صعدت دول غربية لهجتها ضد دمشق، بعد اتهامات للنظام السوري باستخدام أسلحة كيماوية في قصف ريف دمشق الأسبوع الماضي، ما أدى إلى مقتل المئات على الأقل.

ويأتي هذا التصعيد بينما أبلغت قوى غربية المعارضة السورية بتوقع توجيه ضربة عسكرية خلال أيام، حسبما أوردت وكالة "رويترز"، الثلاثاء، وهو أمر حذرت منه إيران.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاي كارني إن الرئيس الأميركي باراك أوباما، يبحث "الرد المناسب" على "الانتهاك السافر للمعايير الدولية"، في إشارة إلى استخدام السلاح الكيماوي، وذلك في أعقاب تلويح الإدارة الأميركية بإمكان اللجوء إلى العنف ضد النظام السوري.

وقال كارني إنه "لا يوجد شك أن السلاح الكيماوي استخدم في سوريا وأن النظام هو من استخدمه. فهو يمتلك القدرة على قصف هذه الأسلحة بالطريقة التي ضربت بها".

ومن جهته تعهد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الثلاثاء، بمعاقبة من قتلوا الأبرياء في سوريا، مشيرا إلى "كل الأدلة تشير إلى أن الحكومة السورية هي من استخدم الكيماوي".

وقال هولاند في مؤتمر صحفي إن الحل الدبلوماسي "لا يلغي الخيار العسكري"، واعتبر أن الحرب "الأهلية" السورية تهدد السلام العالمي، ومشددا على ضرورة الرد على "المجزرة الكيماوية" في سوريا.

كما أكد الرئيس الفرنسي أن بلاده ستعزز المساعدات العسكرية للمعارضة السورية المسلحة.

ويلتقي هولاند، الخميس، رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض أحمد الجربا، وفق ما أعلنت الرئاسة الفرنسية.

وأوضحت مصادر رئاسية أن اللقاء مع الجربا سيتخلله "تقييم للوضع في سوريا في وقت يعيش المجتمع الدولي حال تعبئة لدرس الردود على الهجوم بالأسلحة الكيماوية الذي شنه نظام بشار الأسد".

وفي لندن قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن أي عمل عسكري ضد سوريا يجب أن يكون بشكل محدد، مشددا أننا "لسنا على وشك التورط في حرب بالشرق الأوسط".

وأضاف: "نعلم أن النظام يملك هذه الأسلحة (الكيماوية) وقد سبق له استخدامها. والسؤال هل سنسمح باستمرار استخدام تلك الأسلحة"؟

وتأتي تصريحات كاميرون في وقت أكد مصدر حكومي بريطاني أن لندن لا تسعى إلى "قلب" نظام الحكم في سوريا.

وقال بيان في روما إن رئيس الوزراء الإيطالي إنريكو ليتا اتفق في مكالمة تليفونية مع نظيره البريطاني كاميرون على أن استخدام سوريا أسلحة كيماوية "غير مقبول".

وقال ليتا في بيان "اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا على حقيقة أن سوريا قد تجاوزت نقطة اللاعودة."

وقال البيان إن الهجمات "جريمة غير مقبولة لا يمكن أن يتهاون المجتمع الدولي بشأنها".

ونقلت الوكالة أن الهدف من الضربة العسكرية سيكون منع دمشق من استخدام السلاح الكيماوي، كما قالت إن المعارضة السورية سلمت قوى غربية قائمة بأهداف مقترحة لضربها.

وكان وزير الدفاع الأميركي تشاك هغل صرح أن الجيش الأميركي مستعد للتحرك إذا أمر الرئيس باراك أوباما بذلك في سوريا.

وتدرس الولايات المتحدة وحلفاؤها الدوليون وعلى رأسهم بريطانيا وفرنسا وتركيا القيام بعملية عسكرية ضد الحكومة السورية في حال ثبت استخدامها للكيماوي في غوطة دمشق، حيث قالت تقارير إن مئات الأشخاص قتلوا فيها.

تعليقات عربية ودولية

من جهة أخرى تعددت التصريحات العربية والدولية بشأن الضربة المحتملة على سوريا، وطالب وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، المجتمع الدولي باتخاذ موقف "حازم وجاد" ضد النظام السوري الذي قال إنه "فقد هويته العربية".

وقال سعود الفيصل في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية إنه بعد "استخدام السلاح الكيماوي المحرم.. بات الأمر يتطلب موقفا دوليا حازما وجادا لوقف المأساة الإنسانية للشعب السوري خصوصا أن النظام السوري فقد هويته العربية ولم يعد ينتمي بأي شكل من الأشكال للحضارة السورية التي كانت دائما قلب العروبة".

وقالت الجامعة العربية إن من هم وراء الهجوم الكيماوي يجب أن يواجهوا العدالة الدولية، وحثت أعضاء مجلس الأمن الدولي على تجاوز خلافاتهم واتخاذ إجراء لوقف القتل هناك.

وفي بيان صدر بعد اجتماع في القاهرة حملت الجامعة الحكومة السورية المسؤولية كاملة عن الهجوم، وطالبت بتقديم كل مرتكبي الهجوم لمحاكمات دولية.

وتمسك وزير الخارجية المصري نبيل فهمي بعدم وجود حل عسكري بسوريا، وأضاف أن القاهرة لا "تعتزم تشجيع الجهاد" هناك.

ومن جهته قال رئس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو إن إسرائيل ليست طرفا في الصراع في سوريا، وإنها سترد بقوة على أي هجمات على إسرائيل.            

وفي وقت سابق، الثلاثاء، أعلنت رئاسة الوزراء البريطانية أن لندن تعد خططا لتدخل عسكري محتمل في سوريا.

وقال رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون إن شن هجمات بالأسلحة الكيماوية في سوريا شيء "مقيت تماما" يتطلب تحركا من جانب المجتمع الدولي وإن بريطانيا تدرس اتخاذ "رد مناسب".

وقطع كاميرون عطلته ليعود إلى لندن ودعا لانعقاد البرلمان مبكرا لبحث كيفية الرد على الأحداث الأخيرة في سوريا.

من جهته قال وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو إن شن هجوم كيماوي يمثل "جريمة ضد الإنسانية ينبغي عدم السكوت عنها".

تحذيرات روسية وإيرانية

وحذرت الخارجية الروسية الولايات المتحدة والأسرة الدولية مما سمته "عواقب كارثية" على دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في حال توجيه أي ضربة عسكرية ضد سوريا، ودعتها إلى احترام القانون الدولي.

وأكد وزير الدفاع الإيراني حسين دهقان الثلاثاء أن أي عمل عسكري ضد النظام السوري سيهدد أمن المنطقة واستقرارها.

وقال دهقان في تصريحات لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية: "في حال حصول هجوم عسكري ضد سوريا، فإن أمن المنطقة واستقرارها سيكون مهددا".