طلب المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي من روسيا إرسال مندوب رفيع لكي يساعده على ضبط وفد النظام السوري إلى مفاوضات «جنيف2»، بعد إصراره على عدم التطرق إلى القضايا الجوهرية، في وقت أعلن وفدا النظام والمعارضة أنهما سيواصلان التفاوض على الرغم من العرقلة التي طرأت خلال جلسة أمس الصباحية.

وأكد مصدر في وفد المعارضة السورية في جنيف، في تصريحات لـ«البيان» أن الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي طلب من روسيا إرسال مسؤول رفيع إلى جنيف لكي يضبط وفد النظام الذي يريد أن يفقد المفاوضات مضمونها، وأن يذهب بها إلى تفاصيل بعيدة عن الهدف الأصلي المتمثل في بحث تشكيل هيئة الحكم الانتقالية.

وقال المصدر الذي تحدث إلى «البيان» من جنيف، وفضل عدم نشر اسمه، إن الإبراهيمي ثار أكثر من مرة في وجه وفد النظام، وطالبه الالتزام بمعايير التفاوض، لا إلقاء المواعظ والمحاضرات في أصول الديمقراطية والتعددية.

وذكر المصدر أن الإبراهيمي بات يحمل مقاربتين حول المفاوضات، واحدة تتعلق بالوضع الإنساني والإجراءات على الأرض، والأخرى حول الملف السياسي، والانتقال السلمي، مؤكداً أن وفد المعارضة لا يرغب في بحث الإجراءات على الأرض كي لا يصطدم بالثوار على الأرض. وأكد المصدر أن المندوب الروسي الذي طلبه الأخضر الإبراهيمي سوف يصل خلال وقت قصير للضغط على النظام وضبطه، بعد أن اتضح أن وفده يحمل تعليمات بإغراق المفاوضات وتتفيهها.

مواصلة المفاوضات

وأعلن وفدا النظام السوري والمعارضة إلى «جنيف2» أنهما سيواصلان التفاوض على الرغم من العرقلة التي طرأت خلال جلسة أمس الصباحية.

وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للصحافيين: «لن نغادر بتاتاً طاولة المفاوضات»، مضيفاً: «سنستكمل النقاش».

من جانبها، قالت ريما فليحان من وفد المعارضة: «نحن إيجابيون، سنبقى هنا حتى تحقيق هدف هذا المؤتمر في تشكيل هيئة الحكم الانتقالي».

وأتى ذلك بعد رفع الموفد الدولي الأخضر الإبراهيمي الجلسة الصباحية التي عقدت بين الطرفين، اثر خلافات بين الوفد الرسمي الذي شدد على أولوية البحث في مكافحة «الإرهاب»، والوفد المعارض الذي يشدد على ضرورة البحث في مسألة «هيئة الحكم الانتقالي».

وقالت فليحان إن «مفاوضات أمس لم تكن بناءة بسبب منطق وفد النظام الذي حاول تغيير مسار الجلسة»، مضيفة أنه «كان من المقرر أن تبحث الجلسة في تنفيذ بيان «جنيف1» وتشكيل هيئة الحكم الانتقالية الكاملة الصلاحيات وحاول وفد النظام تغيير المسار إلى مناقشة الإرهاب»، مضيفة القول: «نحن أصررنا على موقفنا أننا هنا من أجل تنفيذ بيان «جنيف1 » وتشكيل هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات وتحقيق المصالحة الوطنية ومشاركة كل أطياف الشعب السوري في ذلك وتحقيق الأمن للمجتمع السوري».

وقالت فليحان: «هم جاؤوا فقط لتكريس وجود بشار الأسد ومناقشة مواضيع ليست لها علاقة فعليا بالسبب المباشر لعقد هذا المؤتمر»، مشيرة إلى أن وفد النظام «هاجم الأمم المتحدة وعددا كبيرا من الدول الأعضاء فيها، وأهان بعض هذه الدول». ورأت فليحان أن «وفد النظام يشعر فعلياً هنا بحصار دولي خانق على ما يبدو، لذلك كان أداؤه موتورا بدائيا».

أولوية ملف الإرهاب

على صعيد متصل، أفاد مصدر مقرب من وفد النظام أن الجلسة التي بدأت بعيد الساعة الحادية عشرة صباحاً رفعت بعد تقديم الوفد «ورقة عمل» حول الإرهاب، ورفض وفد المعارضة البحث فيها وتمسك بالبحث في هيئة الحكم الانتقالي.

وقال المصدر لوكالة «فرانس برس» إن «وفد الجمهورية العربية السورية قدم ورقة عمل تتضمن المبادئ الأساسية لإنقاذ سوريا الدولة والشعب مما تتعرض له من إرهاب تكفيري»، مضيفاً القول: «ما إن انتهى الوفد السوري من تقديم هذه الورقة حتى رفضها وفد الائتلاف، الذي طلب الحديث فقط عن هيئة انتقالية». وتابع «على الاثر، رفع السيد الإبراهيمي الجلسة».

وواضح المصدر أن «البيان السوري تضمن خمس نقاط، أهمها سيادة واستقلال سوريا والحفاظ على مؤسسات الدولة والبنى التحتية وعدم تدميرها، والطلب من الدول التي تمول وتسلح وتدرب المجموعات الإرهابية التوقف فورا عن ممارساتها».

ومن جهته، قال وزير الإعلام في حكومة النظام السوري عمران الزعبي انه «لا مشكلة في مناقشة اي موضوع سياسي خلال مفاوضات «جنيف2»، مضيفاً أن «عدم رحيل الرئيس بشار الأسد مبني على ان الدستور السوري ينص على أن أي رئيس يأتي يجب أن يكون من خلال الانتخابات».

على صعيد آخر، رفض وفد المعارضة تقارير مفادها أن المعارضة السورية وافقت على إخلاء بعض الأحياء في مدينة حمص وسط سوريا من سكانها الأصليين والسماح لهم بالخروج من تحت الحصار وعدم العودة ثانية. وقال العضو المفاوض في وفد المعارضة انس العبدة: «ما زلنا نطالب بفك الحصار عن حمص وإيصال المواد الإغاثية للمناطق المحاصرة، بدءًا بحمص القديمة والقوافل الإغاثية، ولا صحة إطلاقا لكل الشائعات التي تتحدث حول طلبنا ترتيبات المغادرة المدنيين لمناطقهم المحاصرة دون عودة، وهدفنا فك الحصار مرحلياً ليس إلاّ».

 

واشنطن: وفد نظام الأسد غير جاد

أعلن مصدر أميركي رفيع المستوى أمس أن وفد نظام بشار الأسد في مؤتمر «جنيف2» لا يزال غير جاد في الانخراط بعملية سياسية تؤدي إلى حل وخلاص السوريين من الحرب، في وقت دعا ناطق رسمي أميركي حكومة دمشق إلى السماح بدخول قوافل المساعدات للمنطقة القديمة في حمص والسماح لكل المدنيين بمغادرة المنطقة المحاصرة بحرية تامة.

وذكر بيان أميركي رسمي، وصلت نسخة منه لوكالة الأنباء الألمانية، ردا على اتهامات فيصل المقداد العضو في وفد السلطات السورية امس تجاه الولايات المتحدة والمعارضة أنهما يدعمان الإرهاب والمجموعات المسلحة، أن «المقداد بدلا من أن يركز جهوده على البناء والتعاون والانخراط مع المعارضة في مفاوضات جادة حول كيفية وضع حد لمعاناة الشعب السوري، نجده يستخدم لغة غير مناسبة لأجواء بناء الثقة بين الطرفين في مفاوضات «جنيف2».

من جهة أخرى، دعت الولايات المتحدة الحكومة السورية أمس إلى السماح بدخول قوافل المساعدات إلى المنطقة القديمة في حمص «حيث يتضور الناس جوعاً»، والسماح لكل المدنيين بمغادرة المنطقة المحاصرة بحرية تامة.

وأفاد الناطق باسم الخارجية الأميركية ادجار فاسكويس الذي التقى طرفي الصراع مع الوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي أن «إجلاء النساء والأطفال من المنطقة المحاصرة في حمص كما اقترح وفد دمشق في محادثات جنيف «ليس كافياً»، وليس بديلاً عن المساعدات التي يحتاجها السكان بشدة». وقال إن «الموقف بائس، والناس يتضورون جوعاً.

وأضاف الناطق القول: «شهدنا من قبل تكتيكات مماثلة من النظام من خلال حملة التركيع أو التجويع المقيتة. على سبيل المثال حدث إجلاء محدود في المعضمية، لكن لا مساعدات غذائية او مساعدات إنسانية أخرى. لا يمكن قبول حدوث هذا حمص».

 

معتقلون

حول ملف المعتقلين، قال الناطق الإعلامي باسم وفد المعارضة لؤي صافي إنه «لا تقدم في قضية المعتقلين، ولا نزال نعمل من أجل الوصول إلى حلها والتقدم بها»، فيما أكد مصدر من وفد النظام أن الأسماء المطروحة في اللائحة مجهولة بنسبة 70 في المئة من قبل السلطات السورية، ولا تعلم عنها شيئاً. أ.ف.ب