تعالت تحذيرات حلفاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد أمس من مغبّة أي تدخل عسكري غربي وشيك ضد سوريا، حيث أكدت موسكو أن العواقب ستكون «كارثية» على المنطقة حال التدخل، فيما أبدلت طهران المصطلح بـ «الوخيمة»، في وقت اعترفت فيه دمشق بان استهدافها الغوطة هو دفاعاً عن العاصمة، بينما بدا وزير الخارجية السوري وليد المعلم وكأنه يسير على درب وزير الإعلام العراقي الأسبق محمد سعيد الصحّاف قبيل اندلاع الحرب الأميركية ضد نظام صدام حسين.
حيث أطلق المعلم تصريحات نارية بنبرة غامضة حين أعلن أن بلاده لديها «أدوات» دفاع ستفاجئ بها الآخرين في حال شن ضربة عسكرية، تزامناً مع تأجيل الجولة الثانية من زيارة فريق المفتشين الدوليين لمنطقة الغوطة الشرقية بريف دمشق التي قصفت بالكيماوي إلى اليوم.
وقال المعلم في مؤتمر صحافي أمس، أنه لا يجزم بحدوث ضربة عسكرية لبلاده، لكن «في حال قيامهم بضربة عسكرية أمامنا خياران إما الاستسلام أو الدفاع عن أنفسنا وسندافع عن أنفسنا بالوسائل المتاحة». وأضاف: «سوريا ليست لقمة سائغة. لدينا أدوات دفاع عن النفس سنفاجئ بها الآخرين.. يجب أن نؤمن بالنصر». وقال المعلم إن الحملة العسكرية التي يقوم بها الجيش السوري في الغوطة هو ضربة استباقية لمخططهم (المعارضة ) الذي يهدف إلى ضرب دمشق. وتابع أن الهدف الثاني والأهم «هو حماية المدنيين من الهجمات المسلحة»، وطمأن سكان دمشق بأن «غاية هذا الجهد العسكري هو تأمين سلامتهم ولذلك فإنه لن يتوقف».
مكالمة كيري
من جهة أخرى قال المعلم إنه إذا «كان هناك من يتهم القوات المسلحة في سوريا باستخدام السلاح الكيماوي فأتحداه أن يقدم أي دليل على اتهامه للرأي العام». وأضاف: «إن كانوا يريدون العدوان على سوريا فإن ذريعة استخدام السلاح الكيماوي غير دقيقة وباهتة وإذا كان الهدف من حملتهم التأثير المعنوي على الشعب السوري فهم مخطئون، وأتحداهم أن يظهروا ما لديهم من أدلة».
فريق «الكيماوي»
في السياق، قررت الأمم المتحدة تأجيل زيارة فريق الخبراء الذي يحقق في استخدام السلاح الكيماوي بريف دمشق إلى يوم الأربعاء لتحسين الجهوزية وسلامة أفراده. وأصدرت الأمم المتحدة أمس بياناً قالت فيه: «بعد الهجوم يوم الاثنين على موكب الأمم المتحدة، توصل تقييم شامل إلى أن الزيارة يجب أن تؤجل ليوم واحد من أجل تحسين الجهوزية وسلامة الفريق». وأضافت: «نظراً إلى التعقيدات في الموقع، لم يتم تأكيد القدرة على الدخول ولكن من المتوقع الحصول عليها خلال ساعات».
«عواقب» روسية وإيرانية
إلى ذلك، دعت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة الأميركية والأسرة الدولية إلى «الحذر» بشأن سوريا، محذرة من أن أي تدخل عسكري ستكون له «عواقب كارثية» على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واعتبرت الخارجية الروسية أن «المحاولات الرامية إلى الالتفاف على مجلس الأمن وإيجاد ذرائع واهية وعارية عن الأساس مرة جديدة من أجل تدخل عسكري في المنطقة، ستولد معاناة جديدة في سوريا.
وستكون لها عواقب كارثية على الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا». وأضافت الوزارة: «إننا ندعو شركاءنا الأميركيين وجميع أعضاء المجتمع الدولي إلى الحذر، وإلى الاحترام الصارم للقانون الدولي، خاصة المبادئ العامة لميثاق الأمم المتحدة». كما اعتبرت الخارجية الروسية، قرار الولايات المتحدة تأجيل لقاء أميركي ـ روسي كان يفترض عقده في لاهاي لبحث إقامة مؤتمر دولي حول الأزمة السورية، بأنه يشجع المعارضة هناك على «التعنّت».
من جانبها، حذرت إيران مسؤول كبير في الامم المتحدة من ان تدخلا عسكريا ضد دمشق قد تكون له «عواقب وخيمة» على سوريا والمنطقة برمتها. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية عباس عراقجي إن وزير الخارجية محمد جواد ظريف أكد خلال حديث مع الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان الذي يزور طهران حالياً أن «استخدام الوسائل العسكرية ستكون له عواقب وخيمة ليس فقط على سوريا بل أيضا على المنطقة برمتها».
وفي طهران أيضاً، استبعد وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان، قيام الولايات المتحدة بهجوم عسكري ضد سوريا. ونقلت قناة «العالم» الإيرانية عن دهقان، أن «التجارب التي اكتسبتها أميركا في هجماتها على العراق وأفغانستان ستحول دون ارتكابها خطأ آخر وتوريط نفسها في مستنقع آخر في المنطقة».
النظام يقصف مناطق الغوطة بكثافة والجيش الحر يدمّر رتلاً عسكرياً
قالت شبكة «شام» الإخبارية، أمس، إن قوات الجيش السوري الحر دمرت رتلاً عسكري مليئا بالذخيرة كان متوجها إلى الفوج 137 بمنطقة خان الشيح في ريف دمشق الغربي، في حين أوقع قصف قوات النظام السوري عددا من القتلى، وسط تواصل الاشتباكات في عدد من المناطق السورية. وفي الأثناء قصف الطيران الحربي ريف دمشق بكثافة مستهدفا بلدة البلالية في الغوطة الشرقية.
كما قصفت راجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة مدن وبلدات حجيرة البلد وجسرين وسقبا وداريا وقارة ومعضمية الشام ودوما ومعظم مناطق الغوطة الشرقية. وبحسب شبكة «شام» فقد أوقع قصف قوات النظام على مدينة كفربطنا، ثلاثة قتلى وعشرات الجرحى.
وفي دمشق قصفت المدفعية الثقيلة أحياء برزة وجوبر والقابون ومخيم اليرموك، كما سقطت عدة قذائف هاون على أحياء البرامكة والمالكي والعباسيين والمزرعة وشارع الحمرا وشارع الملك فيصل والقصاع وأبو رمانة، وسط اشتباكات عنيفة في محيط أحياء القابون وجوبر وبرزة بين الجيش الحر وقوات النظام. كما تعرضت أحياء حمص المحاصرة إلى قصف عنيف بالمدفعية الثقيلة والدبابات، في ظل اشتباكات عنيفة في حي القصور بين الجيش الحر وقوات النظام.
وبريف حمص قصفت قوات النظام بالمدفعية الثقيلة وقذائف الهاون مدن الرستن وقلعة الحصن وبساتين مدينة تدمر، في ظل اشتباكات عنيفة في منطقة بساتين تدمر بين الجيش الحر والنظامي. وفي تطور آخر أفاد سكان من حمص بأن قوات المعارضة حاولت استعادة بلدة تلكلخ الاستراتيجية على بعد أربعة كيلومترات من الحدود الشمالية للبنان.
وبالتزامن مع ذلك قصفت المدفعية الثقيلة حلب مستهدفة حي الفردوس، في ظل اشتباكات في حي الشيخ سعيد بين الجيش الحر وقوات النظام. وقد أوقع قصف الطيران الحربي الذي استهدف معهد للطلبة في بلدة أورم الكبرى في ريف حلب أربعة قتلى وعددا من الجرحى. في المقابل، ذكرت شبكة «شام» أن الجيش الحر تمكن من السيطرة على بلدة خناصر بمنطقة السفيرة بريف حلب الجنوبي.
مشيرة إلى مواصلة عملية تمشيط هذه المنطقة. وقطعت قوات المعارضة، أول من أمس، طريق الإمداد الوحيد لقوات النظام بحلب، بعد أن سيطرت على بلدة خناصر الاستراتيجية، بعد معارك أدت لمقتل قائد قوات جيش الدفاع الوطني العقيد حسن خاشير، إضافة لعشرات العناصر النظامية حسب ناشطين.
أكراد سوريا
قال رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري صالح مسلم إنه «لا يعتقد أن الرئيس السوري بشار الأسد من الغباء» بحيث يستخدم أسلحة كيماوية قرب دمشق. وقال انه «يشك في أن يلجأ الرئيس السوري إلى استخدام مثل هذه الأسلحة وهو يشعر أن له اليد العليا في الحرب الأهلية في البلاد». وأشار مسلم إلى أن هجوم الغوطة إنما نفذ «لتحميل الأسد المسؤولية عنه وإثارة رد فعل دولي». برلين- أ.ف.ب
تحذير لبناني
حذر وزير الخارجية اللبنانية عدنان منصور أمس من تداعيات سلبية على المنطقة في حالة شن حرب على سوريا. وقال منصور في حديث إذاعي: «لا أتصور أن هذا الإجراء يخدم السلام والاستقرار والأمن في المنطقة». وأشار إلى «أنه لا يمكن أن تترك المنطقة بين أيدي دولة واحدة، لأن هناك توازنات دولية ومصالح استراتيجية لدول العالم».
وقال: «إذا ما قامت واشنطن بعملية عسكرية ضد سوريا، فإن روسيا لن تدخل في حرب مباشرة معها لأن أي مواجهة بين هاتين الدولتين الكبيرتين ستدخل العالم في حرب لا حدود لها». لكنه لفت الى «أن لدى روسيا وسائل عدة يمكن أن تتخذها للجم أي عملية عسكرية ضد سوريا». بيروت- يو.بي.آي
