تسير الأوضاع في تونس إلى مزيد من الاستقطاب الثنائي بين المعارضة الليبيرالية واليسارية من جهة وحركة النهضة وحلفائها من جهة ثانية ،ومع انطلاق أسبوع الرحيل مساء أول من أمس، بضاحية باردو، بدأت جبهة الإنقاذ الوطني في استعراض قدراتها على الحشد الشعبي، وفي التأكيد على أن لا حل للأزمة الحالية سوى في حل الحكومة والمجلس الوطني التأسيسي، وتشكيل حكومة الإنقاذ الوطني ولجنة الخبراء لإتمام صياغة الدستور.
وتأتي هذه التطورات بعد تداخل المواقف في صلب حركة النهضة التي ما زالت تسعى إلى استيعاب صدمة انهيار حكم «الإخوان» في مصر، ومحاولة قياداتها التنصل من إعلان مبدئي أطلقه راشد الغنوشي الاربعاء الماضي عن قبول مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل للخروج من النفق، سرعان ما تم التراجع عنه، والتأكيد على رفض الحركة حل الحكومة أو استبعاد رئيسها الحالي علي العريض أو التنازل عن الحكم لفائدة مستقلين قادرين على ضمان حياد مؤسسات الدولة قبل وأثناء الانتخابات المقبلة.
قرار نهائي
ويبدو واضحا أن جبهة الإنقاذ قررت الالتجاء إلى الشارع، وهو قرار نهائي ولا رجعة فيه ، حيث ستنطلق سلسلة الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية في الشوارع والساحات، وقال القيادي في الجبهة الشعبية الجيلاني الهمامي: «نحن نعد العدة للصدام في الشوارع من أجل إسقاط النهضة وابعادها عن الحكم بعد فشلها»، مضيفا: «الأزمة قائمة الذات ولن نترك حركة النهضة تحكمنا».
وأردف الهمامي أن حركة النهضة ستدفع ثمن إضاعة الوقت على الشعب التونسي الذي سيحاسبها لاحقا، وهي على حد تعبيره، بصدد تصعيد الأمور، مشيرا إلى أنها « لم تأخذ بعين الاعتبار مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل وموقف المعارضة والمنظمات الراعية للحوار وموقف الشعب التونسي، ولم تأخذ في اعتبارها إلا مصلحتها.. وهي ترى في خروجها من الحكومة عقابا لها».
ضد «الأخونة»
وتشعر الحكومة المؤقتة بالوضع الحرج الذي تمر به، مما دفع برئيسها علي العريض إلى استباق أسبوع الرحيل وحملة «ارحل» بسلسلة تعيينات جديدة في سلك الولاة (المحافظين) وعلى مستوى المؤسسات العسكرية والأمنية، غير أن الهمامي يعتقد أن حركة النهضة قامت بهذه التعيينات من زاوية خاصة بها للالتفاف على حملة «ارحل»، مؤكدا في ذات السياق أن النهضة مخطئة في حساباتها خاصة وأن الشعب اقتنع بأنها سبب الأزمة الحالية في البلاد. وقال إن حركة «ارحل» لطرد كبار المسؤولين وموظفي الدولة المعينين من قبل حركة النهضة في إطار مشروع « الأخونة » ، ستشمل أيضا الولاة ( المحافظين) الذين تم تعيينهم السبت واصفا حركة التعيينات بالحركة الفاشلة التي لن تنجح في إعاقة مجهودات المعارضة للإطاحة بمشروع التمكين الإخواني المعتمد في تونس.
مرحلة الحسم
يرى المراقبون أن المعارضة التونسية المنضوية تحت لواء جبهة الإنقاذ، دخلت مرحلة الحسم النهائي، وهي كما قال منجي الرحوي النائب المنسحب من المجلس الوطني التأسيسي عن حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد «مصرّة على إنهاء المهزلة، وإنقاذ البلاد، وإعادة الدولة إلى وظيفتها وهيبتها وسيادتها المنتزعة منها».
ويضيف الرحوي، الذي يعتبر كذلك من قيادات جبهة الإنقاذ والجبهة الشعبية، إن «الشعب التونسي لن يستسلم، ولن يتراجع عن الحراك الثوري لإسقاط الحكومة وحل المجلس الوطني التأسيسي وتحقيق جملة من الشروط المهمة لضمان تنظيم انتخابات حرة ونزيهة كطرد المسؤولين في مؤسسات الدولة المحسوبين على حركة النهضة والترويكا الحاكمة وحل رابطات حماية الثورة، والكشف عن المتورطين الحقيقين في عمليات الاغتيال التي طالت زعماء المعارضة».
