غادر وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس منطقة الشرق الأوسط بعد أربعة أيام قضاها متنقلاً بين رام الله وتل أبيب وعمّان والرياض، محاولاً تقريب وجهات النظر بين الاسرائيليين والفلسطينيين بشأن الأفكار التي قدمها لاستئناف عملية السلام، وسط تسريبات كثيرة في الصحافة الاسرائيلية كشفت عن مضمون بعض الأفكار «الصادمة» حول تبادل الأراضي والسكان ويهودية الدولة ومعضلة الأغوار.

وفي حين أعلن رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية أمس إنه يمكن للمئات من أعضاء حركة فتح الذين خرجوا من غزة بعد القتال بين الحركتين في العام 2007 العودة إليه الآن فيما وصفها بأنها خطوة من أجل الوحدة الفلسطينية، ودع كيري أمس الشرق الأوسط في ختام أربعة أيام من المحادثات المكثفة، ولكن من دون أن ينجح في إقناع اسرائيل والفلسطينيين بخطته لتحقيق السلام بينهما.

وكان الدبلوماسيون الأميركيون حذروا من أنه يجب عدم توقع حدوث اختراق في جولة كيري هذه، العاشرة للوزير الأميركي إلى المنطقة، والتي اصطدمت فيها مقترحاته بالهوة الشاسعة التي لا تزال تباعد بين مواقف الفلسطينيين والاسرائيليين.

وقبل مغادرته المنطقة، التقى كيري مبعوث الرباعية الدولية إلى الشرق الأوسط (الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة) توني بلير، والزعيم الجديد للمعارضة الاسرائيلية اسحق هيتزوغ.

جولة محادثات

وذكرت الإذاعة الاسرائيلية العامة أمس أن عودة الوزير كيري جاءت بهدف القيام بجولة محادثات أخرى مفترضة مع الإسرائيليين والفلسطينيين، وذلك بعد زيارته للعاصمة الأردنية عمان والمملكة العربية السعودية، مضيفة أنه «لم يحدد بعد أي لقاء بين كيري ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، وفق ما أكدت الإذاعة».

وقال كيري بعد الاجتماع مع العاهل السعودي «إن الملك عبدالله يؤيد بشدة الجهود الأميركية لتحقيق السلام الإسرائيلي الفلسطيني»، مؤكداً أن مبادرة السلام السعودية تشكل جزءًا من اتفاقية الإطار التي يسعى إلى اعتمادها والتي ستطرح على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، موجهاً الشكر للعاهل السعودي «لتأييده الحماسي للجهود التي تبذل في ما يتعلق بعملية السلام والجهود الساعية لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي».

ولم يكشف كيري رسمياً أي تفاصيل مما طرحه من أفكار، وإن تردد أنه عرض اقتراحات أمنية تتعلق بغور الأردن رفضتها اسرائيل.

دحض التوتر

من جهته، نوه وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في المؤتمر الصحافي المشترك مع نظيره الأميركي بالعلاقات القوية بين البلدين، مشيراً إلى أن الاجتماع «المميز والسلس» الذي استمر لثلاث ساعات «يدحض التحليلات والتعليقات والتسريبات التي أسهبت مؤخرًا في الحديث عن العلاقات السعودية الأميركية، وذهبت إلى حد وصفها بالتدهور، ومرورها بالمرحلة الحرجة والدراماتيكية».

وأضاف الفيصل: «تم خلال الاجتماع بحث واستعراض قضايا المنطقة والقضايا الدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة في ما يتعلق باليمن وسوريا ولبنان، كما ناقشنا أيضا النزاع الفلسطيني الإسرائيلي، ووجهات النظر متطابقة حيال ضرورة تحقيق السلام العادل والدائم والشامل وفق مبادئ الشرعية الدولية وقراراتها، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية».

ولكن غياب كيري عن المنطقة لن يطول. فمن المقرر أن يعود إلى المنطقة مطلع الأسبوع المقبل لمواصلة جهوده التفاوضية، كما أكدت الصحافة الاسرائيلية.

وكشف القيادي الفلسطيني ياسر عبد ربه عن حصول «مفاوضات جدية حول طريقة التقدم» في المفاوضات، ولكنه حذر من أنه لا يجب توقع «رؤية شيء مكتوب قريباً» بسبب عدم حصول «تقدم حقيقي» في ما يتعلق بالقضايا الأكثر حساسية.

تسريبات

إلى ذلك، كشفت تصريحات لعدد من الوزراء الاسرائيليين أدلوا بها يوم أمس عن كواليس ما عرضه وزير الخارجية الأميركي جون كيري من أفكار على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي.

وكشف وزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي يوفال شتاينتز امس أن اقتراحا أميركيا جرى بحثه يقضي بنشر انظمة متطورة للدفاع والمراقبة في منطقة غور الأردن على طول الحدود بين الضفة الغربية والأردن حال انسحاب اسرائيل من هناك.

مفاجأة كبيرة

وتحدثت وسائل إعلام اسرائيلية عن «مفاجأة كبيرة» عكستها أقوال وزير الخارجية افيغدور ليبرمان وحديثه عن الدولة الفلسطينية، بما في ذلك تسليم مناطق في شمال إسرائيل للفلسطينيين.

ودخل ليبرمان المحسوب على قوى اليمين المتطرف بتصريحاته في تفاصيل الحل المقترح مع الفلسطينيين بإعلانه الجازم الذي نشر على نحو مكثف في وسائل الإعلام الاسرائيلية عبر تأكيده «أنه لن يؤيد أي اتفاق مع الفلسطينيين لا يشمل تبادل أراض وسكان».

وبدا واضحا أن ليبرمان الذي يعد من أهم حلفاء رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو واثق بجهود الوزير كيري على نحو غير معتاد منه، بما في ذلك ما قدمه من اقتراحات وصفها بالإيجابية، مؤكداً «أهمية التخلص من الفلسطينيين في منطقتي المثلث ووادي عارة في إطار أي حل قد يتم التوصل إليه».

وكشفت صحيفة «معاريف» الإسرائيلية عن أن الوزير كيري عرض على اسرائيل الموافقة على عودة عدد محدود من اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي الخاضعة لسيطرتها.

مصالحة حماس

إلى ذلك، أكد رئيس وزراء حكومة حماس إسماعيل هنية أمس إنه يمكن للمئات من أعضاء حركة فتح الذين خرجوا من غزة بعد القتال بين الحركتين في العام 2007 العودة إليه الآن فيما وصفها بأنها خطوة من أجل الوحدة الفلسطينية.وتبدو هذه مبادرة بارزة من أجل المصالحة بين حماس وفتح التي يدعمها الغرب في الضفة الغربية في وقت تعاني فيه الحركة الإسلامية من عزلة اقتصادية وسياسية.

لكن ناطقاً باسم فتح رفض هذه الخطوة واصفا إياها بالسطحية ودعا حماس لتنفيذ الاتفاقات السابقة بشأن الوحدة الفلسطينية.

وكان زعماء الحركتين التزموا باتفاق بخصوص الوحدة توسطت فيه مصر في العام 2011 لكنه تبدد بسبب نزاعات حول تقاسم السلطة وإيجاد استراتيجية مشتركة في الصراع الطويل مع إسرائيل.

وقال هنية في مؤتمر صحافي إن حكومته ستطلق قريبا أيضا سراح عدد من أعضاء فتح المسجونين دون أن يذكر تفاصيل.

 

منع أسير محرر من السفر لتلقي العلاج

قال رئيس الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطيني الوزير حسين الشيخ، إنه تم منع الأسير المحرر نعيم الشوامرة بالمغادرة إلى الأردن لتلقي العلاج بشكل رسمي، فيما واصلت قوات الاحتلال مداهمة البيوت في الضفة الغربية واعتقال الفلسطينيين.

وقال الشيخ «إنه تم منع الشوامرة من السفر للمرة الثانية بذرائع أمنية»، في حين قال وزير شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع «إن حكومة إسرائيل وأجهزتها الأمنية تصرفت بطريقة بشعة ولا أخلاقية بالمماطلة الطويلة والقاتلة للسماح للأسير المريض نعيم الشوامرة بالسفر من أجل العلاج إلى الأردن»، مشيراً إلى أن «المماطلة بعدم السماح للأسير الشوامرة بالسفر هي جريمة بحقه تضاف إلى جريمة مرضه الخطير، الذي أصيب به داخل السجن، وهو مرض ضمور العضلات، وأن التأخير في عدم تلقيه العلاج يزيد من تدهور وضعه الصحي».

من جانب آخر، داهمت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر أمس، منزل أسير في بلدة برقين غرب جنين.

وذكرت مصادر أمنية أن قوات الاحتلال داهمت منزل الأسير حمزة ستيتي، بعد اقتحامها لبلدة برقين وفتشته وعبثت بمحتوياته، بعد أن أجبرت سكانه على الخروج إلى العراء. في الاثناء، اعتدى مجموعة من المستوطنين على عدد من المزارعين ومتضامنة اجنبية اثناء توجههم الى ارضهم قرب مستوطنة سوسيا جنوب الخليل، أمس مما أدى إلى إصابة ثلاثة مواطنين ومتضامنة أجنبية، كما أصيب ثلاثة مستوطنين عندما تصدى لهم المواطنون. على صعيد متصل، اعتقل الجيش الإسرائيلي صباح أمس تسعة فلسطينيين بالضفة الغربية.

وأفاد موقع «والا»الإسرائيلي أن الجيش اعتقل تسعة فلسطينيين في كل من برقا وبرقين وكفر نعمة و حجة والخليل بالضفة الغربية، فيما استدعي منسق اللجنة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان راتب الجبور ومواطنين آخرين لمقابلة مخابراته في المدينة.