باتت محادثات السلام حول سوريا في «جنيف2» أمس على شفا الانهيار قبل أن تبدأ بسبب الهوة التي تفصل بين أولويات المعارضة السورية ونظام الرئيس بشار الأسد، حيث رفض وفد الائتلاف المعارض الاجتماع وجهاً لوجه مع وفد النظام بسبب رفض الأخير التوقيع على مبدأ «تشكيل حكومة انتقالية» كما نصت اتفاقية «جنيف1»، فيما هدد النظام بالانسحاب من المؤتمر بحلول اليوم إذا لم تعقد «جلسات جادة» في إشارة إلى أولوية «محاربة الإرهاب»، مؤكداً رفضه مبدأ الهيئة الانتقالية.
وأعلنت المعارضة السورية أنها لن تجلس في غرفة واحدة مع النظام ما لم يعترف باتفاق «جنيف-1» ويقبل بالتفاوض على مرحلة انتقالية على اساسه. وكان البرنامج المعلن يقضي بأن يجتمع المبعوث الأممي العربي المشترك إلى سوريا الأخضر الابراهيمي مع وفدي النظام والمعارضة في غرفة واحدة ويلقي خطاباً لدى افتتاح الجلسة، من دون ان يتبادل الوفدان اي كلمة، ثم يفصل كل منهما الى غرفة، ويقوم الابراهيمي بالتنقل بينهما.
وقبل موعد الاجتماع بحوالي ساعة، اعلنت الناطقة باسم الأمم المتحدة الساندرا فيلوتشي انه «يتم تشذيب العملية، لذلك طرأ تغيير على التصريحات السابقة»، مشيرة إلى ان الإبراهيمي سيجتمع مع الوفدين كل على حدة.
خرق القواعد
وقال الناطق باسم الائتلاف والعضو في وفد المعارضة المفاوض لؤي صافي ان النظام «خرق القواعد التي وضعها الإبراهيمي ليطلق كلاما غير صحيح على الإطلاق» حول نية المعارضة مغادرة المفاوضات. واشار الى ان وفد المعارضة سيلتقي الإبراهيمي.
وكان عضو وفد المعارضة نذير حكيم قال لـ«فرانس برس»: «نحن متفقون على التفاوض حول تطبيق جنيف - 1، والنظام لم يوافق على هذا الأمر. لا نريد ان نجلس معهم في غرفة واحدة حتى يوافقوا على ذلك». واضاف: «الدعوة التي وجهها إلينا الأمين العام للأمم المتحدة تلحظ القرار 2118 الذي يتبنى بيان جنيف-1. لكن النظام يرفض ان يقر بذلك. عندما تصبح المفاوضات ذات اجندة واضحة نجلس في غرفة واحدة».
بدوره، أكد عضو وفد المعارضة هيثم المالح لوكالة «رويترز» ان المعارضة طلبت بوضوح التزاما مكتوبا من وفد النظام السوري بقبول اتفاق «جنيف1» وإلا لن تجرى محادثات مباشرة.
جثة سياسية
وقبل تعثر الاجتماع، اعتبر رئيس الائتلاف الوطني احمد الجربا أن «العالم اصبح متيقناً» ان الأسد بات «صورة من الماضي».
واضاف في مؤتمر صحافي عقده ليلة أول من أمس: «أعتقد ان الثورة السورية نالت اليوم قسطاً من الإنصاف امام الرأي العام الدولي برمته»، في اشارة الى المؤتمر الدولي حول سوريا الذي انعقد امس في مونترو.
ووصف النظام بأنه جثة سياسية على طاولة الأمم.
من جهته، قال دبلوماسي غربي: الهدف هو أن تستمر الجولة الأولى من المحادثات حتى يوم الجمعة المقبل لكن التوقعات ضعيفة للغاية وسنرى كيف تتطور الأمور يوما بيوم. وأضاف: كل يوم يتحدث فيه الطرفان يمثل خطوة صغيرة إلى الأمام.
الإبراهيمي والمعلم
والتقى الابراهيمي وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل الظهر. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية "سانا": ان اجواء إيجابية سادت الاجتماع.
ونقل التلفزيون السوري الرسمي عن مصادر مقربة من الوفد الحكومي، ان المعلم ابلغ الابراهيمي انه اذا لم تعقد جلسات عمل جدية اليوم، فإن الوفد الرسمي السوري سيغادر جنيف نظرا لعدم جدية وجهوزية الطرف الآخر.
وأوضح مصدر مقرب من الوفد الحكومي في جنيف لوكالة فرانس برس، ان هذه الخطوة ليست تهديدا، بل هي دعوة موجهة الى الابراهيمي للضغط على المعارضة لتكون اكثر جدية.
واعتبر نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد ان «المشكلة ان هؤلاء الناس (في اشارة الى المعارضين) لا يرغبون في عقد السلام. يأتون الى هنا مع شروط مسبقة لا تتوافق في اي شكل مع جنيف-1، وتتعارض مع رغبات الشعب السوري وحتى مع خطط الأخضر الابراهيمي».
وشددت المستشارة السياسية والإعلامية للرئيس السوري بشار الأسد بثينة شعبان، على ان الوفد الرسمي لم يأت الى جنيف «للتحدث عن السلطة».
وقالت: «نحن هنا لنتحدث عن وقف الإرهاب ووقف سفك دماء الشعب السوري وبدء مسار سياسي يقرره الشعب السوري دون اي تدخل اجنبي».
في السياق، أكد وزير الإعلام السوري عمران الزعبي على ان «الرئيس بشار الأسد سيكمل ولايته وفقا للدستور السوري الذي يسمح له بالترشح مجددا» الى الانتخابات التي من المقرر ان تجري منتصف العام 2014.
وأضاف: «هذه مسألة منتهية والانتخابات القادمة يمكن ان يكون هناك مرشحون آخرون وفقا للتعديلات الدستورية الموجودة»، و«ستكون شفافة وديمقراطية».
هولاند والفاتيكان
صرح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بعد لقاء مع البابا فرنسيس أمس في روما بالأمل في أن يستقبل الفاتيكان الائتلاف الوطني السوري اكبر مجموعة للمعارضة السورية. وقال هولاند في لقاء مع الصحافيين: «عبرت عن الأمل في ان يستقبل الفاتيكان الائتلاف الوطني السوري»، مؤكدا أن «مؤتمر جنيف يجب ان ينصب على الانتقال». وأضاف: «علينا أن نبذل كل جهد لوقف المعارك وتوزيع المساعدة الإنسانية». روما- أ.ف.ب
