظام أمني عند حدوث أي طارئ.

وقال المحلل السياسي هاني البسوس في تصريحات إعلامية إن إغلاق السلطات المصرية معبر رفح يوحي للرأي العام بأن لغزة علاقة بالحادث، فضلاً عن التأثير في العلاقة الفلسطينية- المصرية، مع الإشارة إلى أن من ضمن «سلة الثمار» التي جنتها حركة حماس من المعركة الأخيرة، كان فتح صفحة جديدة مع القاهرة، بعد الحملة الإعلامية ضدها، لعلاقتها بجماعة الإخوان المحظورة في مصر.

أما المحلل السياسي مصطفى الصواف المقرب من حركة حماس، فدعا إلى البحث عن «العدو الرئيس» الذي له مصلحة من الحادث، في إشارة إلى (إسرائيل). وقال: «العدو الحقيقي هي (إسرائيل)، التي تريد كسر هيبة الجيش المصري وإضعاف مصر، وتشاركها في ذلك الإدارة الأميركية».

ويرى مراقبون أن التهميش وانعدام التنمية في سيناء من مغذّيات نمو الإرهاب في شبه الجزيرة، لكن الإرهاب طال مصر كلّها ولم يتركز فقط على الحدود الشرقية لها مع غزة، بدليل العملية الإرهابية التي حدثت في يوليو الماضي في صحراء مصر الغربية على الحدود مع ليبيا، وهي شبيهة لحادث سيناء الأخير.

تعاون «حماس»

من جانبها، قالت حركة حماس إنها جاهزة لأي تعاون أمني مع أجهزة الأمن والمخابرات المصرية في ما يتعلق بالعملية الأخيرة. وأضاف القيادي في حركة حماس أحمد يوسف أن قرار مصر إقامة منطقة عازلة على الحدود مع غزة هو قرار يخصّها وحدها، ولا يؤثر في قطاع غزة وحركة حماس، حيث إنه جرى تدمير وإغلاق كامل الأنفاق مع قطاع غزة. وأكد يوسف أن «حماس» مع استقرار الأوضاع الأمنية في سيناء، وبقاء سيناء آمنة، لأن في ذلك مصلحة للشعب الفلسطيني وقضيته، عبر بقاء معبر رفح مفتوحاً.

وتعتبر منطقة سيناء المنطقة الأكثر أهمية لقطاع غزة، حيث تم تهريب مواد غذائية وأسلحة وصواريخ ومنظومات متطورة خلال السنوات السبع الماضية عبر أنفاق تم حفرها بين غزة ورفح المصرية، وعملت على مدار الساعة، ما دعا الحكومة إلى عدم الاهتمام بما يخص إغلاق المعابر وعدم توفرها نظراً لوفرتها من الأنفاق وبأسعار رخيصة.

وبالإضافة للإدانة من جانب «حماس» وجميع الفصائل الفلسطينية، أقام تجمّع الشخصيات المستقلة في غزة بيت عزاء لشهداء الجيش المصري في العملية الأخيرة، وقال التجمع في بيان إن مشاركة الشعب المصري الشقيق وحكومته وقيادته في مصابهم الأليم إثر الاستهداف الغاشم لجنود الجيش المصري شمال محافظة سيناء، «يوحد الرفض الشعبي الفلسطيني لهذا الهجوم الغاشم، ويعزز من وقوفنا الدائم مع الأشقاء المصريين في أفراحهم وأحزانهم».

Email