داهمت القوات العراقية ساحة الاعتصام بمدينة الرمادي (مركز محافظة الأنبار) بعد حصار دام 12 ساعة وقطع للاتصالات والإنترنت، فدارت معارك دامية بين القوات المهاجمة والمعتصمين لم تتكشّف حصيلتها النهائية وسط تضارب في الأرقام وتكتّم رسمي، لكن تشريبات أشارت إلى نحو 15 قتيلاً. وفي وقت دعت مساجد الرمادي إلى الجهاد.. نقل عن رئيس الوزراء العراقي القول إنّ «العمليات العسكرية الجارية في الأنبار وحّدت العراقيين» و«عنوان الانتصار الحقيقي».
وفي حين قال الناطق باسم القوات العراقية الفريق محمد العسكري إن قرار دخول ساحة الاعتصام وإزالة الخيم جاء بعد أن تأكد للحكومة أن الساحة تحولت إلى «ساحة للإرهابيين» وأنها تضم عناصر من القاعدة مندسة بين المتظاهرين، حسب قوله.. أفاد مصدر في الشرطة العراقية في محافظة الأنبار بأن عدداً من مسلحي العشائر وقوات الجيش سقطوا بين قتيل وجريح في اشتباكات جرت بين الجانبين قرب ساحة اعتصام الرمادي (118 كيلومتراً غربي بغداد). وتحدثّت مصادر طبية عن مقتل عشرة.. إذ قال مسؤولو مستشفى ومشرحة إن عشر جثث وصلت إلى مشرحة الرمادي.
وأعلن مصدر في ديوان محافظة الأنبار بأن 15 شخصاً قتلوا فيما أصيب 40 آخرون في الاشتباكات بين مسلحي العشائر وقوات الجيش شرقي الفلوجة، مؤكداً أن هناك عدداً من الأطفال والنساء بين القتلى والجرحى الذين كشف أن بينهم 13 امرأة وطفلاً.
وقال المصدر إن الأطفال قتلوا نتيجة قصف مدفعي على مناطق شرق الفلوجة.
ونقلت مصادر إخبارية أنّ عشائر البوفراج والبوعلي والبوفهد والبونمر والبوعساف اشتبكت مع قوات الجيش قرب ساحة الاعتصام ما اسفر عن سقوط قتلى وجرحى من بين الجانبين، وتدمير دبابة عسكرية وثلاثة همرات.
وبينما أخذت مساجد مدينة الفلوجة بالتكبير ودعوة المواطنين للخروج والتوجه إلى ساحة الاعتصام.. كسر عدد كبير من السيارات المدنية حظر التجوال المفروض على المحافظة منذ ثلاثة أيام لغوث أهلهم.
رواية رسمية
وفي الرواية الرسمية لما جرى، أوضح الناطق الحكومي علي الموسوي أن «الشرطة المحلية والعشائر وبالتنسيق مع الحكومة المحلية في الأنبار انتهت من إزالة الخيم التي في الساحة وفتحت الشارع الذي كان مغلقاً».
وتابع المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة أنّ العملية جرت «دون أي خسائر بعد فرار القاعدة وعناصرها من الخيم إلى المدينة وتجري ملاحقتهم حالياً».
تسريبات عن حل
وجاء الهجوم المباغت متزامناً مع تسريبات عن حل للآزمة، وبعد حصار فرض على الأنبار منذ ثلاثة أيام، إذ منع الدخول والخروج، من المنطقة التي عزلت عن العالم بعد قطع الاتصالات السلكية واللاسلكية.
ودارت اشتباكات ضارية بين قوات الأمن العراقية ومسلحي الرمادي، وسط دعوات تطلق من بعض المساجد للجهاد.
وأفادت وكالة «فرانس برس» إنّ الاشتباكات دارت قرب موقع الاعتصام المناهض لرئيس الحكومة نوري المالكي، وأن مروحيات عسكرية شاركت في الهجوم، الذي تم من محورين.
وكانت قناة «العراقية» الحكومية أعلنت في خبر عاجل صباحاً في تمويه على الهجوم أنّ «الشرطة المحلية تقوم برفع الخيم من ساحة الاعتصام في الأنبار بالتعاون مع مجلس المحافظة»، مضيفة أن «رفع خيم الاعتصام في الأنبار طبقاً للاتفاق بين قوات الأمن ورجال الدين وشيوخ العشائر».
انتقال عدوى
وتمدّد لهب التوتّر إلى مدينة الفلوجة القريبة التي شهدت اشتباكات بين الجيش العراقي ومسلحين ادت الى احراق عدد من الاليات العسكرية. من جهته قال الطبيب عاصم الحمداني من مستشفى الفلوجة العام ان الاشتباكات ادت ايضا الى اصابة 11 من المسلحين بجروح.
ميليشيات من الشرق
وفي سياق متصل، تحدّثت قناة «العربية» عن التحاق ميليشيات مسلحة تلقت تدريبات شرق العراق بالقوات النظامية في الهجوم على الأنبار.
المالكي: الانتصار الحقيقي
وفي هذه الأجواء المحتقنة، قال المالكي خلال استقباله أمس عدداً من شيوخ ووجهاء عشائر عراقية إن «العمليات العسكرية الجارية في الأنبار وحّدت العراقيين خلف القوات المسلحة، وهذا هو عنوان الانتصار الحقيقي».
وتابع بحسب بيان رسمي أن «عمليات الأنبار هي أكبر ضربة للقاعدة التي خسرت ملاذها الآمن في مخيمات الاعتصام، وهو أمر واضح ومعروف لدى الجميع ومعلن في وسائل الإعلام من خلال تهديدات أعضاء هذا التنظيم من داخل هذه المخيمات».
ويخشى أن تؤدي عملية رفع خيم الاعتصام إلى مزيد من أعمال العنف في العراق الذي يشهد تصاعداً في أعمال القتل اليومية منذ إزالة اعتصام مماثل في الحويجة غرب كركوك (240 كيلومتراً شمال بغداد) في إبريل، حيث قتل أكثر من 50 شخصاً.
استقالات نواب
على الصعيد، تقدم 44 نائبا عراقيا باستقالاتهم بعد فض اعتصام الأنبار، مطالبين بسحب الجيش من المدن واطلاق سراح نائب سني اعتقل السبت الماضي.
واعلن النائب ظافر العاني في بيان تلاه في مؤتمر صحافي والى جانبه رئيس البرلمان اسامة النجيفي: «قدم اعضاء مجلس النواب من قائمة المتحدون للإصلاح استقالاتهم»، معلنا اسماء 44 نائبا قرروا الاستقالة.
البرلمان العربي يستنكر
استنكر أحمد بن محمد الجروان رئيس البرلمان العربي اعتقال النائب العراقي أحمد العلواني من قبل قوة أمنية هاجمت مقر إقامته في الرمادي بالعراق، وما تخلل عملية الاعتقال من اشتباكات مسلحة، أسفرت عن مقتل شقيق النائب وبعض حراسه. وقال الجروان، إن البرلمان العربي يستنكر التعدي على النواب واعتقالهم القسري خارج إطار الشرعية القانونية والسياسية، مشيراً إلى أن العلواني يتمتع بحصانة بصفته عضواً في مجلس النواب العراقي.
وطالب الجروان بالإفراج الفوري عن النائب العراقي العلواني، وإجراء تحقيق بملابسات عملية الاعتقال الدامية. ومن جهة أخرى، استنكر الجروان الاقتتال الجاري في الأنبار، مشيراً إلى أن مثل هذه الأحداث، من شأنها أن تضر بأمن واستقرار وسلامة الشعب العراقي، وتهدد وحدته، والتحامه. القاهرة - وام

