روج وزير الخارجية الأميركي جون كيري، في اليوم الرابع من جولته المكوكية المستمرة في المنطقة التي قادته إلى السعودية والأردن أمس، لخطة تسوية "عادلة ومتوازنة" بالنسبة إلى الإسرائيليين والفلسطينيين، متحدثاً عن تقدمٍ في فك "أحجية" السلام في المنطقة، ومستغلاً الفرصة لإصدار مواقف تتعلق بالملفات الساخنة في سوريا والعراق وجنوب السودان.
والتقى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في روضة خريم أمس وزير الخارجية الأميركي، حيث بحثا العلاقات الثنائية وملفات المنطقة الساخنة كالعراق وسوريا، فيما تصدر ملف عملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين محور المحادثات. وقالت مصادر مطلعة إن كيري الذي استقبله نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل في مطار الرياض والتقى به قبل اجتماعه بخادم الحرمين، "حاول الحصول على دعم المملكة لمبادرته من أجل السلام في الشرق الأوسط".
وفي عمان، اجتمع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بوزير الخارجية الأميركي، وأكد عبدالله الثاني أن بلاده "مستمرة في دعم جهود تحقيق السلام، وصولاً إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، وبما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة والقابلة للحياة على خطوط الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، وشدد على أن الأردن "سيواصل دوره في دعم مسار مفاوضات السلام، استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين ومبادرة السلام العربية، وبالتنسيق مع جميع الأطراف، وبما يحمي مصالحه العليا، خصوصاً تلك المرتبطة بقضايا الوضع النهائي".
وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، أعاد العاهل الأردني تأكيد موقف عمّان "الداعم لإيجاد حل سياسي شامل للأزمة يوقف مأساة الشعب السوري، ويحفظ وحدة سوريا أرضاً وشعباً".
ووضع كيري ملك الأردن "في صورة المراحل والخطوات التي تمر بها مفاوضات السلام، والمساعي المبذولة لتحقيق تقدم فعلي في المستقبل"، معرباً عن "تقدير الإدارة الأميركية لما يبذله الأردن من جهود للتخفيف من معاناة الشعب السوري، واستضافته أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين".
عادلة ومتوازنة
وقبيل ذلك، قال كيري في تصريحات صحافية من القدس المحتلة "أستطيع أن اضمن لكل الأطراف أن الرئيس (باراك) أوباما وأنا شخصياً ملتزمان بتقديم أفكار عادلة ومتوازنة للجميع"، وأفاد أن الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي "اتخذا قرارات صعبة بشأن التوصل إلى تسوية للصراع"، مشيراً إلى أن المحادثات التي أجراها مع الطرفين خلال الأيام الماضية كانت "إيجابية وجدية جداً، ولكنها ليست سهلة"، وأردف أن "أمن إسرائيل هو مبدأ أساسي"، مضيفاً أن "الولايات المتحدة مهتمة أيضاً بالفلسطينيين ومستقبلهم".
وتابع "المسار يصبح أكثر وضوحاً، واللغز يصبح أكثر تحديداً، وبات أكثر وضوحاً للجميع ما هي الخيارات الصعبة المتبقية"، مستطرداً "لكن لا أستطيع إبلاغكم تحديداً بالموعد الذي قد تنتظم فيه القطع الأخيرة من اللغز في مكانها"، في حين أفاد مسؤولون فلسطينيون أن كيري جدد طلبه من الفلسطينيين الإقرار بيهودية إسرائيل.
عراقيل إسرائيلية
لكن خلافاً لتصريحات كيري، صرح وزير شؤون الاستخبارات الإسرائيلي يوفال شطاينيتس بأنه "يوجد شك هائل في ما إذا كان (الرئيس الفلسطيني محمود) عباس مهتماً بالتوصل إلى سلام"، وادعى أن جهاز التعليم في السلطة الفلسطينية "يربي من خلال رسالتين أساسيتين، الأولى هي القضاء على إسرائيل والتخلص من اليهود، والثانية هي الإعجاب بهتلر" الزعيم الألماني النازي.
كما نقل موقع "واللا" الإلكتروني الإسرائيلي عن وزير الحرب موشيه يعلون، معارضته لأن "تتنازل إسرائيل عن حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية"، معتبراً أنه إذا تم تطبيق نموذج الانسحاب من قطاع غزة على الضفة الغربية، فإن "حركة حماس قد تنهي حكم السلطة". وذكرت الإذاعة الإسرائيلية بأن كيري "يعتزم العودة إلى إسرائيل وفلسطين الاثنين، بعد الزيارتين إلى الأردن والسعودية".
الملف السوري
وكان كيري أصدر تعليقات من القدس المحتلة تتعلق بملفات المنطقة الساخنة، إذ ذكر أن الولايات المتحدة "منفتحة" إزاء مساهمة إيرانية "مفيدة" خلال مؤتمر السلام المقبل في سويسرا، الهادف إلى إنهاء النزاع في سوريا. وقال كيري للصحافيين"نحن مسرورون بأن تكون إيران مفيدة"، مضيفاً أن على طهران أن "تدفع أيضاً قدماً المفاوضات حول برنامجها النووي، وأن تتعاون مع المجموعة الدولية حول سوريا والملف النووي"،
وتساءل "هل يمكن لهم (الإيرانيون) أن يسهموا من على هامش المؤتمر؟ هل يمكن أن يسهموا بشكل مفيد في العملية (سوريا)؟، قد تكون هناك طرائق لحصول ذلك".
الملف العراقي
وبخصوص العراق، صرح وزير الخارجية الأميركي بأن واشنطن تساند بغداد في جهودها ضد ناشطي "القاعدة"، مضيفاً "سنقف إلى جانب حكومة العراق التي تبذل جهوداً (ضد القاعدة)، لكنها معركتها، وهذا الأمر حددناه من قبل"، وتابع: "سنساعدهم في معركتهم، وهي معركة عليهم الفوز فيها في نهاية المطاف، وأنا واثق بأنهم يستطيعون تحقيق ذلك"، موضحاً أن الولايات المتحدة "ستواصل اتصالاتها الوثيقة".
جنوب السودان
أما في ما يتعلق بالمعارك في جنوب السودان، فدعا رئيس الدبلوماسية الأميركية طرفي النزاع إلى "تغليب مصلحة بلدهما، وعدم استخدام المفاوضات بينهما للتحايل، بهدف تسجيل مكاسب على الأرض"، وقال إن "الجانبين بحاجة إلى أن يضعا مصلحة جنوب السودان فوق كل اعتبار"، مضيفاً أن المفاوضات "يجب أن تكون جدية، لا يمكن أن تكون مهلة أو وسيلة للتحايل"، وأردف أن الجانبين "يجب أن يتحليا بالشجاعة والتصميم، والنية الواضحة للتوصل إلى حل سياسي".
«فتح» و«حماس» نحو حكومة كفاءات
كشفت مصادر فلسطينية مطلعة في رام الله، أمس، أن «اتفاقاً يتبلور حاليا بين حركتي فتح وحماس حول تشكيل حكومة وحدة وطنية أو كفاءات على أن تجرى الانتخابات خلال 6-9 شهور من تشكيل تلك الحكومة».
ونقلت وكالة «سما» الفلسطينية عن المصادر التي لم تكشف عنها قولها إن «اجواء ايجابية وبناءة تسود الاتصالات بين الرئيس (محمود) عباس ورئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية ورئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وان انفراجة متوقعة تتبعها خطوات عملية ستحدث خلال الأيام المقبلة».
وكان هنية أعلن الخميس الماضي أن «حماس ستتخذ قرارات مهمة لتمهيد الطريق لتنفيذ المصالحة، من دون أن يحدد موعد هذه القرارات أو طبيعتها». وقال هنية خلال تخريج دورة لجهاز الأمن والحماية في غزة: «سنتخذ في القريب العاجل قرارات مهمة على صعيد العلاقة الوطنية الداخلية من أجل خلق مناخ وطني أكثر ملاءمة ولتمهيد الطريق لتحقيق المصالحة المجتمعية بقطاع غزة والضفة الغربية ومن ثم لتحقيق المصالحة العامة».
وصرح المستشار السابق لرئيس الإدارة المدنية في غزة أحمد يوسف أن توقعاته حول القرارات التي تحدث عنها هنية «تتمثل في السماح بإجراء الانتخابات البلدية والنقابية في قطاع غزة».
وأضاف يوسف أن هنية «يتبع لغة تصالحية ويحاول أن يقدم مبادرات، وأجرى العديد من اللقاءات والاجتماعات مع قادة الفصائل وقادة مؤسسات المجتمع المدني والمفكرين والأكاديميين والإعلاميين في غزة في محاولة منه للوصول إلى مقترحات معنية.

